هاتفت أحد أقربائي في مكة المكرمة حيث كان يؤدي فريضة الحج، وما ان استهليت مكالمتي له بتهنئته بالعيد، حتى بادرني على الفور متضجراً من نوعية الخدمات التي حصل عليها من قبل حملة الحج التي حج معها، على الرغم من ضمان تلك الحملة لنوعية متميزة من الخدمات من خلال العقد المبرم بين الطرفين، وعلى الرغم من الارتفاع الملحوظ في المبالغ المالية التي تقاضاها صاحب الحملة مقابل تلك الخدمات.
وما من شك ان هناك الكثير من الحجاج الذين سيعانون من ذلك الجشع وتلك اللامبالاة من قبل بعض أصحاب حملات الحج، فلماذا يتكرر مثل هذا الوضع كل عام، ولماذا يعاني البعض من حجاج الداخل الكثير من المعاناة سنوياً بسبب تلك الممارسات غير المقبولة من قبل بعض أصحاب حملات الحج، علماً بأن هناك مغالاة في المبالغ المالية التي تتقاضاها تلك الحملات عن كل حاج، وعلى الرغم من التزام تلك الحملات بعقود موثقة يتوجب عليها من خلالها تقديم خدمات متميزة هي أبعد ما تكون عن مستوى الخدمات التي تقدمها تلك الحملات على أرض الواقع دون ان يكون هناك عقوبات كفيلة بردع أصحاب تلك الحملات عن ارتكاب مثل تلك المخالفات التي تسيء إلى ضيوف بيت الله.
إنني أتساءل عن الدافع الذي يجعل المستثمرين من أصحاب تلك الحملات يحترمون أنظمة وتعليمات وزارة الحج طالما ان تلك الأنظمة لا تتضمن العقوبات الكفيلة بردع البعض من المستهترين من أصحاب الحملات، فالعقوبات المقررة من قبل وزارة الحج لا تتضمن عقوبة التشهير، كما ان العقوبات المالية محدودة جداً.
في ظني ان عقوبة التشهير بمؤسسات حجاج الداخل المخالفة كفيلة بعدم قيام أي من حجاج الداخل بالتعاقد مع تلك المؤسسة في السنوات المقبلة، وبكل تأكيد فعقوبة التشهير ستكون مجدية في ظل التواضع غير المقبول في حجم الغرامات والعقوبات المالية التي تضمنتها لوائح قواعد تنظيم خدمات حجاج الداخل والصادر عام 1410هـ والتي تم تطبيقها على المخالف من المؤسسات خلال حج العام الماضي وأتمنى ان لا يتم تطبيقها على حج هذا العام، خاصة إذا ما علمنا بان الحد الأعلى للغرامة المالية التي يتم تطبيقها على المخالف من حملات الحج لا تتجاوز العشرين ألف ريال، في الوقت الذي تحقق تلك الحملات الملايين من الريالات كأرباح محققة من الرسوم العالية التي تفرضها تلك الحملات على الحجاج.
ان كانت وزارة الحج ستقوم بفرض غرامات مالية على عدد من مؤسسات حجاج الداخل نظراً لتقصيرها في خدمات السكن والنقل والإعاشة المقدمة للحجاج، فإنني أجزم بان تلك العقوبات لن تصلح من الأمر شيئاً طالما ان الحد الأقصى للغرامة التي يمكن فرضها على المؤسسات المخالفة لا يوازي سوى نقطة في بحر من حجم الأرباح الطائلة التي تتقاضاها تلك المؤسسات من الحجاج. ولذا فإنني أناشد المسؤولين إعادة النظر في حجم العقوبات المفروضة على المؤسسات المخالفة حيث سينعكس ذلك إيجابياً من خلال الحد من التغرير بالحجاج.
|