Thursday 5th February,200411452العددالخميس 14 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ميِّتُ غدٍ يدفن ميِّتَ اليوم! ميِّتُ غدٍ يدفن ميِّتَ اليوم!
عبد الكريم بن صالح الطويان

قالوا: توفى الله (إبراهيم)
قلنا: سبحان الله...
اللهم اغفر له وارحمه, لقد عرفنا (إبراهيم) (عقلاً) راجحاً (روافا) بأهله ومحبيه! امتاز بصفات كثيرة حياء وخلقاً وإيماناً وطموحاً في ميادين الحياة! وودع الحياة زهرة جميلة كزهور الحياة عني بها وغرسها ورآها كيف ترحل بعد الربيع سريعاً!
ومشينا ليلاً نحث الخطى العجلى إلى الجامع ووقفنا خشوعاً نصلي العشاء الآخر، وقرأ الإمام الخاشع سورة (القيامة): (لا أقسم بيوم القيامة, ولا أقسم بالنفس اللوامة, أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه, بلى قادرين على أن نسوي بنانه) واهتزت منا العظام, ونبضت القلوب, واختلجت الجوارح, ودمعت العيون! وتدبرنا آيات الله الكريمات, وهي تحدثنا عن حب (العاجلة) وهي تصف لنا وجوه الصالحين ووجوه الفاسدين, وهي تحدثنا عن حال الميت وهو يحتضر, وهو يفارق أهله, وهو يساق إلى رب العالمين!
وجيء بإبراهيم مُسجى على نعش خفيف تسابقت أيدي الرجال على حمله, فصلينا عليه وسألنا الكريم له العفو والرضوان وجنات الروح والريحان, وخرجنا وراء نعشه المحمول على الأكتاف ونحن نحاور أنفسنا اللوامة, نلومها على الغفلة وحب الدنيا, وجمع الحطام الزائل, ونسيان موعد الرحيل!
ودخلنا (المقبرة) التي امتلأت بقبور المسلمين, وتذكرنا قولاً قديماً:


(ويدفن بعضنا بعضاً ويمشي
آواخرنا على هام الأوائل)

وتذكرنا اليوم فعلاً أننا نمشي على هام الأوائل! سبحان الله أنقدر على ذلك!
كم في ساكني هذه المقبرة ممن عرفناهم وخالطناهم من فقهاء وعلماء, وقضاة وأزكياء ووجهاء وأغنياء! سبحان الله أنمشي على هامهم نحن الأواخر!
سبحان الله إنها سنُة الاستخلاف في الأرض!
واقتربنا من قبر (إبراهيم) واستلمه ثلة من أقربائه ومحبيه, فألحدوه في صدع من الأرض, وبنوا عليه اللبنات وفي دقائق قليلة, كان الغبار يطير من فوق جدث (إبراهيم) وصف أقرباؤه وتزاحم عليهم الناس يُعزونهم ويدعون لميتهم...
وصفقت النعال خارجة بسرعة من دار أدمعت العيون وأبكت القلوب ورجفت منها الضلوع إلى دار نُحب زهرتها يفتننا طعامها وشرابها, تخلبنا زينتها وقنيتها وأثاثها ورياشها...
وأيام قليلة...
نسينا (إبراهيم)..!
لكنً ابتسامته الجميلة ما زالت تُشرق في الذاكرة كلما غيًم النسيان عليها, وكيف تنسى: (إبراهيم بن عقل الرواف) رحمه الله..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved