الحلقة2
ثم عقب المهندس علي بما نصه: ( 8 - قال القهيدان: «الصواب أن جبال قطن تقع جنوب غرب الشقة.. ثم إذا كان الستار هو (الربوض) حالياً حسب تحديدك فالصواب أنه يقع جنوب الشقة!» انتهى.. قلت: إي والله لقد قال القهيدان هكذا ومن لم يصدق فليرجع إلى مقاله.. إنني قد قرأت المقال عدة مرات حتى أصدق أنه قال إن الستار يقع «جنوب الشقة».. هل يعقل مثل هذا الكلام من رجل «يدعي» حسب كلامه أنه باحث..!! إنني أترك الحكم للقراء.. ومن يقل إن الستار جنوب الشقة فهو كمن يقول إن «عنيزة» تقع «جنوب شمال» بريدة..!!). ويضيف المهندس في موقع آخر: (10 - فعلاً لقد قلت: «معروف أن أمطار القصيم ونجد عامة تأتي سحائبها من جهة الغرب أو الشمال الغربي فلابد أنه جلس إلى الغرب تماماً من جبل قطن», وكلمة «إلى الغرب تماماً» هي سبق قلم.. وكنت أعتقد أنها لن تغيب عن فطنة القهيدان.. فسبق اللسان يحدث دائماً وكل الحديث أو المقال سيدل على أنه سبق لسان أو قلم.. ولكنني لم أفهم حتى هذه الساعة كيف يقول لنا القهيدان إن «الستار» يقع جنوب الشقة؟ يبدو أن لديه لبساً في الفهم أو اختلاطاً في الاتجاهات..!!!) (انتهى كلامه) قلت:
1 لقد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
2 ونار لو نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في الرماد |
أقول: فعلاً لقد خاب ظني فيك يا مهندس عندما أرشتك إلى أن هناك مواقع كثيرة في جزيرة العرب وألمحت لك من بعد أن ما كتبته في الصحافة ما هو إلاّ رأي للشيخ العبودي! ثم لماذا القسم يا مهندس؟!! فهل نطقت بكلمة فيها كفر؟ ثم إنني لا أعتقد أن أحداً من الباحثين لم يدرك ما أقوله, ولكن إيضاحاً لمن هم خارج القصيم أرفق خريطة ملونة مصدرها المساحة الجيولوجية توضح موقع الشقة والربوض ومنطقة سكن السحيباني (البدائع)، وليعذرني القارئ الكريم في حالة عدم الرد على أي تعقيب لمهندس قال مثل هذا الكلام! فأنا لم أستطع أن أقنعه في أكثر من تعقيب بتحديد مواقع يسكن في وسطها في الوقت الحالي!! فكيف أقنعه بمواقع في الزمن الجاهلي؟ أيعقل يا أهل القصيم أن يكون سحاب على جبل الربوض قرب دخنة جنوب القصيم ثم يصف لنا امرؤ القيس مواضع تقع في شمال أرض القصيم كالجواء وجبل الموشم؟ من يسدي إليّ معروفا يا سكان نجد ويقنع السحيباني؟ فأنا لا أحب أن أهدر وقتي في غير فائدة. والمصيبة يا مهندس ليتك تقف عند هذا الحد بل تختم كلامك بعبارات عجيبة! تذكر ما قلته (انظروا إلى تركي كيف يناقض نفسه), (فربما كتبته في لحظة نرجسية, (ان البعض يتمترس خلف تسفيه آراء الآخرين والحط من شأنهم ومن قدراتهم؛ حتى يغطي عجزه عن إبداء الرأي الصحيح.. ويبدأ بالتهوين والنهش والاتهام؛ حتى يصرف النظر عن القضية الأساسية).. ولكن مثل هذا سيحكم على نفسه بالفشل لأنك تستطيع (ان تخدع بعض الناس لبعض الوقت). وكقوله (إن الهوى يعمي ويصم البعض عن ان يعترف بأن رأيه خاطئ.. أو ان يصرّ على صحة رأيه ويبني داخل نفسه وهماً أن رأيه هو الصحيح حتى يصدق ذلك فعلاً). وقوله: (يحاولون إيهام الآخرين بأن كلامهم هو الصحيح.. بإيراد كلمات وأقوال ومحاولة التكلم (بمنهج علمي) وذلك بإيراد صفحات وأرقام وجداول وغيرها.. وهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة, وذلك حين يكون النقاش علمياً حول قضية معينة.. يحاولون اغراقنا في الفلسفة والنصوص وهم لا يفهمونها..) (انتهى). أقول: ما تحدثت عنه في الجيولوجيا والجغرافيا والآثار.. هذه أشياء علمية وليست سباحين أم العنزين يا سحيباني، فلا تتخيل أن صفحة مختصة بالآثار تفرد لي ثلاث حلقات في كل حلقة يخصص لها قرابة نصف صفحة على ما وصفت. وكما يقال يا مهندس: (الشمس ما تغطى بمنخل) فالطبعة الأولى من كتابي أرض القصيم نفدت من السوق خلال ثلاثة أشهر، وكتبي ولله الحمد دخلت الحقل الأكاديمي، كما أن إحدى الجامعات بالمملكة اشترت من كتبي بما يزيد على خمسة عشر ألف ريال، أما كتابي مرشد معلم الجغرافيا فهو موجود في كل مكتبة عامة، وفي كل متوسطة وثانوية في المملكة. وكتبي ولله الحمد معروفة ليست في السعودية فقط بل دخلت الحقل الأكاديمي في الدول الغربية، واعتبرت مرجعاً في الدراسات العليا، وما دمت مختصا بالهندسة أفيدك أن الكتاب طلب من جامعة ولاية lowa في مدينة Ames إحدى أشهر الجامعات الأمريكية, وقد طلبه Major Professor: Tom AL Austin بكلية الهندسة المدنية والبيئية. فهل كل هؤلاء - خصوصا الجامعات في أمريكا - أوهمتهم (بمنهج علمي) وإيراد أرقام وجداول!! ثم تأتي وتحكم بكل جرأة (بعيدة كل البعد عن الحقيقة).
1- وإذا أراد الله نشر فضيلة
طويت أتاح لها لسان حسود
2- لولا اشتعال النار فيما جاورت
ما كان يعرف طيب عرف العود |
14- قال المهندس: (ثم إني أسألك سؤالاً واحداً.. من أين عرفت أن المسافة بين قطن والستار 125 كم..؟ ومن أين أتيت بهذه المعلومة؟). (انتهى كلامه). قلت: هذا السؤال تسأله وتحلل جوابه لرجل من العامة.
15- قال المهندس: (المقصود بذلك هو المسافة الأفقية للناظر من بعيد «أي عرض السحاب» فإذا قلنا ان عرض السحاب يجب أن يكون مساويا للمسافة المائلة والمتجهة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي فإن هذا قياس خاطئ.. بل المقصود بذلك مسافة الأفق «من الشمال إلى الجنوب تماما». فلو أخذنا خطا مستقيما من قطن واتجهنا بزاوية 90 درجة إلى الجنوب حتى نوازي جبل الستار فإن هذه المسافة هي 50 كم أو يزيد عليها قليلا). (انتهى كلامه). قلت: ومع ذلك:
الصواب أن المسافة ستكون في حدود 80 كم يا مهندس: ثم أليس هذا الكلام يناقض قولك (يرى أيمنه على قطن وأيسره على الستار وهذان جبلان يقعان إلى الغرب من الشقة تماما)؟ فأنت تقول هنا (تماماً) أما عند تحليلك بالمقصود تقول: (للمسافة المائلة).
