هذا الإنسان (المليء بالغرور) الذي يمشي في الأرض مرحًا.. ويملأ الدنيا ظلما..!
هذا الإنسان هل يستطيع أن يملك لنفسه خيراً أو شًرا.
إن مبلغ علمه أن يعرف اللحظات التي يعيشها، والصعوبات التي يراها، أما غير ذلك فإن بصره يرتد إليه خاسئاً وهو حسير..!
(الروح) التي بها حياته ومماته.. إن أعظم عالم رياضيات يتساوى علمه بها مع أجهل إنسان في الدنيا..!
ترى، لو أن الإنسان يعلم شيئاً من الغيب هل كان من الممكن أن يتعرض لمشكلات في حياته..!
ولو كان يعلم الغيب لبنى كل خطط حياته على معلومات أمام عينيه، ولكن الله سبحانه استأثر بالغيب عنده.
الإنسان يعيش وفق قدر الله الذي كتبه عليه، وأعطاه الإرادة ليختار أي الدروب دون أن يعلم نهاياتها.
وكم يسعد الإنسان منا بأمر يناله في هذه الدنيا، لكن أحياناً يكون هذا الأمر الذي سعد به حاملاً الشر الذي لم يكن يتوقعه..!
والعكس صحيح، فكم كره الإنسان أمراً ما، ثم في نهاية الأمر وجد فيه خيراً كثيراً.
***
** أروي هنا قصة مؤثرة بالغة الدلالة رواها معالي الأديب د. عبدالعزيز الخويطر في زاويته (بالمجلة العربية) عدد ذي الحجة 1424هـ، وأنقلها مع بعض الاختصار.
((كان هناك أحد الولاة في زمن غابر، وكان له جليس حكيم يجد لديه من الرأي والحكمة ما يجعله يأخذ رأيه فيما استعصى عليه، كان هذا الجليس الحكيم، إذا ما سئل عن رأيه يقول: بثبات المؤمن وطمأنينته (لعله خير).
وحدث في يوم من الأيام أن خرج هذا الوالي ومعه جلساؤه، للصيد، وعندما أطلق بندقيته على طريدته، ارتد الطلق على يده، فأتلف إصبعه، فالتفت إلى من حوله، وبينهم (الجليس الصالح) التفاتة المستطلع لرأيه فقال له الجملة المعتادة (لعله خير)، ولم يجد في هذا الحادث خيراً، وغضب على هذا الحكيم، فأرسله إلى السجن، وبقي فيه أربع سنوات، أو تزيد.
وخرج الوالي للصيد وهو في الطريق انفصل عمن معه، فخرج عليه قطاع طرق على غير ملته، ولهم طقوس وثنية من بينها أن من مسكوه في هذا اليوم ضحوا به لآلهتهم، ولم ينفع الوالي تأكيده لهم أنه الوالي، وأن إطلاقه سوف يدر عليهم رزقاً كثيراً، ولكن ولاءهم لآلهتهم كان أقوى من المال.
وكان لابد لمن يضحَّى به أن يكون جسمه سليماً من الآفات والعيوب، لتليق التضحية له بمقامه في عقيدتهم، فلما تبين لهم أن إصبعه مقطوع أطلقوه مشيعاً باللعنات لما أضاعه عليهم في هذا اليوم، فعاد إلى بلاده، وتذكر السجين، فأمر بإطلاقه، وإحضاره لما ثبت من صدقه، واعتذر له عن سجنه، فما كان من السجين إلا أن رد (لعله خير) فدهش الوالي، وقال له: فهمت أن قطع إصبعي كان لخير، ولكن كيف يكون سجنك خيراً، قال: أيها الوالي، لو لم تسجني فربما كنت أنا الذي مسكه القوم، وضحوا بي)).
وبعد:-
هل بعد هذا تتغلب طبيعة الإنسان فينظر إلى هامش الأمور لا إلى أبعادها، ويحدق بسطحية الحياة لا إلى عمقها..!
إننا لو نظرنا إلى الوجود وإلى ما ينالنا من خير أو يصيبنا من شر نظرة هذا (الحكيم) لعشنا سعداء، لأننا نؤمن عندها قولاً وسلوكاً وتصرفاً: أن الخير والشر من قدر الله الذي لا يُرد.
الملابس النسائية
مرة أخرى..
** حمدت تلك (الغيرة) التي تجلت في تفاعل عدد كثير من القراء مع مقالتي الأسبوع الماضي الذي دعوت فيها إلى تخصيص محلات لبيع الملابس النسائية الداخلية، ويكون الباعة فيها نساء!
وأخص بالشكر معالي الشيخ إبراهيم الغيث الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسعادة الأستاذ حمد الحميدان نائب أمين عام الغرفة التجارية بالرياض.
وقد أسعدني اهتمامهما بهذا الموضوع من واقع مسؤوليتهما العملية، وغيرتهما الأخلاقية، وأستشرف أن نرى حلاً قريباً لهذه القضية رفعاً لحرج نسائنا، وإغلاقاً لأسلوب يتقاطع مع الحياء.
آخر الجداول
.. للشاعر هلال السَّيابي: