لقد تطرق الكثير قبلي الى الكتابة عن موضوع محاولة ترويج او بيع المواد الاستهلاكية الفاسدة او المنتهية صلاحيتها والى المقترحات والوسائل للوقاية منها، ووضع اسس وخطط يجب اتباعها لمحاولة منع او تقليل حدوث استمرار تلك الممارسات اللا أخلاقية، وعلى الرغم من تواضع تلك الجهود وعشوائيتها الا اننا نسمع بين الحين والآخر عن ضبط واكتشاف مستودعات لتجار او موزعين او عمالة متخلفة يقومون بتعديل تاريخ بضاعة فاسدة او ادوية انتهت صلاحيتها وهنا تعظم مسؤولية الوزارات المعنية عندما يتفشى المرض وتتضاعف تكاليف العلاج وكان من الاجدى بهم وبنا ان نعمل بالمثل القائل «درهم وقاية خير من قنطار علاج» ومهما كان نوع الاعذار التي تتذرع بها الجهة المسؤولة الا انها لا تقلل من نتيجة ما قد يحدث عن ذلك وهو اما المرض او الوفاة مع عدم اغفال احتمالية ان الامر قد يحدث عن سابق اصرار وترصد وهو الارجح. لايخفى على احد جسامة وعظم المسؤولية والامانة الملقاة على عاتق كل من وزارة التجارة ووزارة الصحة ووزارة البلديات والشؤون القروية كغيرهم ممن يتحملون مسؤولية المواطنين التي كلفهم بها ولي الامر، فهم مؤتمنون على أغلى ما نملك على حياتنا وحياة فلذات أكبادنا وعلى مستقبل هذا الوطن وما أعظمها من أمانة واجله من عمل متى ما راعوا في ذلك دينهم ومراقبة الله لهم، خصوصا تلك الامور المتعلقة بتغذية وصحة المواطن وحرصهم على توفير الغذاء السليم والبيئة الصحية لهذا الوطن. وحول عظم امر الامانة فقد قال جل شأنه {إنَّا عّرّضًنّا الأّمّانّةّ عّلّى السَّمّوّاتٌ والأّرًضٌ والًجٌبّالٌ فّأّبّيًنّ أّن يّحًمٌلًنّهّا وأّشًفّقًنّ مٌنًهّا وحّمّلّهّا الإنسّانٍ إنَّهٍ كّانّ ظّلٍومْا جّهٍولاْ} [الأحزاب: 72] ، والامانة اسم جامع لكل مسؤولية يتحملها الانسان عظمت او صغرت جلية كانت او خفية، وكثيراً ما تطالعنا الصحف اليومية بتشهيرها بمن ارتكبوا جرائم تزوير العملة او الوثائق ولم يسبق ان شهدنا في صفحاتها التشهير بالتجار الذين يتم اكتشاف تلاعبهم وغشهم للمسلمين وانما يكتفى بذكر الواقعة وانه قد تم اتلاف البضاعة الفاسدة. وهناك سؤال كبير يطرح نفسه ويستدعي اجابة ترتقي الى كبر حجمه: ماهو الفرق بين من يوزع السموم «الأغذية الفاسدة او الادوية المنتهية الصلاحية» بمسمى اغذية وبين من يوزع السموم الاخرى كالمخدرات وما شابهها؟ علماً بأن ترويج الاغذية الفاسدة والادوية التي اصبحت سموماً بدلاً من ضررها كبير حيث ان المستخدمين لها هم المواطنون على اختلاف اصنافهم صغيرهم وكبيرهم رجالهم ونساؤهم اطفالهم وشيوخهم ومن دون علمهم، ام ان الامر يستدعي انشاء ادارة عامة من لمكافحة الاغذية والادوية الفاسدة كما هي الحال مع المخدرات. واذا كانت الحالة تلك فهل سينال تجار الاغذية الفاسدة عقوبة تجار المخدرات؟ وهل يقل مستوى اجرامهم ذلك عمن يسعون في الارض فساداً، لذلك يجب تطبيق وسائل حماية المستهلك والحفاظ على سلامته وان تكون هناك شفافية وعقوبات قاسية وصارمة جداً بالاضافة الى التشهير ببضاعتهم، فأبسط الأمور ان نعطي المستهلك الحق في حماية نفسه ومقاطعة تلك البضائع، والله المستعان.
|