* مكة المكرمة - واس:
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم المسلمين بتقوى الله لأنها الزاد وعليها بعد الله المعول والاعتماد.
وهنأ فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام بمكة المكرمة أمس حجاج بيت الله الحرام على أن منَّ الله عليهم بأدائهم مناسكهم بكل يسر وسهولة موضحاً أن هذه نعمة من نعم الله تستحق الشكر المتمثل في الإكثار من ذكره والتوجه إليه بالدعاء وحده لاشريك له حيث إن الله أمر بذكره عند انقضاء المناسك وأرشد سبحانه إلى دعائه بعد كثرة ذكره لأنه مظنة الإجابة كما أنه سبحانه ذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه وهو معرض عن أمر آخرته.
وقال إن الله سبحانه وتعالى امتدح من جمع بين أمري الدنيا والآخرة فمنهم من يقول:{وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وهذه الدعوة جمعت كل خير في الدنيا وصرفت كل شر وشملت العافية والرزق الواسع والعلم النافع والعمل الصالح والثناء الجميل أما الحسنة في الآخرة فهي دخول الجنة والنظر إلى وجه البارئ جل شأنه والأمن من الفزع وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة وان هذه الدعوة أكثر ما يدعو بها الرسول صلى الله عليه و سلم.
وبيّن أن الحج إلى بيت الله فيه سمة المشقة لأنه سفر من الأسفار المتنوعة واجتمع في هذا النسك العظيم مشقتان الأولى مشقة السفر والثانية مشقة أنساك الحج المبنية على البعد عن الترفيه إضافة إلى ذلك أنه مظنة إلى التزاحم والتدافع ووقوع شيء من التضرر مع تلك الجموع الغفيرة التي تتقاطر إلى رمي الجمار مما يستدعي الأناة والهدوء والتعاون لدى الحجاج.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام إن المزاحمة والاقتتال حال أداء بعض الانساك كتقبيل الحجر الأسود أو رمي الجمار أو سد الطرقات في المسجد الحرام وممرات المشاعر كل ذلك مدعاة لحدوث الخلل ووقوع الإرباك في صفوف النساك.
وحث فضيلته المسلمين على الاستقامة وعلى الطاعة والتوبة بعد الحج واتباع السيئة الحسنة لأن من علامة قبول العمل وحب الله ورضاه عن الحاج والمعتمر أن يواصل الطاعة بالطاعة محذراً إياهم من النكوص عن العمل الصالح والتوبة النصوح.
وقال: (إن من المسلم به ان التزاحم والتدافع في الأماكن الصغيرة والأوقات الضيقة مظنة ولاشك للأخطار وما وقع فى يوم العقبة من وفيات فهو مبني على التفريط في الرفق والهدوء والسكينة وعدم الاستعجال وأخذ السعة فيما فيه سعة وإلا فإن من قضوا نحبهم فى ذلك اليوم كانوا على خاتمة خير نحسبها كذلك لأنهم ماتوا محرمين ومن مات محرماً فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً.
وأوضح فضيلته أن ما وقع يوم العقبة لا يرجع سببه إلى الناحية الشرعية أو قصور الفتوى في ذلك وإنما يرجع إلى تزاحم الناس وتدافعهم وقلة الوعي لديهم وإلا فأهل العلم قد بيّنوا أن وقت العقبة يبدأ من طلوع فجر يوم العيد إلى فجر اليوم الثاني وأجازوا الرمي قبل فجر يوم العيد بعد منتصف الليل للظعن والضعفاء.
وقال إن مما يؤكد ما ذكرنا أن وقت الرمي في يوم النفر الأول أضيق منه في يوم العقبة ومع ذلك لم يحصل في ذلك اليوم مثل الذي حصل في يوم العقبة.
وأضاف يقول إن على العلماء وأهل الفتوى إعطاء أمور المناسك شيئاً من جهودهم وأوقاتهم وأبحاثهم وعليهم أن يجمعوا في فتواهم بين معرفة الدليل الشرعي وبين معرفة الواقع والحال الجغرافي بالنسبة لعرصات المناسك فإنه كما تقرر في القواعد والأصول أنه لابد أن يجمع العالم بين أدلة الأحكام وأدلة وقوع الأحكام وصاحب الفتوى اذا لم يكن مدركاً لجغرافية المناسك إدراكاً جيداً فإن ذلك مظنة للقصور في الفتوى كما صار مثل ذلك لبعض علماء بعض المذاهب حينما رأوا السعي بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا وذلك لأنهم لم يكتب لهم الحج إلى البيت الحرام كما أنه يجب على العلماء وطلبة العلم ألا تكون فتاواهم في الحج مبنية على ردود الأفعال أو تأثراً بكثرة الطرح الصحفي والمجالس بل لابد أن تكون نابعة عن فقه وفهم و تروٍ وإدراك للحجم الذي ستطاله الفتوى لأنها تعم جميع الحجاج بلا استثناء.
وأردف يقول إن مثل هذه المسائل تستدعي شحذ الهمم في نفوس القاصدين للنسك بأن يتعلموا أحكامه ويتعرفوا على أماكنه وعرصاته وكيفية التعامل معها من خلال السبل التوعوية في بلد الحاج قبل قدومه إلى مكة مما يساعد على إحسان التعامل مع المناسك بالوجه اللائق وهذا أمر ملقى على عاتق المؤسسات والبعثات ذات الاختصاص إضافة إلى ما تقوم به جهات الاختصاص في توعية الحجاج إبان الحج نفسه.
وأكد فضيلته أنه لايمكن أن تستقل الفتوى بالحلول لبعض نوازل موسم الحج دون الرجوع إلى النواحي التنظيمية والتطبيقية والهندسية ، فالتنظيم وحده لايكفي والفتوى وحدها لا تكفي والكمال كل الكمال في توافق الفتوى الشرعية مع الجهات التنظيمية مع عدم إغفال حال الوعي لدى الحاج.
|