16 - قال المهندس: (إن امرأ القيس عندما قال قصيدته لم يكن أمامه خريطة بمقياس رسم ولم يكن يحمل معه جهاز (ماجلان) على جواده أو ناقته وإنما كان يعتقد حسب مروره بهذه المنطقة أن جبل قطن مواز لجبل الستار من الشمال). (انتهى كلامه). قلت: حتى امرؤ القيس (كان يعتقد) أحرجتني بأدلتك الدامغة! ومع ذلك هو لم يحدد المسافة ب 50 كم، وإنما أنت الذي حددتها فعليك إثباتها! ثم هذا الكلام يقال لشاعر غير امرئ القيس فلا يخفى على أحد دقة وصفه للمواقع! والمصيبة يا مهندس أنك وصفت براعته بالوصف بفيلم سينمائي عندما يوافق هواك! أما عندما لا يوافق هواك تقول (كان يعتقد) ثم ألا يناقض قولك: (حسب مروره بهذه المنطقة) ما كتبته: (معروف منازل امرئ القيس والمواضع التي وردت كثيراً في شعره وهي في نجد) و(ولادة امرئ القيس بنجد وصولاته وجولاته فيها) ثم هل تعتقد أن سكان الجزيرة يجهلون الاتجاهات؟ ألا تعلم أنهم برعوا في علم الفلك وتحديد المواقع بالنجوم؟ وقد أوقفت من صاحبني في رحلاتي على مساجد تعود للعصرين الأموي والعباسي, قمت بالتحقق من اتجاه القبلة بعد رصد إحداثياتها بالأجهزة المعروفة فوجدتُ أن المؤشر يشير نحو القبلة نصا - باتجاه محراب كل مسجد.
17 - قال المهندس: (قال القهيدان معلقاً على قولي بأن الشقة تسمى قديماً (ضارج) الصواب أن اسمها قديما ضاري أما حاليا فهو الشقة، وهذا ما يؤكده كبار السن من أهل المنطقة) انتهى كلامه. قلت: ما رأيك لو سقت لك كلاماً لواحد من أهل المنطقة بل أهل الشقة الذين سكنوها منذ مئات السنين وتناقل آباؤه وأجداده هذا الاسم من جيل إلى جيل؟.. يقول الأخ محمد بن عبدالرحمن الفراج في العدد (11273) من جريدة «الجزيرة» معلقا على تحقيقك حول عين ضارج ما يلي:
1 - التواتر بأن ضارج الشقة جاهلي منذ أن سكن الحميدي بن حمد العنزي وأولاده الشقة بعد ان قدم إليها في بلده التويم في سدير منذ أربعمائة سنة تقريبا وكذا من سكنها معهم بعد ذلك من غيرهم وأجزم أن تواترا بطول هذا الزمن لا يخطئ.
2 - اكتشاف الأستاذ اللعبون للأشجار المتحجرة قرب الموقع يدل دلالة قاطعة على قدم الموقع ووجود الماء بوفرة فيه.
3 _ ما قيل عن ولادة امرئ القيس بنجد وصولاته وجولاته فيها.
4 - ما سبق الإشارة إليه مما ورد في كتاب معجم ما استعجم للبكري من أن ضارجاً ماء لعبس ومعلوم سكن بني عبس الجواء.
إضافة إلى ما أورده الأستاذ الفراج في مقاله من مبررات.. وما أورده البكري في معجم ما استعجم ينافي كلامك من أنك لم تجد مرجعا واحدا يشير إلى الشقة ب «ضارج» ). (انتهى كلام المهندس). قلت: من يقبل النقد العلمي في زماننا هذا؟ أما كلامك هذا فقد أجبرتني على أن أعقب عليه علمياً، مع أنني لا أستبعد أن يكون هدفك من إيراد هذا الكلام هو ربط أشخاص آخرين والدخول معهم في تعقيبات لإنقاذك من المأزق الذي وقعت فيه! أما ردي على هذا الكلام:
1- ما ذكرته آنفاً هو ما نقلته عن كبار السن وهو أن الموقع يسمى ضاري ثم تحول الاسم إلى الشقة، وكان قبل ذلك يسمى ديار بني هلال لأن فيه آثاراً لا يعرفون لها تاريخاً شأنهم شأن جميع سكان منطقة نجد عندما يجدون آثاراً يجهلونها. أما إذا نفى هذا الكلام أحد من سكان المنطقة فالواجب تحري الدقة فربما يكون الهدف إبراز المنطقة لأقول الحقيقة! وما دمت تستشهد بالعبودي فسأورد لك ما ذكره الشيخ: (يقول العارفون بالأخبار من أهل الشقة إن اسلافهم عندما وصلوا الشقة من التويم في سدير لم تكن في ضاري عمارة ما عدا آباراً قديمة يسمونها هلالية نسبة إلى بني هلال)(6). أما أول من قال أنه ضارج حسب علمي فهو الشيخ العبودي. ثم عجيب أنت أيها المهندس أقول لك قال ياقوت وابن منظور والبكري وتقول لي المعلومة متواترة من الحميدي؟ وأنا لا أنكر أن الحميدي سكن الشقة بعد قدومه من بلدة التويم في سدير منذ أربعمائة سنة تقريبا، ولكن الروايات تقول إن الملك الضليل ذا القروح امرأ القيس بن حجر بن الحارث من كندة, مات سنة 565م على أرجح الروايات في أنقرة، وقبره قرب قبر امرأة من أبناء الملوك ماتت ودفنت في سفح جبل (عسيب). وقيل أيضا إنه لما كان يحتضر قال:
(أجارتنا إن المزار قريب
وإني مقيم ما أقام عسيب). |
فإذا كان امرؤ القيس توفي قبل أن يصل الحميدي إلى قويطير ضاري ب (1038 سنة) فكيف تواتر لكم أنه قصد في بيت شعره قويطير ضاري؟ ثم كيف يقول وبكل تأكيد (اجزم أن تواترا بطول هذا الزمن لا يخطئ)؟
2 _ ما يحيرني مع المهندس أنني نبهت في تعقيبي على الفراج في الحلقة الأولى بما نصه (أن تلك الأخشاب لا ترجع إلى زمن أو عصر زهير ألبتة، لا من بعيد ولا من قريب) ولا ينتهي عند هذا الحد بل يفتتح تعقيبه بما نصه (في الكثير من الأحيان نواجه بفئات من الناس.. يكابرون ويحاورون.. ويجادلون على غير بينة) أستغرب جرأة المهندس في إصدار الأحكام عليَّ وهو يجهل حتى الشروط اللازمة لحفظ المتحجرات، ولعل من أهمها الطمر السريع، كما يجهل الأحوال المناخية الأكثر ملاءمة لحفظ الأخشاب، والمصيبة أنه يستدل ب (قرب نبع الماء من سطح الأرض في البشمة) أما يعلم أن (متكون عنيزة) والذي يرجع للعصر البرمي يمتد من عنيزة لمسافات طويلة شمالاً، وليس للأخشاب المتحجرة في هذا التكوين أي علاقة بعين ضارج؟! كأني بالمهندس سيحصر الأخشاب في هذا المتكون بمنطقة الشقة فقط! أم أنه يريد أن يستدل بوجود الأخشاب المتحجرة في (متكون عنيزة) في قصيباء بسبب وفرة مياه قويطير ضاري؟! يا أخي ويا حبيبي عبدالعزيز هذه الأخشاب تكونت بعد الطمر السريع في بحيرة أو مستنقع، وذلك بعد عزل الأكسجين عنها وبعيدة كل البعد عن استشهاداتك الخيالية!
- كنتُ أتمنى يا مهندس لو أن عندك دليلا علميا قبل أن تتجرأ وتتهجم عليَّ دون إيراد أي مستند فما رأيك لو علمت أن الأخشاب المتحجرة لا تمت بأي صلة إلى زمن زهير لا من بعيد ولا من قريب؟ فإذا لم تعترف بكتبي وأخص منها (أرض القصيم) الذي قدم له د. اللعبون مكتشف الأخشاب المتحجرة في الشقة، كذلك لم تعترف بكتابي الاول (القصيم، آثار وحضارة، ص 37) وما حددته بأن العمر التقريبي لها 270 مليون سنة، فعليك الرجوع إلى خريطة جيولوجية لمربع بريدة،لوحة 26ز،مقياس الرسم 1:250 ،000، خريطة جيو علمية خ ج - 114 ج وزارة البترول والثروة المعدنية 1406هـ.
