* عمان - الجزيرة - خاص
ألقى الدكتور عادل مصطفى محاضرة في المركز الثقافي الاسباني بعمان حول تجربة المعماري الاسباني «جاودي» بعنوان «جاودي -اين يقف من رواد عصره؟» أشار المحاضر في بداية محاضرته الى البنى الثقافية في أوروبا وإسبانيا في القرن التاسع عشر ومدى تأثيراتها على المعماريين والفنانين، واطلق على هذا العصر عصر العمالقة، وخصص المحاضر جل كلامه عن الطبيعة الاسبانية على الصعيدين الاجتماعي والثقافي كونها الجغرافيا التي أصبحت تنوعا ثقافيا متفردا مثل الحضارة الأوروبية والاسلامية و«الأموية الاندلسية» الى جانب الحضارة الاسبانية التي تميزت بفنونها مثل رقص الفلامنكو ومصارعة الثيران وصولا الى عباقرة إسبانيا مثل «سلفادور دالي» «ولوي سيرت» و«لوركا» و«بابلو بيكاسو».
أما بخصوص العمارة فقال الدكتور مصطفى: ان العمارة الاسبانية كانت مزيجا من العمارة «الموريسكية» الاسلامية وصولا الى تأثيرات العمارة القومية الجديدة مشيراً الى تجربة المعماري العبقري «جاودي» المولود عام 1852 في أسرة متواضعة لأب كان يعمل في صناعة «الغلايات» ورغم ان عائلة جاودي جاءت من أصول فرنسية اثر الاضطهاد الديني إلا ان هذا الجذر لم يؤثر في طبيعة جاودي على الصعيد المعماري.
وفي حديثه عن حياة جاودي قال: كان في شبابه متشككا بكل شيء ثم تحول الى التدين وصار من المسيحيين الممارسين لعباداتهم وكذلك انحاز للفقراء والغريب انه كان يكره تصوير ذاته، لذلك نجد ان صوره الوثائقية قليلة جدا.
وحول تأثرات جاودي قال: ان أهم من تأثر بهم جاودي هو المعماري الفرنسي ايمانويل فيولي لودوك الذي كان يعتمد على التعبير الصريح في الانشاء في سبيل عمارة جديدة تبنى على أساس مبررات تقنية، وكان التعبير الانشائي الصريح إما بمواد جديدة أو بالمواد التقليدية مثل الطوب والحجر الذي استخدمه جاودي في كثير من عمائره، وقد تميز جاودي بالحرفية التقليدية مثل السيراميك وأعمال الحديد مطورا مفهوما جديدا للعضوية عبر الجمع بين العمارة والنحت.
ويجد الدكتور مصطفى بجاودي تفردا وذكاء عاليا في انجاز عمائره الخاصة التي شكلت خصوصية جامعة ومتفردة، تحديدا عبر استفادته من العمارة «القوطية» التي تعكس جلال العمارة بابراجها العمودية وخطوطها المنحنية، فكان جاودي معماريا متمردا يكسر تقليدية العمارة ويذهب لابتكار تكويناته المعمارية وحدائقه وصولا الى كسر نمط مداخل العمارة والخطوط النحتية والميلانات والزخافر ليكرس انسته جديدة للعمائر وصولا للكاتدرائيات والكنائس. وكذلك ركز على اللون في المشهد المعماري واتصال السطوح وصولا الى اشغال هندسية متعددة.
وقد استطاع جاودي عبر انماطه المعمارية ان يؤثر على مجموعة من المعماريين تحديدا في تأثير الخطوط الانسيابية وكنسية «رونشام».
وأخيراً قدم المحاضر تساؤلا حول جاودي بقوله: هل كان مجرد «دون ليخوتي» منعزلاً عن واقعه وعن الحركات المعمارية، أم كان عبقريا أوصل ذلك النمط الى قمته؟.
وقد أثارت المحاضرة عبر عرض الشرائح الضوئية مجموعة كبيرة من التساؤلات حول عبقرية جاودي وتمرده الفني على الانماط المعمارية السائدة ليشكل بذلك عمارته الخاصة عبر رؤية متقدمة ما زالت الى الان تثير مجموعة من الافكار والتساؤلات.
|