تناولت صحيفة الرأي العام الكويتية هذا الأسبوع في مقال افتتاحي لها موضوعا خطيرا يكاد يكون حديث السياسة الأول ألا وهو المصير الذي آل وسيؤول إليه المدّ الأحمر الذي بثّ شباكه في عدد من البلدان العربية حينما نكبت عن جهل أو خداع بالأفكار الشيوعية والاشتراكية الملتفة تحت قناع اليسار والتقدمية، وقد استهلت الصحيفة افتتاحيتها بقولها:
حينما كان اليمين العربي يتداعى وينفرط عقده كان اليسار العربي يمسك بالناصية ويقف مزهوا وسط عالم عربي أقل ما يقال فيه أنه حائر، أو ضائع. وكان اليسار انتهازيا بصورة نموذجية فأدرك هذه الحيرة وعرف هذا الضياع فراح يستغله ويعمق جذوره، لكن دون أن يقدم أي حل موضوعي لأزمة الإنسان العربي.
فقد اتبع طريقة الإغراق؛ أي أنه أغرق الإنسان العربي المريض بوصفات وروشتات لا حصر لها من الأفكار المستوردة، الجاهزة، وأوهمه أن لا دواء غير هذا، ولا أمل بغير هذا.
واستطردت الصحيفة تقول:
والمريض يتعلق بحبال الوهم دائما، وهكذا اندفع الناس وراء السراب، والشعارات الكاذبة عن العدالة والحرية والتحرير، إلى موقع ليس أفظع منه ولا أشنع.
وعلى عكس اليسار في أمكنة أخرى من العالم، لعب اليسار العربي دورا ببغائيا ومخربا، بحيث أنه أجهض حتى النتائج الطبيعية للصدام الحتمي بين القديم والجديد.
وبسلوكه الأحمق أعاد الاعتبار للقديم وأعطاه زخما إضافيا بينما سلب الجديد كل رونق أو قدرة على الخلق والتقدم. بمعنى أنه لعب دور حصان طروادة داخل الطموح العربي إلى مستقبل أفضل.. ونفث فيه جرثومة الهلاك والمرض الدائم. وحينما ينظر العربي، الآن، إلى خريطة هذه المنطقة، وينفذ عبر طاقاتها الهائلة، ثم يرى بعد ذلك الوضع الذي آلت إليه، وكيف نفست الآمال العراض على أيدي اليسار العربي ، يشعر كم من السنين هدرت، وكم من الامكانات والفرص ضاعت.
وتختم الصحيفة كلمتها بقولها:
ومن هنا نلاحظ، اليوم، كيف ينحسر هذا اليسار ويتراجع إلى داخل الخدعة التي أطلقها وحبس الناس فيها نحوا من عشرين سنة.
ولعل التمزقات والانشقاقات التي نراها داخل الأحزاب اليسارية، فضلا عن التصفيات والمؤامرات التي تحدث داخل أنظمة اليسار، تكفي للتوكيد بأن هذا اليسار انفضح وانهزم.
يضاف إلى ذلك أن الزمن تخطى اليسار كله. ثمة معطيات جديدة، جاء بها العلم، دفعت اليسار إلى الخلف بعيدا.. فضلا عن الفشل المرير الذي مُنِي به حتى في أبسط القواعد التي يرتكز إليها ويبني مجده عليها. إذ هو لم يستطع، في أي بلد حكمه، حتى من تأمين الخبز العادي للناس ناهيك بالعمل.. والعدالة والكفاية.
|