Saturday 7th February,200411454العددالسبت 16 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ما هي حقيقة الإيمان؟ وما هي حقيقة العقيدة؟ وهل يكفي الإيمان بالقلب كما يروج الملحدون؟ وهل العقيدة شيء منفصل عن الإيمان، وما هي فوائد الإيمان؟
كل هذا وغيره ما سوف أتحدث عنه في هذه العجالة، كما أرجو أن يكون حديث القلب للقلب.
عزيزي القارئ: نسمع الإمام في الصلاة ونقرأ في المصحف في آخر سورة البقرة قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله).
ودرسنا في مادة التوحيد من السنة الأولى الابتدائية أركان الإيمان الستة، ولكننا قرأنا وسمعنا ودرسنا دون إمعان نظر فيما درسناه ودون تفكير في الغرض الذي سيقت له هذه الأيات وما هي الفائدة من هذه الدعامات والأركان ودون تعمق لمعرفة المغزى والمعنى المطلوب ومررنا بهذه الأشياء مر الكرام. ولذا لم ندرك السر ولم تتضح لنا الصورة ولم يستقر في وجدان أكثرنا ان الإيمان والعقيدة هي الحياة المتكاملة وبدون الإيمان الموت خير من حياة يشوبها الشك فالحديث عن الإيمان يبعث في النفس الطمأنينة والمتعة وراحة الضمير كما ان الإيمان يكسب المؤمن قوة روحية واقداماً على العمل. ولذا يقول الصادق الأمين عليه السلام: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير).
والإيمان درجات كما جاء في الحديث :(الإيمان بضع وسبعون شعبة فأعلاها قول: لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) وأما أركان الإيمان وقوامه التي لا يتم إلا بها كاملة فهي أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقضاء والقدر, والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعاصي, وتعريف الإيمان باللغة هو مجرد التصديق بالشيء والاعتراف به، ولكن الإيمان بالشرع لا يكتفي بمجرد الايمان بالقلب بل لابد من الاعتقاد الجازم والعمل بما يقتضيه هذا الإيمان من قول أو فعل. أما العقيدة فهي الحكم الذهني القاطع فإن طابق الحكم الذهني الواقع فالعقيدة صحيحة وان خالف الواقع فالعقيدة فاسدة والعقيدة الراسخة هي دعامة الإيمان وهي مبدأ مقدس تستلزم الحفاظ عليه والدفاع عنه.
وعلى الإنسان العاقل ألا يعتقد ولا يؤمن إلا بما دل على صحته نص شرعي.. وبالعقيدة الصحيحة السليمة والإيمان تكون راحة الضمير وسلامة المنهج وهما يبعثان على التمسك بالأخلاق الفاضلة كالعفة والشرف والصدق والتسامح والايثار والأمانة..والمؤمن الحق ذو العقل السليم يجد للإيمان حلاوة يشعر بلذاذتها وتظهر آثار الإيمان واضحة في تصرفاته. فمن آثار الإيمان المحبة الكاملة لله ولرسوله والدليل على محبته لله ورسوله اقتناعه الكامل بحكمة التشريع ومن آثار الإيمان ان يحب المؤمن محبة خالصة لله لا نفاق ولا مجاملة فيها ولا لكسب مادي أو تزلف ومن مظاهر الإيمان ان يبغض الكافر والكافرين وان يكره ان يكون كافراً مثل كراهيته لقذفه في النار. فقد روى البخاري في صحيحه عن أنس ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ان يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه إلا لله وان يكره ان يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار).
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.. مما سبق عرفنا انه لا عقيدة لمن لا إيمان له و(إذا الإيمان ضاع فلا أمان) .. وقد مدح الله المؤمنين بسورة من القرآن تعرف باسمهم مطلعها (قد أفلح المؤمنون) ثم ذكر أوصافهم جعلنا الله وإياكم منهم.
وغير المؤمن الشاك والملحد وفي الشك حيرة وتخبط وعذاب للضمير وصاحبه يشعر بحيرة وانتكاس وخيبة امل كما ان عدم ثقته بنفسه وبالآخرين يجعل منه عضوا أشل لما يتوقعه دائما من الفشل الذريع.. إذاً فالإيمان بناء والشك هدم والإيمان قوة والإلحاد ضعف والإيمان وحدة واتحاد والكفر تفكك وتفريق والله تعالى يقول: (إنما المؤمنون إخوة) والرسول عليه السلام يقول (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل البنيان يشد بعضه بعضا). فمادام الأمر كذلك فلا صلاح للمسلمين بدون الإيمان ولا فلاح لهم بدونه. وعلى الشاب المسلم أن يتسلح بالإيمان فهو الذي يعصمه من تلك التيارات الجارفة والمبادئ الهدامة الموجهة لتشكيك المسلمين في عقائدهم وإيمانهم بربهم وليسهل قيادهم إلى معارك القوى المتصارعة ويمكن تفرقة المسلمين وتجزئتهم أحزاباوكتلامتناحرة ليشغلوهم بإثارة العصبيات وإثارة الخلاف والشقاق فيما بينهم فيتمكنوا من السيطرة عليهم باسم المساعدة ويتدخلوا في شؤونهم ويبتزوا ثرواتهم ويسخروهم للتسبيح بحمدهم واعتبارهم المنقذين الأوفياء. فبالإيمان والدفاع عن المبدأ والعقيدة والذود عن حمى الدين تتم للمؤمنين القوة والعزة والمنعة وبعد: فأرجو أن أكون قد وفقت لاعطائك لمحة تبين لك معنى الإيمان الصحيح وآثاره كما أرجو أن التقي معك في موضوع آخر وشكراً..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved