حاوره - محمد العيدروس:
أقر عضو الهيئة الرئاسية في مجلس الحكم الانتقالي العراقي والناطق الرسمي لحزب الدعوة الدكتور إبراهيم الجعفري بوجود معتقلين عرب ومتورطين داخل العراق ومن جنسيات عديدة (يحتمل بينهم سعوديون)، إلا أنه أشار إلى أن من يتولى التحقيق معهم السلطات الأمريكية وليس العراقيون.
وأكد د. الجعفري في حديث ل (الجزيرة )من مقر اقامته في مكة المكرمة أن أولئك المتسللين الذين اخترقوا الحدود يتحملون وزر أنفسهم وليس الدول التي يحملون جوازاتها أو الدولة التي عبروا منها.
وبرأ عضو الهيئة الرئاسية في مجلس الحكم الانتقالي العراقي الساحة السعودية من مسؤولية أي تأخير أو تقصير في استقبال حجاج العراق هذا العام.
وقال: المشكلة الرئيسية كانت في مشكلات الطيران فقط وحدوث اجراء تأخير وسعة استيعابية في مقاعد الطيران وأشار إلى أن السلطات السعودية والكويتية تحركت سريعاً واحتوت تلك المشكلة.وعبر المسؤول العراقي عن امتنانه للمملكة على خدماتها المتميزة نحو ضيوف الرحمن.
مشيراً إلى أن عمليات التفويج تمت بصورة متميزة وبين الدكتور إبراهيم الجعفري أن المملكة لبت خلال موسم حج هذا العام الطلب العراقي بزيادة النسبة المخصصة مراعاة لظروف العراق الانسانية.
وتحدث المسؤول العراقي ل (الجزيرة) عن قضايا عديدة بالشأن الداخلي العراقي وعن الفدرالية والتقسيم.. ومن يقوم بالعمليات الانتحارية داخل العراق.. كما تحدث عن مستقبل الحكم في العراق وجماعات ما يسمى بفدائيي صدام .. وإلى نص الحوار:
* لنتحدث أولاً.. عن الرؤية التي خرجتم بها من موسم حج هذا العام؟
- لو أجرينا مسيرة نقدية تقويمية منذ تشرفي بأداء فريضة الحج منذ عام 1978م وحتى الآن، أرقب منحني التعاون مع الحجيج على مستوى التعامل مع ضيوف الرحمن والخدمات العامة.. وما تشهده المملكة من مواسم ثقافية في رحاب أداء الفريضة، ونجد اضطراداً ملحوظاً ومشهوداً.
وهناك فرق محسوس بين العام اللاحق والسابق نحو الأفضل وعلى الرغم من زيادة الاعداد، نجد أنه يفد إلى المملكة أعداد كبيرة من المسلمين بمختلف ثقافاتهم وجنسياتهم ورغم ذلك نلمس حسن استقبال وتناميا في الخدمات وتسهيلات لهم.
الأهم من ذلك ان المملكة تنفرد بعملية التفويج الناجحة في يوم التروية ويوم عرفة وأيام العيد، لأكثر من مليوني حاج في وقت واحد.
نحن جميعاً نشعر بحالة من الامتنان ان نرى تلك الجهود السعودية الكبيرة نحو رعاية الحجاج، ونحمد الله ان جميع مواسم الحج لا تواجه سوى حوادث بسيطة وجميعها قضاء وقدر، وباستثناء ذلك فمسيرة الحجاج طيبة وخدماتها مشهودة.
* كثر جدل حول تأخر بعض الحجاج العراقيين وان هناك صعوبات واجهتهم وبعض من القنوات الفضائية ألقت باللائمة على المملكة ماهي حقيقة ما حدث؟
- أنا أبرىء الساحة السعودية تماما من مشكلة تأخير الحجاج العراقيين وما حدث لهم.
القضية في العمق كانت عقبة مرتبطة بشركات الطيران، وليس للحكومة السعودية أو الكويتية دورفيها.
تعلم أن أغلبية حجاجنا قدموا عن طريق الكويت التي فتحت مطارها لاحتضان حجاج العراق،وكذلك سارعت المملكة وانتدبت وضاعفت كوادر السفارة السعودية في الكويت لمنح تأشيرات لهم وتعاملوا بشكل سريع جداً.
وقام السفير أحمد اليحيى بعمل كبير جداً في منح تأشيرات بوقت قياسي.