وإن استصعب عليك فهما وتحديد طبقات الشقة جيولوجيا باللغة الانجليزية - مع أنك كما يبدو لم تستوعب ما كتب باللغة العربية فكيف بغيرها من اللغات؟! وأقحمت نفسك بأمور ليست من اختصاصك - فارجع إلى خريطة جيولوجية للوحة وادي الرمة، خريطة رقم A 206 I وزارة البترول والثروة المعدنية، 1383هـ مقياس الرسم 1: 500 ،000 فهي باللغة العربية، وإن استصعب عليك أمرها فأرجع إلى كتاب علم الأرض (الجيولوجيا) للصف الثالث الثانوي. ص 60 وابدأ القراءة من هذا المقطع: (يطلق مصطلح «أحفورة» على كل ما تبقى من أي كائن عاش على الأرض محفوظاً حفظا طبيعياً عبر الأزمنة الجيولوجية، أي قبل عشرة آلاف سنة).
- ما دمت تستشهد باللعبون مكتشف هذه الأخشاب وهمشت اكتشافاتي، أفيدك أنه خلال رحلتي الأخيرة بتاريخ 13-7-1424ه مع د. اللعبون، لتتبع بعض الطبقات الجيولوجية في القصيم مررنا بالأخشاب المتحجرة في الشقة وسألته عن العمر التقريبي لها فأكد أنه (270 مليون سنة). كذلك وقفت معه على الأخشاب المتحجرة في قصيباء، وأكد أنها امتداد ل (متكون عنيزة) وأن العمر التقريبي لها (270 مليون سنة). كما تناقشت معه عندما اتجهنا من التكروني قرب عنيزة إلى الخرماء حول نشأة تلك الأخشاب فوجدت أن هناك توافقا فيما قلته في كتبي وما قاله د. اللعبون. وهذا التوافق يدل على أن ما قلته هو الصواب إن شاء الله. والسؤال هنا: أين عمر الأخشاب من عمر امرئ القيس الذي مات سنة 565م؟ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ}سورة لقمان -20 ) ثم هل ما ورد في الفقرة (3) يدل على أن عين ضارج في الشقة؟ كأني بالمهندس سيقتصر الأماكن الواردة في شعر امرئ القيس في نجد! ألا يعلم أن الملك الضليل تنقل بين أماكن في اليمن والجزيرة العربية والعراق والشام وتركيا؟ وعلى فرض أن امرأ القيس ولد وعاش طول حياته في الشقة، فلا يمنع أن يقول بيت شعر ويصف مكانا زاره مرة واحدة في اليمن.
4- الذي قاله الفراج ما نصه: (إن ضارجا ماء لعبس ومعلوم سكن بني عبس للجواء.
5- من المعلوم ايضا ان القبائل في نجد وغيرها كانت قبائل رحلا). (انتهى كلامه). قلت: أليس هذا تناقضا أم ان القبائل كلها رحل ما عدا عبس في القصيم؟ ثم إذا سكنت عبس زمنا فكيف حسبتها كل الأزمان! وهل عبس لا تمتد إلا في الجواء وحول عين ضارج التي تغير اسمها مع مرور الزمن كما تزعم إلى قويطير ضاري ثم تغير الى قويطير في الشقة لا وجود له؟ ومع ذلك هل تريد ان تنسب أن بني عبس لم يسكنوا سوى الشقة؟ ثم ما الذي يمنع أن تمتد إلى بلاد الحجاز، وحتى في وقتنا الحالي نجد قبيلة حرب في بلدة قبة وتمتد إلى الحجاز.
ولا يخفى على أحد أن القبائل متنقلة وراء الكلأ، ويبدو أن ذلك يناقض قوله بما نصه (5 - من المعلوم أيضا أن القبائل في نجد وغيرها كانت قبائل رحلا ومن يبحث في حياتها يجد كم موقعا سكنته هذه القبيلة أو تلك بحثا عن الماء والكلأ).
أما الاستشهاد بقول البكري (ضارج ماء لبني عبس) لا يشير إلى قولك (وما أورده البكري في معجم ما استعجم ينافي كلامك من أنك لم تجد مرجعا واحدا يشير إلى الشقة ب (ضارج) وما دمت تستشهد بالشايع فسأورد لك ما قاله: (إن ضارجاً الذي قيل عنه صراحة إنه ماء هو ضارج الموجود في «الفقي» )(7). أشير إلى ما ورد في صفة جزيرة العرب (باب من لفيف مساكن العرب) (ضارج والوتر وحاجر لبني بكر) ثم إليك ما جاء في ديوان امرئ القيس: ضارج: ماء بأرض طيء (8).
