الكل منا يفخر بما قدمته دولتنا الحبيبة لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج والعمرة فلقد اهتم قادة المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- برعاية الحجاج والمعتمرين وبتحسين وتوسعة الحرمين الشريفين ليواكبا الأعداد المتزايدة من الحجاج والعمار.
فأولى الملك عبد العزيز -رحمه الله- هذا الأمر جل اهتمامه ومن أشهر مقولاته رحمه الله: (إن السعي لخدمة مصالح الحجاج في هذه البلاد المقدسة من أسباب القرب إلى الله إن شاء الله ومن الواجب لمصلحة هذه البلاد العناية بهم والسهر على راحتهم). فلقد أنشأ -رحمه الله- عام 1344هـ إدارة الحج وهي مرتبطة بوزارة المالية ولها ميزانية خاصة زادت عام 1369هـ على 378 ألف ريال وكانت مهمتها استقبال الحجاج وتيسير إقامتهم وسكنهم وتنقلاتهم وأداء مناسكهم حتى يغادروا عائدين إلى أوطانهم، وأنشئت محطة إذاعة محلية لإرشاد الحجاج والتائهين منهم كما أصدرت مجلة خاصة بالحجاج اسمها (مجلة الحج) وذلك عام 1366هـ.
ولقد وضع الملك عبدالعزيز خدمة الحجاج في مقدمة أولوياته وسخر لذلك الإمكانيات كافة. وبعد أن ضم الملك عبدالعزيز منطقة الحجاز ازداد عدد الحجاج بشكل كبير وذلك عام 1345هـ وذلك بسبب توفر الأمن للحجاج.
وفي عام 1368هـ أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بإصلاح وترميم المسجد النبوي وتوسيعه من 10 ،203 أمتار مربعة إلى 16 ،326 متراً مربعا بعد أن ضاق بازدحام الوافدين إليه وتم العمل بهذا المشروع في شوال عام 1370هـ، وكلف المشروع حوالي سبعين مليون ريال، وفي ذلك الوقت قامت إصلاحات عمرانية في المدينة المنورة مثل استحداث الميادين وشق الشوارع وتعديلها، كما أنجز جزء كبير من طريق جدة - المدينة لخدمة الحجاج حيث أنجز حوالي مائة كيلو متر من 424 كيلو متر.
وفي عام 1369هـ تم توسعة ميناء جدة وتحويله من مرفأ قديم إلى مرفأ حديث عام مجهز بأحدث الوسائل والآلات اللازمة، وأصبح يستقبل مئات البواخر الكبيرة سنوياً بيسر وسهولة مما سهل على الحجاج الوصول إلى جدة.
ولخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله أياد بيضاء في توسعة الحرمين وتطويرهما حتى وصلت إلى قمة الإنجازات الإسلامية، ومن شدة حرصه حفظه الله على خدمة الحرمين الشريفين فإنه قد لقب نفسه (خادم الحرمين الشريفين) بدلاً من (صاحب الجلالة) وذلك في 24 صفر 1407هـ. فلقد قام خادم الحرمين الشريفين بتوسعة الحرم المكي والحرم النبوي الشريف.
أما توسعة خادم الحرمين الشريفين للحرم المكي فكان هذا أكبر مشروع لتوسعة المسجد الحرام منذ 14 قرناً كما أنه تجسيد شاهد على اهتمام المملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين بالأماكن المقدسة لخدمة المسلمين، وذلك بالعناية بأقدس البقاع عندهم.
كما أن المشروع يعد نموذجاً حياً لفن العمارة الإسلامية الحديثة.
وقد وضع خادم الحرمين الشريفين حجر الأساس لهذا المشروع العملاق في 2 صفر 1409هـ ويتضمن مشروع التوسعة إضافة جزء إلى مبنى المسجد من الناحية الغربية في منطقة السوق الصغيرة بين باب العمرة وباب الملك. ويشمل المشروع أيضاً تحسين الساحات الخارجية للحرم التي يبلغ إجمالي مساحتها من جميع الجهات 88 ألف متر مربع. ويرمي المشروع كذلك إلى الاستفادة من سطح المسجد الحرام الذي تبلغ مساحته 61 ألف كيلو متر مربع وبذلك أصبح إجمالي مساحة الحرم المكي الشريف بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين والساحات المحيطة 357 ألف متر مربع تستوعب ما يقارب 700 ألف مصل في الأيام العادية وما يزيد عن المليون في مواسم الحج والعمرة ورمضان.
يشمل مشروع التوسعة بالمسجد الحرام أيضاً تجهيز المبنى والساحات بالمرافق الضرورية والخدمات كالإنارة التي تستخدم فيها ثريات متناسقة مع الشكل المعماري كما تغذي إنارة الحرم عن طريق محطتي تحويل على جانبي التوسعة كل واحدة تحتوي على ثلاثة محولات قدرة كل منها 1 ،6 ميجا فون.