ولكن المشكلة كانت في شركات الطيران ومن ذلك تأخر بعض الموافقات والتأخير في البت، ثم عدد الطيارات والسعة الاستيعابية الأقل.وكل ذلك سبب حالة من الاحتقان للحجاج في مدينة صفوان.
* حسناً .. هل تنوون معالجة هذه الأوضاع مستقبلاً أو المطالبة بزيادة حصة العراق في أعداد الحجاج؟
- الشعب العراقي.. شعب مسلم، وعانى من كبت على مدى العقود الأربعة المنصرمة.وهو يتمنى أن يذهب بأكبر عدد ممكن إلى المملكة لأداء الفريضة ولكن في نفس الوقت هو شعب متحضر ولا يفكر بنرجسية وذاتية عن مجموعات الحجاج الأخرى.
ويدرك أيضاً بوعي بمثل ما أن المملكة منفتحة للحجاج العراقيين.. ان هناك ملايين آخرين من المسلمين يتطلعون للحج أيضاً.
إذاً نحن بين حقيقتين: الأولى.. ما نرغب فيه بزيادة العدد وما بين محدودية السعة المحدودية للمشاعر والأنظمة المتبعة ونحن حريصون على النسب المتفق عليها في مؤتمر القمة الإسلامي وقد تحدثنا مع المسؤولين في المملكة لرفع نسبة حصة العراق واعتبارها حالة استثنائية بسبب ما أصابهم من المنع السابق، وقد استجابوا لنا رسمياً لذلك إلى 35 ألفا ثم تفاجأنا بزيادة العدد وقد تقبل ذلك السعوديون بكل رحابة صدر وتعاون.
* لننتقل إلى الشأن العراقي د. إبراهيم..
ماهي رؤيتكم حول مستقبل العراق من خلال مجلس الحكم الانتقالي؟
- مشكلة العراق تحددها البوصلة السياسية التي تتجه نحو إرادة الشعب، حيث لم تكن تتوافر في السابق من خلال حاكم متسلط عمل على جوسسة المنظمات وعسكرة الحركات التي ارتبطت به وعمم مفهوم الأمن الفردي واختزال كل شيء في ذاته.
هذا الطاغية الظالم انقبر وانتهى إلى الأبد وانتصرت إرادة شعبنا التي تحركت في مواجهات مستمرة.
إلا أن جميع الاحداث التي واجهت العراق كانت لها الارادة والمحرك هو شعب العراق. فحدثت حرب الخليج وواجه الشعب صدام حسين وانتهت حرب الخليج وظل الشعب صامداً، ثم دخلت حرب الخليج الثانية وظل شعب العراق يناضل.
إذاً حركة الشعب العراقي ضد النظام المقبور ليست ردة فعل لحرب اقليمية وإنما عشق في وطنه ضد هذا الطاغية.
نحن الآن أمام انعطافة بولادة إرادة عراقية جماهيرية يشارك فيها كل أبناء الشعب العراقي على كل خلفياتهم المذهبية والدينية والقومية.
البيت العراقي الآن يتسع لهذه العائلة المتنوعة وتبقى أمامنا مسؤولية كبيرة. وحتى هذه اللحظة لا زلنا ووفقاً للعرف الدولي نعتبر في حالة احتلال.
وما من شعب سيتعرض لاحتلال إلا وتكون ردة فعله منطقياً وهي رفض الاحتلال والعمل من أجل السيادة وتحقيق التحرير.
نحمد الله أننا في رفضنا للاحتلال.. لدينا رصيد يمتد إلى حيث تمتد الإنسانية، فكل الشعب العراقي كلمته واحدة ويتطلع لانتهاء الاحتلال.
البيت العراقي - كما تعلمون - بيت منوع وأبناء شعبنا يتعاملون مع الحالة العراقية الجديدة بوعي ممتاز، ويدركون جيداً ان هناك ثمة من يحاول التعكير على العراقيين وحدتهم ويلعب على حبال الفرقة القومية ويشعل الفتنة بين العرب والأكراد والتركمان.
وهناك من يلعبون لاشعال فتيل الحرب المذهبية بين السنة والشيعة.. ولكننا - جميعاً - مدركون أن صدام حسين لم يكن يمثل العرب حينما قمع الأكراد في مآسي حبلجة ولم يكن يمثل السنة حينما قمع الشيعة في الجنوب العراقي.
هناك وعي وحالات تصاهر داخل البيت العراقي حيث تتلاقى جميع القوميات والمذاهب.