والسؤال هنا لماذا غض المهندس الطرف عما قاله البكري صراحة عن عين ضارج، وإليك أيها القارئ الكريم ما قاله البكري نصا: روي أن ركبا من اليمن خرجوا يريدون رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابهم ظمأ شديد, كاد يقطع أعناقهم، فلما أتوا ضارجاً ذكر أحدهم قول امرئ القيس:
ولما رأت أن الشريعة همها
وأن البياض من فرائصها دام
تيممت العين التي عند ضارج
يفيء عليها الظل عرمضها طام |
فقال أحدهم: والله ما وصف امرؤ القيس شيئاً إلا على حقيقة وعلم، فالتمسوا الماء، فهذا ضارج، وكان ذلك وقت الظهيرة، فمشوا على فيء الجبل، حتى عثروا على العين: سقوا واستقوا. فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، لولا بيتان لامرئ القيس لهلكنا؛ وأنشدوه إياهما(9).
18 - قال المهندس: (لماذا يصر القهيدان على أن الظل هو ظل جبل ويبدو لي من سياق القصة أن الظل هو ظل أشجار حول هذه العين). (ويضيف) (فلماذا تجزم أن الفيء لا يأتي إلا من ظل الجبل) (انتهى كلامه). قلت: يا عبدالعزيز اتق الله فيما تقول: فهذه المعلومة (فيءُ النباتات) لم يذكرها أي باحث من المتأخرين قبلي حسب علمي، فكيف تقول هذا الكلام بل وتنسبه لك؟ ثم لا تقف عند هذا الحد بل تتهمني بأني استبعد (فيءُ النباتات) فأنا قلت في الحلقة الثانية ما نصه (ويبدو أن لتلك العين جبلاً يظلها إذا زالت الشمس) وذكرت: (يضاف إلى ذلك أن الموقع لا جبل ولا جال فيه، ومع ذلك لا أستبعد هنا أن يكون المقصود بالفيء: أي فيء النباتات المحيطة بالعين ، ولاسيما أن ياقوت ذكر لنا أنه عندما وفد قوم من اليمن على النبي صلى الله عليه وسلم استظلوا بالطلح والسَّمُر قرب عين ضارج). فأنا لم أصر وإنما أخذت بظل الجبل لوجود دلائل رجحت ذلك، وما دمت ذكرت في تعقيبك: (وما أورده البكري في معجم ما استعجم ينافي كلامك من أنك لم تجد مرجعا واحداً يشير إلى الشقة ب (ضارج) لذا سأستشهد بما ذكر البكري (فمشوا على فيء الجبل، حتى عثروا على العين) فمن يقنع لي المهندس؟. ثم هل المعذب جبل؟ أشير إلى ما ورد في صفة جزيرة العرب: (ضارج والعذيب وقطن وثيتل والستار ويذبل ومأسل جبال) (10) كأني بالمهندس وغيره سيحولون الجبال إلى رمال في القصيم! وإن كان ذلك كذلك فلله في خلقه شؤون.
