أعوام تمر وأحداث تتشابك ومآسي الأمة الإسلامية تدمي سويداء القلب فلا يزال الوهن يأسرها بأسلاكه الشائكة بعدما استشرى بين أفرادها وحكامها وجيرانها حتى أصبحت لقمة سائغة تلوكها الألسن.. وتعلجها الأفواه لتمتص رحيقها العذب ثم ترميها بشذر في أقرب حاوية وأهلها لاهون غافلون.. في توافه الأمور التي يتعمد أعداؤها شغلهم وإلهاءهم بها.. لتصرفهم عن جادة الفكر والبحث في نطاق هموم أمتهم وسبل الرقي بشأنها إلى مصاف الدول المنتجة والفعالة.. فالغرب لا يريدون لنا الانتصار والنبوغ حتى نظل أسرى منتجاته.. لتتكدس أسواقنا ببضاعته ومنتجاته.. لتقيد التنمية العربية والإسلامية في كهوف الجهل والتأخر والتبعية والاستهلاك فتتحقق لهم رغباتهم.
إن المصابين من أبناء الأمة الإسلامية من أصيب بداء الانبهار والثقة بالركب الأجنبي للولوج بكل يسر من بعض الثغرات الإعلامية سواء المسموعة منه أو المرئية.. وتنفيذ مخططاتهم المنصرمة للتلذذ بالنتائج وقد اكتملت المؤامرة.. وتحققت الأهداف.
والطامة الكبرى تشويه الدين الناصع وأهله لإثارة الفتنة بين أبناء المجتمع الإسلامي ككل وبين أفراده وولاة أمره.. وليقف زحف اعتناق الإسلام.. لتنتصر الديانتان النصرانية واليهودية.. ومع إطلالة عام هجري جديد هناك من أبناء الأمة الإسلامية من يرتسم بين عينيه شبح الخوف والقلق من أن يكون هذا العام امتدادا لعام سابق بالحروب والأحداث المحزنة على الوطن المسلم وتكالب الأعداء ينسلون من كل حدب وصوب.. وان فتنة أمريكا خطر زلزل افكار الكثير من أبناء الأمة الإسلامية وكأنها قوة لا غالب لها.. وستستمر في استخفافها سواء بالسياسة العربية أو الإسلامية حتى وان وصلت إلى الثوابت التي من المستحيل أن يكون لنا نحن المسلمين بدائل لها..ما لم يردعها رادع من التصدي بإيمان وشجاعة لمطالبها.. وكون المسلم رضي بالهوان.. واستسلم للأطماع مكتوف اليدين تسبقه الأحزان والحسرات ما يناقض عقيدته فلا شريعتنا ولا الشرائع السماوية السابقة ترضى بالرضوخ وتقر الاعتداء على الشعوب تحت أي شعارات ومسميات.. فما حدث في الأعوام المنصرمة من أحداث وخطوب على العالمين العربي والإسلامي حري أن يفيقهم من سبات عميق من الانبهار بالتقنية الأجنبية وبإنجازاتها وهيمنتها على عقول العلماء والنخبة بين أبناء الوطن الإسلامي.
وقد يكون فيما حدث للمسلمين خير إذا أحدث ردة فعل من استثارة همتهم وإذكاء جذوة كادت تخبو من روح العزة والكرامة.. إنه بعث فيهم روح النخوة وكسر قيود الهيمنة الأجنبية.. لحضارة ديمقراطية.. لا تعدو كونها ألعوبة تنادي بشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها الهلاك من ليبرالية مزيفة.. وعلمانية حاسدة جاهلة تصب جام حقدها على أنظمة إسلامية شاملة متزنة.. وادعاء المساواة بين الجنسين ما يخالف الفطرة والطبيعة.. وحرية مزعومة للمرأة فيها من التغريب والاستعباد ما يناقض الحرية.. ويكشف قبحهم وحقدهم ما يظهر المرأة المسلمة من حشمتها وعفافها.. لتتهاوى في الفساد والانحلال اللذين بليت بهما.
أسفرت عن وجه قبيح لمخططاتهم التي كانت تحت مسمى الحضارة التي ستحرر الدول من الجهل والتخلف.. واتضح انها للسيطرة على خيرات المنطقة العربية والإسلامية، واستنزاف أموالها من خلال تسويق منتجاتها تحت شعار (موديلات) جديد وتقنيات عالية، ومكملات للزينة لتثير رغبة التغيير والشراء.. واستهلاك وذهاب لأموال المسلمين في غير وجوهها.. وحرب شرسة لعقيدتها وهذا لا يخفى على ذي لب من خلال التشكيك بالمناهج الإسلامية والمظهر الخارجي للمسلم والربط بينها وبين الإرهاب وتفريخه لتتماشى ومطالب اليهود..ان تستحدث جبهة إعلامية محلية وإسلامية للظهور للعالم الخارجي والصحافة العالمية، فالوسيلة الإعلامية أصبحت رمزاً فعالاً للتواصل بين الشعوب والأفراد.. ولننشر من خلالها حقيقتنا التشريعية ومبادئنا وتراثنا لدحض الافتراءات.. والأبواق الحاقدة.. وفضح كيد الأعداء.. واستغلال التقنيات الحديثة في الاتصال كالإنترنت لهوس الناس بالولوج في عالمه.. ولميزة بعده عن يد الرقيب التي تطمس ما لا يريده الأعداء..ان ننفض غبار الاتكالية.. والأخذ من الغير على الأقل ما يحفظ ماء الوجه.. فديننا دين الاجتهاد والعمل.
يجب تنظيم طاقات أبنائنا ودعم العقول المبدعة بالبرامج والتعليم الخاص سواء فكريا.. أو ماديا أو معنويا والاستعجال بإزالة ما يعرقل إنتاج أولادنا عندئذ نفخر بإنجازاتنا الوطنية.. وامتداد لنطاق الاهتمامات وضعت خطة اقتصادية منتجة لمن تغلق في وجهه ابواب الجامعات. ونراعي البرامج التأهيلية.. الصناعية لنفجر طاقات أبنائنا نحو الاكتفاء الذاتي والبروز الصناعي.. وبذلك نحد من ظاهرة التسكع في الأسواق والبطالة.. والسرقة.
لابد أن نسد حاجاتنا الأولية في سبيل الحصول عليها كي لا تهان عزتنا.. ونواصل البحث من أجل إنجازات فعالة، تشرئب إليها نفوسنا بحثاً عن شمل الامة لنعيد لها هيبتها وتماسكها.. وعلومها.. لتتميز كغيرها من الأمم بالإبداع والنفوذ كسابق عهدها في عصر السلف الصالح، ولن يتحقق ذلك إلا بالعودة إلى المصادر التشريعية الإسلامية التي أبت الشعوب الإسلامية أن تنبع منها قضاياها وتشريعها فزلت وضعفت وتاهت ولن يتحقق لها النصر والرفعة إلا بالعودة إلى تلك المصادر.
وأخيراً عليناً كأمة مسلمة استقبال العام الهجري الجديد مطرزاً بالأمل والتفاؤل.. عملاً بهدي الرسول صلى الله عليه وسلم بالاستبشار بالجديد القادم وبحسن الظن بوعد الله عز وجل بنصره عباده المؤمنين.
|