ولا توجد لدينا مناخاه تستلهم النعرات، وهو ما نحن به ماضون.
ولنا في مكة المكرمة شاهد حي، حيث جموع العراقيين من السنة والشيعة والأكراد والتركمان صفاً واحداً وخطاً وتعايشاً بين جميع الحملات من بعقوبة إلى كركوك.
* أفهم من كلامكم أنكم ضد من ينادي بتطبيق الفدرالية والتقسيم في العراق؟
- لو حددنا مفهوم الفدرالية.. سنجد أننا قد فرقنا بين شيئين.. فما هي الفدرالية من حيث المبدأ وماهي الفدراليات المتنوعة من حيث الممارسات التطبيقية ولو أخذنا الفدرالية التي تعني فيما تعنيه أنها اتحاد يربط المركز بالأطراف.. لن نجد أن تلك الفدرالية المعاصرة قد اختلقت التاريخ الإسلامي بمثل ما كان في جنة البصرة والكوفة.
أعتقد أن الفدرالية كممارسة وكمفهوم تصلح لتكون ممارسة إنسانية تحفظ للانسان حقوقه طالما أنها تحفظ سيادة البلد.
وإذا اتفقنا ان الفدرالية كما حصل في أوروبا وأمريكا والامارات وسويسرا وبغض النظر عن أساليب التطبيق لاعتبرناها الموازنة بين الحكومة المركزية والحكوما ت المحلية وحفظ وزارات الدولة وسيادته وخيراته.
وفي حالات كهذه وكمفهوم من حيث المبدأ لا نجد غضاضة في تطبيقه.
الجانب الآخر ان الفدرالية وكما انها من المهم أن تولد برحم ديمقراطي وقناعة شعبية، يجب ان تصان التجربة بنفس المظلة الديمقراطية.
نحن نتطلع إلى فدرالية تحفظ خصوصياتنا وتولد بقرار جماهيري شعبي وان الشعب الذي يقرر الفدرالية هو نفسه سيكون حارساً عليها.
وبشرط ان نحفظ لهذا البلد وحدته وسيادته ومركزيته في العاصمة ثم نستوعب الحكومات المحلية.
* يقال د. إبراهيم ان أغلب من يقوم بالعمليات الانتحارية داخل العراق هم من السنة هل هذا صحيح؟
- أنا لا أتهم اخواني أبناء السنة بذلك، وهذا اتهام باطل وغير صحيح.
وحتى عندما يعبر عن المثلث الجغرافي ويقولون عن المثلث السني، بأنه مثلث الموت، تخدشني هذه الكلمة، فأنا على يقين ان هذا ليس قراراً سنياً وليس ممارسة سنية، وانما ذلك فهم وظروف معينة تجعل شريحة معينة تمارس هذا العمل، ولتكن في خلفياتها سنية، ولكن هناك فرقا أن يكون أفراد أو قلة من السنة.. أو أن نقول ذلك هو الرأي السني كاملاً ولعلك تتفق معي أن نقول حينما يرتكب مواطن سعودي عملا ما.. ان ذلك هو وجهة النظر السعودية!!
فرق شاسع لدينا بين موقف سني وبين الموقف السني كاملاً في الرمادي والفلوجة والموصل وغيرها.
هناك (يا سيدي) من مهندسي المصطلحات من يحاول اشعال نار الفتنة، مثلما أوهموا الأكراد ان صدام حسين حينما انزل بكم أفعاله.. كان وراءه عرب، ولكن الأكراد واعون أن صدام بطش بالعرب قبلهم.
أيضاً أوحوا للشيعة أن صدام حينما بطش بهم وقتل 250 ألف رجل.. قام بذلك من موقع أنه سني ولكن الشيعة واعون لتلك الممارسات القذرة وكيف أن صدام بطش بالسنة قبل الشيعة.
أعتقد أن مسألة نعت الحالات التي تحدث في الشارع العراقي والعمليات التي تتم.. وان الشيعة لهم فهم والسنة لهم فهم غير صحيحة اطلاقاً الحالة العراقية الآن تتمظهر على شكل تفاوت في الوعي والهوية الفكرية والسياسية والوطنية، وليس تفاوتا في الجانب المذهبي، ولا يجب أن نقول أن عراق اليوم هو عراق المذهب الفلاني ضد المذهب الآخر.
بل العكس من ذلك، فحينما تتحرك في رواق من أروقة التصدي السياسي تجد اللقاء قائما بين السنة والشيعة.