19- قال المهندس: (الدليل على تناقض القهيدان ووجود نصوص كثيرة تؤيد أن عين ضارج في القصيم قول القهيدان إن في نهاية مقاله ناقلا نصا عن ابن بري (ذكر النحاس أن الرواية في البيت يفيء عليها الطلح). ويضيف (لماذا تستبعد نبات الطلح في رواية ابن بري والقصيم مشهورة بنبات الطلح).(انتهى كلامه). قلت: عجبا لك وهل الطلح لا يوجد في العالم إلا بالقصيم؟ إن عدم ذكر اسمر لا يعني عدم وجوده؟ وأنا حددتُ وجود نبات الطلْح والسمر في الموقع. وقلتُ في الحلقة الثانية ما نصه (وأحب أن أنبه هنا إلى أن منطقة الشقة لا سمر فيها، وإنما السمر في الحجاز) ومع ذلك هل من المعقول أن نأخذ في رواية ابن بري ونترك جميع أقوال البلدانيين؟ ومن أفضل ما يروى أن قوما من اليمن أقبلوا يريدون الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضلوا الطريق، وذكر المؤرخون والبلدانيون أنهم استظلوا بالطلح والسمر قرب عين ضارج. قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية (ج 2 ص 343): (فتفرقنا إلى أصول طلح وسمر). وقال ابن منظور في كتابه المشهور (لسان العرب، المجلد 2، ص 313): (فاستظللنا بالطلح والسمر). وقال ياقوت في كتابه معجم البلدان (ج 3، ص 450): (الرجل منهم يستذري بفيء السمرُ والطلح). وجاء في ديوان امرئ القيس: (فاستظلوا بالطلح والسمر) (حسن السندوبي، 1402هـ، شرح ديوان امرئ القيس، الطبعة السابعة، بيروت. ص 32 - 33، ولمزيد من التفصيل انظر نفس المصدر ص 206 - 207). قل لي يا مهندس أفي الشقة نبات سمر؟ يا أيها القراء هل هذه نصوص كثيرة تؤيد أن عين ضارج في القصيم؟
20-قال المهندس: (وحتى هذه القصة عليها استدراكات منها: 1- هل من المعقول) (انتهى كلامه). قلت: امرؤ اقيس كان يعتقد, والقصة عليها استدراكات! ثم إذا كنت لم تقتنع في رواية أوردها ابن كثير وابن منظور وياقوت والبكري، وتحديدهم موقع عين ضارج التي وصفها امرؤ القيس بقوله: (تيممت العين التي عند ضارج..) تحديدا لا غبار عليه وهو ما بين اليمن والمدينة، فأنا من باب أولى ألا تقتنع بي! راجع نفسك يا مهندس لا تقتنع بقصة الوفد التي أوردها كل هؤلاء المؤرخون والبلدانيين، وتقتنع بأن ضارج متواتر وتحديداً بما كتبته (التواتر بأن ضارج الشقة جاهلي منذ أن سكن الحميدي بن حمد العنزي وأولاده الشقة بعد أن قام إليها من بلده التويم في سدير منذ أربعمائة سنة تقريباً) ثم أليس كلامك فيه تناقض مع قولك (كيف يقول القهيدان (حسمت معركة الباحثين) ونقلت عين ضارج الى الحجاز.. والباحثون يقولون إنها في الحجاز)! ثم قولك (ووجود نصوص كثيرة تؤيد أن عين ضارج في القصيم). (انتهى كلامه).
قلت: ليس لدي أدنى شك في أن عين ضارج ليست في القصيم، وعلى كل حال أنا مستعد لأي مناظرة علمية معك في نادي القصيم الأدبي ببريدة، أو أي مكان وزمان تحددهما.
21 _ قال المهندس: (قال القهيدان: الصواب أن كتيفة بلدة معروفة تابعة لمنطقة حائل وقد زرتها عدة زيارات في عام 1409هـ بصحبة فهد الشبرمي ووقفت على بعض معالمها الأثرية..) انتهى كلامه. قلت: هل معنى هذا يا تركي أنك قلبت كتيفة من جبل إلى قرية وهي الواردة في معلقة امرئ القيس لانك زرتها عام 1409هـ؟ ربما يكون هذا؛ فكل شيء جائز (انتهى كلام المهندس). قلت: الهدف من إيراد هذه العبارة التي بترتها للقراء هو كشف حقيقة معلوماتك يا مهندس. كما أبديت رأياً وهو أن بلدة كتيفة (أو واديها أو جبلها أو كما تحب أن تسميها) وهو: أنها في منطقة حائل لا القصيم. وسأورد لكم أيها القراء كيف يوهمكم المهندس ببتر الكلام وإليكم نص ما قلته: قال السحيباني: لقد ذكر امرؤ القيس في معلقته هذه الكثير من المواضع المعروفة في القصيم مثل قطن، الستار، العذيب، ضارج، كتيفة، القنان، المجيمر. (انتهى كلامه). قلت: الصواب أن كتيفة بلدة معروفة تابعة لمنطقة حائل وقد زرتها عدة زيارات في عام 1409هـ بصحبة فهد الشبرمي، ووقفت على بعض معالمها الأثرية بصحبة بعض سكانها، وهي تقع أعلى (مبهل قديماً) وتحديداً في درب زبيدة جنوب غرب سميراء على بعد 34 كم تقريباً، وعلى كل حال الجبال التي تسمى كتيفة والستار في جزيرة العرب كثيرة والحكم في تحديد الموقع الذي قصده امرؤ القيس أمر صعب ولا يتم إلا بعد دراسات دقيقة، ويظهر لي أن السحيباني اورد لنا نفس المعلومات التي أوردها الشيخ العبودي، ج 4، ص 1389! (انتهى نص تعقيبي).
