مما لاشك فيه أن مسيرة الإصلاح التي دعا إليها سمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز من خلال فتح سياسة الحوار المفتوح جاءت من منطلقات إسلامية غيورة على أبناء وبنات هذا الشعب الكريم والذي أصابه داء الارهاب والغلو والتطرف الذي أصبح معتقداً يؤمن به بعض شباب هذه الأمة حتى أصبح يوصف السعودي خارج الوطن سواء في أمريكا أو في أوروبا بصفة الإرهابي الذي يهوى القتل والدمار وخاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر التي اتهم بتفجيراتها بأمريكا شباب من أبناء هذا الوطن ثم جاءت موجة العنف والدمار والتخريب في معظم مدن المملكة ابتداء من عاصمة العرب الرياض مروراً بأرض الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة وانتهاء بمدن سعودية أخرى.
ومن هنا جاءت فكرة سموه بانشاء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بين فئات المجتمع للوصول إلى الحقيقة وتكون بداية في طريق الاصلاح والبناء.
فأقيم الملتقى الثاني بالعاصمة المقدسة مهبط الوحي ومنبع الرسالة مكة المكرمة بمشاركة 60 مفكراً ومثقفاً وكانت حوارته تدور حول قضية اصبحت تقلق الكثير في بلادنا وهي قضية الغلو والاعتدال رؤية منهجية.
وبناء عليه بأن اختلاف الآراء في مثل هذه الملتقيات لا يفسر للود قضية خاصة إذا كان الحوار حضارياً يتم بالكلمة ويستند على الحجة والبرهان ليتحقق من خلاله تشخيص الداء ومسبباته ووضع العلاج المناسب له وأقصد هنا التوصيات التي يصل إليها المتحاورون والتي من الممكن أن تعتبر منهجاً ونظام حياة إذا أحسن تنفيذها.
وبالتالي فإن الحوار الوطني في مكة المكرمة تمخض عنه عدد من التوصيات تمس حياة كل مواطن سعودي وتهدف إلى الحفاظ على وحدة الوطن والتلاحم بين الشعب والقيادة والسير في طريق الاصلاح ومعالجة الكثير من الاخطاء في اسلوب حياتنا سواء في مجالات التعليم أوغيرها من المجالات المختلفة وذلك بهدف انشاء جيل مؤمن يحب الخير للجميع ويكره القتل والدمار.
فالاصلاح يبدأ بحرية الرأي والرأي الآخر للوصول إلى الوضع الأفضل والأحسن في مجتمعنا السعودي وهذا ما دعا سمو ولي العهد أثناء لقائه بأعضاء الملتقى الثاني للحوار الوطني بضرورة التكاتف في قطار الاصلاح وترسيخ التسامح والوسطية في الخطاب الديني معبراً لهم سموه ان مثل هذه الحوارات هي عبارة عن وقفات تشير إلى سمات المجتمع المتطور.
ومما لاشك فيه ان التوصيات الصادرة من الملتقى الثاني للحوار الوطني اشتملت على اثنتي عشرة توصية أهمها التوصيات المتعلقة بالوضع الاقتصادي ومعالجة الكثير من الامور الاقتصادية كمشكلة الدين العام والبطالة التي تشغل بال الكثير منا وتقف عقبة في وجه التنمية السعودية كما ان من التوصيات المهمة ما يتعلق بمستقبل هذا الوطن متمثلاً في اجياله وضرورة الاهتمام بهم وتنشئتهم نشأة إسلامية صالحة تعينهم على تحمل المسؤولية والتعبير عما يختلج أفكارهم وأحلامهم أما التوصية التي أحب أن أشيد بها فهي الاهتمام بوضع المرأة ودورها في المجتمع السعودي فهي نصف المجتمع وهي الأم التي تربي الأجيال فقد قال شاعرنا:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعباً طيب الأعراق
ومن هنا جاءت التوجيهات السامية الكريمة من سمو ولي العهد بأن يكون موضوع اللقاء الثالث للحوار الوطني الذي سينظمه مركز الملك عبد العزيز بعد ثلاثة أشهر بالمدينة المنورة سيكون عنوانه «حقوق المرأة وواجباتها في الإسلام» وبمشاركة 60 مفكراً بينهم 30 سيدة.
وفق الله المسؤولين في بلادنا لما يحبه ويرضاه.
|