* باعتباركم قريبون من صناعة القرار العراقي.. دعني أسألكم عن حجم المعتقلين العرب لديكم الآن؟
- هناك بعض المعتقلين العرب لدينا.ويبدو أنهم متورطون فعلاً في بعض العمليات التي حدثت.
* وهل بينهم سعوديون؟
- هناك كلام عن ذلك.
ولا اكتمك سراً ان الجهات التي تحقق معهم ليست جهات عراقية.
ولذلك يصبح الحديث بمثل هذه القضية كحديث خبر وليس حديث يقين.. قائم على الممارسة ما دمنا لسنا الجهة المتصدية باجراء التحقيقات.
نحن نتحدث عن مستوى الأخبار التي تصلنا.. ولكن هذا الخبر لا يعني أنه عار من الصحة، لأنني أتذكر جيداً انه في احدى المحاولات التي حدثت في بغداد، تم إلقاء القبض على أحد الأشخاص كان متلبسا في حالة لتفجير سيارة، واعترف كاملاً وأنه يحمل جوازاً عربياً لاحدى الدول ولكنه لا ينتمي لها وانما يحمل جوازها.
ولكن لا يفوتني في هذا المقطع ان أقول.. انه يجب أن نميز بين المواطن الذي يأتي للعراق لأي سبب من الأسباب، وبين الوطن الذي ينتمي إليه سواء كان وطن الاجتياز أو الوطن الأم فحينما يجتاز دولة مجاورة نحو العراق، لا يعني أن تلك الدولة تتحمل مسؤوليته.وحتى الوطن الأم الذي ينتمي إليه.. يجب أن نفرق بين هوية الدولة وهوية الشعب وهوية ذلك الشخص.
فليس بالضرورة ان يتفق ذلك البلد مع ذلك المواطن فيما يقدم عليه.
* وهل أولئك العرب المقبوض عليهم بأعداد كيبرة؟
- هناك متورطون عرب.وحسب الظاهر ليسوا بالأعداد الكبيرة.
* حسناً .. هل وضعتم في الحكم الانتقالي آلية تشاورية مع الحكومات المجاورة للحد من دخول أمثال هؤلاء؟
- نعم حدث هذا، وجرى ذلك على أكثر من صعيد.
ففي زيارتي الأولى للامارات وسلطنة عمان والبحرين ثم المملكة العريبة السعودية ومصر والأردن، كان هناك حديث كجزء من حواراتنا مع المسؤولين هناك، حول مراعاة مراقبة الحدود لضبط الوضع الأمني.
وقد أكدوا لي جميعاً سواء السعوديون أو الأردنيون أو الكويتيون، حرصهم على مسألة الحدود وضبطها وضبط أي اختراق أو تسلل يأتي من أراضيها.
وأنا على يقين أنهم جميعاً يعانون من هذا الاختراق والتسلل الذي يحدث.
ولعلكم تلاحظون الآن.. أن هناك تحسناً في الوضع الأمني الجنائي الداخلي كالاغتيالات الشخصية والسرقات والسطو واحتلال المنازل والاختطاف للمساومة.
قد تكون هناك اختراقات وحوادث ولكنها منخفضة جداً عن المعدلات السابقة.
* دعني أسألكم - ختاماً - هل لا زال ما يسمى بفدائيي صدام يقومون بالدور الأكبر في العمليات التي تحدث سواء خلخلة النظام أو التفجيرات وغيرها؟
- يجب هنا أن نفرق بين المقرر والمنفذ ونفرق من زاوية أخرى بين طبيعة العملية التي تتطلب اعداداً انتحارياً وبين حالة الاحتراف وبورصات الاستفادة من تلك الأمور.
أعتقد أن صدام حسين خلال فترة حكمه الطويلة استطاع أن يستقطب أعداداً كبيرة ممن يسمون .. (فدائيي صدام) وهؤلاء تعرضوا إلى أجواء تربوية سيئة وحالة من غسيل الأدمغة ولكنني أتصور أن هؤلاء غير مستعدين لممارسة حالة انتحارية يفقدون حياتهم بها.
الوضع الانتحاري يختزن في داخله مفهوم التضحية بالروح ومعناها الايمان بالله والحياة بعد الموت.
وهذه عادة تحتبس وتتحرك في اطار الحالة الإسلامية ولكني أتساءل.. هل الشريعة الإسلامية وتعاليم الإسلام القويم تجيز انتهاك الاشهر الحرم وقتل الأبرياء والتضحية بالأرواح؟
|