22- قال المهندس: (مثل هذا الأسلوب هو أسلوب ناجع مع أمثال من يتجاوز ويتطاول على الآخرين دون وجه حق). (انتهى كلامه). قلت: إن كنت ممن أجادل على غير بينة وغيره من هذا الكلام فأنا ولا أنت تحكم وإنما الحكم للقراء, وإن كان تعقيبي تنبيهك لأخطاء جغرافية وأثرية كررتها أكثر من مرة تطاولا على الآخرين دون وجه حق، وكلامك عليَّ بأمور شخصية حقا، فالحكم للقراء، علماً بأنني كنتُ أقرأ ما تكتبه وأعلم أفكارا من هذه المغلوطة ولم أعقب لتصحيحها إلاّ بعد أن عقبت عليّ!.. وصدقني أنك أقحمت نفسك بأمور جيولوجية وجغرافية وأثرية! أم أن الهدف هنا الشهرة ونشر الاسم بأي وسيلة كانت.
23- قال المهندس: (وان عدت فسأعود ولدي أوراق وتوضيحات أكثر من ذلك لم أفصح عنها.. و«إلى الميدان يا تركي القهيدان»). (انتهى كلامه).
قلت:
- ألم أقل لكم إن الهدف الشهرة؟ وأنصحك بالابتعاد عن هذا الأسلوب، فلا مشكلة بيننا, وأفيدك أن أحد الباحثين هاتفني بعد مقالك وقال لي بالحرف الواحد: أنصحك بألا ترد عليه، فقد قرأت تعقيبك فوجدته علمياً يتحدث عن الجغرافيا والآثار، ثم صدمت برده وكلامه عن أمور شخصية بعيدة كل البعد عنك وقراؤك يعرفون ذلك.. فقلت له: ولكن لابد من الرد لأبين للقراء أن ما يتطرق له من أمور شخصية ما هو إلا هروب مما ذكرته علمياً.
أما قوله: (يدعي (أنه باحث).. كلام مغرق في النرجسية. لقد ضحكت..) (أجزم أن كل من قرأه سيضحك) (كيف يأتي مثل هذا (المتباحث)) (فربما كتبته في لحظة نرجسية) (فمرصى لهذا الفهم.. ومرحى لهذا التحديد).. وغيرها من العبارات الشخصية التي لا يستفاد منها.
فلن أجاري المهندس في مضمار الشتم والسب، لأن هدفي هو نشر المعرفة وإظهار الحقيقة. هذا هو جوابي العلمي على الأخ السحيباني أما ما وجهه نحوي من سب وتجريح فقد أرجعت - وأنا أكتب هذه الأسطر صائماً في شهر رمضان - أمري وأمره فيه إلى رب العالمين فهو حسبنا ونعم الوكيل.
للتواصل: ص.ب 5840 الرمز البريدي 81999
هوامش
5الحماسة المغربية الدال 1246 - 2 .
6 العبودي - معجم بلاد القصيم، ج4 ص 1382.
7 الشايع، نظرات في معاجم البلدان، الكتاب الثاني، ص253.
8 حسن السندوبي، 1402هـ، شرح ديوان امرئ القيس، الطبعة السابعة، بيروت، ص157.
9 بكري، معجم ما استعجم، كتاب حرف الضاد، الضاد والألف، ضارج.
10 صفة جزيرة العرب، (ناحية البحرين واليمامة إلى نجد).
|