إضافة إلى ذلك تم بناء مئذنتين جديدتين ليصل عدد مآذن المسجد إلى مآذن الواحدة في ارتفاع 89 متراً. وقد تم إنشاء العديد من السلالم الكهربائية المتحركة طاقة كل منها 15 ،000 شخص في الساعة. وذلك لتسهيل حركة المصلين من وإلى سطح الحرم، إضافة إلى السلالم الثابتة البالغ عددها 13 سلماً، ستاً منها في مبنى التوسعة الجديد كما زود الحرم أيضاً باستديو إذاعي وتلفزيوني مجهز بأحدث الأجهزة من كاميرات تصوير متطورة وغيرها.
ورغبة في زيادة راحة المصلين أنشئت محطة تكييف الهواء في كدي على بعد ستة كيلو مترات من الحرم تربو طاقتها على 40 ألف طن لتضخ الهواء البارد عن طريق أنابيب مددت عبر أنفاق تحت الأرض، ويشمل أيضاً نظما متطورة للخدمات مثل نظام مياه الشرب المعقم والمبرد ونظام تصريف المياه العادية، ومياه المجاري، ونظام تصريف مياه الأمطار والسيول، ونظام متطور لمكافحة الحرائق، وذلك باستخدام الهليون في بعض مناطق الحرم، ويتضمن المشروع أيضاً إنشاء نفق للخدمات وهو نفق للسيارات الذي يمتد بين جسر الشبيكة غرباً وجسر قبيس شرقاً بطول 750 مترا وهو مكون من مسارين ومسار صغير للمواقف، كما أن المشروع يشمل أيضاً إنشاء شبكة حول الحرم لتصريف مياه الأمطار والسيول من حوض الحرم وجسر الحجون.
أما توسعة خادم الحرمين الشريفين للحرم النبوي فهو جزء من مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة الحرمين الشريفين وقد أولى -حفظه الله- هذا المشروع جل اهتمامه وكان دائم المتابعة لمراحل التنفيذ المختلفة.
كما كان لآرائه وتوجيهاته السديدة التي كان يبديها أثر واضح في تنفيذ هذا المشروع العملاق بالصورة الرائعة. وقد وضع -حفظه الله- حجر أساس هذا المشروع في 9 صفر 1405هـ وابتدأ العمل فعلياً في المشروع في 9 محرم 1406هـ ويضيف هذا المشروع مبنى جديداً إلى المبنى القائم من الناحية الشمالية والشرقية والغربية بمساحة تصل إلى 82000م2 كما يستفاد من مساحة سطح المسجد للصلاة التي تقدر 67 ،000م2، بحيث تكون مساحة المسجد بعد التوسعة 165 ،000م2 يضاف إلى ذلك مساحة الساحات المحيطة بالحرم بعد تحسينها وتهيئتها بهدف الاستفادة منها للصلاة وقت الحاجة، وتبلغ مساحة هذه المنطقة 235 ،000م2 وبذلك ستصل توسعة المسجد 400، 500م2 تكفي لاستيعاب حوالي 650 ،000 مصل تصل إلى مليون في المواسم.
ولقد تفردت توسعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد النبوي إضافة لما سبق ذكره ما يلي: زيادة عدد مآذن المسجد من أربع مآذن إلى عشر مآذن بارتفاع 92 متراً, وإضافة 65 باباً جديداً للأبواب القائمة وعددها 16 باباً ليصبح مجموع أبواب المسجد 81 باباً، عدا المداخل التي زيدت من سبعة مداخل إلى 23 مدخلاً، وإنشاء عدد من السلالم الكهربائية لتسهيل تنقل المصلين من وإلى السطح واستحداث الأسقف المتحركة ذات القباب التي تفتح بالكهرباء للاستفادة من الجو المعتدل والضوء وتغلق أثناء البرد والمطر أو وقت الحاجة، وعدد هذه القباب المتحركة 36 قبة والاستفادة من الدور السفلي لاستخدامه في معدات التكييف والتجهيزات الأخرى، وقد انشئت محطة لتكييف الهواء هي أكبر مشروع للتكييف في العالم وتقع المحطة على بعد 7 كيلو مترات من الحرم، وتمد الحرم بالهواء البارد الذي يصل عبر أنابيب إلى البدروم لتوزيعه عبر 144 وحدة تلطيف داخل الحرم، تزيد طاقة محطة التكييف المركزية على 25 ألف طن تبريد، بالإضافة لذلك فإن المشروع يشمل إنشاء نفق للخدمات لتوصيل خدمات الماء والكهرباء، وقد انشئت محطة كهرباء احتياطية طاقتها 12500 كيلوات، كذلك تم إنشاء ثلاثة مواقف للسيارات من دورين تحت الأرض في جهات الشرق والغرب والجنوب، تبلغ سعة استيعابها 4000 سيارة كما شمل المشروع أيضاً إنشاء 450 صنبوراً لمياه الشرب، أما الساحات الخارجية فقد زودت أيضاً بالخدمات من إنارة، ودورات مياه ومياضىء وعددها 4000 ميضأة، و650 صنبوراً لمياه الشرب إضافة إلى إنشاء 22 مدخلاً ومخرجاً للمشاة.
ومازالت التوسعات والإنشاءات مستمرة حتى وقتنا الحاضر ولله الحمد.
|