عندما شاهدت الشاب السعودي عبدالرحمن الدوسري الذي لم يتجاوز العشرين عاماً من عمره منوماً في مستشفى الملك خالد الجامعي في الرياض من عام 1411 أي منذ 13 عاماً وكان عمره 7 سنوات عندما أصيب في حادث سيارة بوادي الدواسر سبب له شللاً رباعياً أقعده تماماً عن الحركة والكلام، تذكرت أثناء زيارتي له الابتلاء العظيم الذي أصيب به نبي الله أيوب عندما أقعده المرض حوالي 18 عاماً وكان صابراً على بلاء المرض كما صبر على بلاء فقدان المال والأولاد.
تحدثت مع نفسي عن عبد الرحمن الصابر على مرضه منذ 13 عاماً ولم يتحرك من سريره في الجناح رقم 12 بمستشفى الملك خالد الجامعي في الرياض، وقد شاهدت في عبد الرحمن نوراً يملأ وجهه وابتسامة صافية لم أشاهدها في غيره من الأصحاء وشعوراً بالرضا على قضاء الله، وعندما سألت صديقي عبد العزيز العواد عقب زيارتنا لعبد الرحمن في إجازة العيد قال لي: إنه يحفظ تسعة أجزاء من القرآن الكريم ويستمع لقراءة عدد من الكتب الدينية وخاصة كتاب التوحيد، وعبدالرحمن أهله في وادي الدواسر يلقى رعاية من ابن عمومته مبارك الدوسري وزيارات من محبي عبد الرحمن فأصبح له عدد من محبيه الذين يقومون بزيارته من وقت لآخر وهم يزدادون يوماً بعد يوم.
أعتقد أنه يجب أن نأخذ الدروس والعبر من عبد الرحمن ودعوني أرصدها في الرسائل التالية:
الرسالة الأولى: لكل إنسان مريض بالحقد والكراهية والغيرة والغفلة ومتسبب في قطع الأرزاق بعيد عن رب العزة أقول له قم بزيارة عبد الرحمن وذكر نفسك أنك مكانه فعالج نفسك بالعودة إلى الله وحول مرضك وداءك إلى دواء تنشره بين الناس.
الرسالة الثانية: إلى الشباب الذين يقودون السيارات بسرعة جنونية فهل تريدون ان يكون مصيركم المرض أو الموت المبكر.
الرسالة الثالثة: أوجهها إلى إدارة مستشفى الملك خالد الجامعي وأقول لهم إن عبدالرحمن يستحق الاهتمام والرعاية في غرفته التي تحولت إلى شبه مخزن للمستشفى وآمل من كل طبيب أو مسؤول في الجامعة أن يتخيل ان عبد الرحمن ابنه فماذا يفعل معه؟
الرسالة الرابعة: أوجهه إلى الجميع لزيارة عبد الرحمن للاتعاظ والاعتبار والتخفيف عنه في شدته اقتداء بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الإسلام، نادي منادٍ ان طبت، وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً)، ونقول للمريض: أسألُ الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك)7 مرات.
ورسالتي الأخيرة لعبد الرحمن نعم الشاب الصالح الصابر على قضاء رب العالمين حين قال في حديث قدسي: (ارض بما قسمت تكن أغنى الناس)، فهنيئاً لعبد الرحمن بصبره ورضاه بقضاء الله وقدره، وندعو الله العلي القدير ان يمنَّ عليه بالشفاء ويعيد له صحته وعافيته، ويصبح شاباً قادراً على العطاء وأنموذجاً للإنسان الصالح، كما أدعو كل إنسان يتسم بالإنسانية بزيارة عبدالرحمن ليرى ويشاهد هذا النموذج الفريد الذي يستحق كل الرعاية والاهتمام.
حازم الشرقاوي
|