الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وآله وأصحابه ومن اتبع سنته ووالاه.
وبعد: فقد استمعت وقرأت كما استمع وقرأ غيري كلمة سمو ولي العهد الأمير:عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله التي ألقاها سموه في وسائل الاعلام ونشرتها الصحف والمجلات وهي بمنزلة منهج يسير عليه الحوار الوطني الذي أقيم ويقام في المملكة العربية السعودية والذي يكون الغرض منه إتاحة الفرصة لإبداء الآراء في حل المشكلات التي تعترض سير البلاد نحو الأصلح والمفيد وإيصال كلمة الحق إلى المخالف بطريقة مقنعة حكيمة على حد قوله تعالى: (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) وكان من ضمن كلمته حفظه الله:ألا تمس العقيدة باسم حرية الرأي وأن الغلو كما يكون في الزيادة في الدين يكون في التساهل والتفريط فيه والتمرد على أحكامه .. وهما نقطتان مهمتان تعنيان أنه لا مساومة على عقيدة التوحيد وأحكامها بل تبقى كما جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار عليها خلفاؤه الراشدون وصحابته الأكرمون والقرون المفضلة والأئمة الأربعة وأتباعهم من أهل السنة والجماعة من التمسك بالعقيدة كما جاءت في الكتاب والسنة بأقسام التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.. وتوحيد الأسماء والصفات.. وما يتبع ذلك من محبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والترضي عنهم والاقتداء بهم والثناء عليهم كما أثنى الله عليهم ورضي عنهم وأمر باتباعهم حيث قال جل وعلا : (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنار خالدين يها أبداً ذلك الفوز العظيم) وما يتبع هذه العقيدة من موالاة أولياء الله ومعاداة أعداء الله عملاً بقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق).إن هذه العقيدة قد جرى عليها وعلى أهلها من الامتحان ما جرى ويجري في مختلف العصور كما هو واقع ومشاهد الآن من خصومها ولكن قد قيض الله الأئمة المصلحين والمجددين يذبون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين..من أمثال الأئمة الأربعة.
وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه والإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب..وقيض لها من السلاطين والملوك من قام إلى جانب هؤلاء العلماء المجددين المصلحين بالحماية لدعوتهم والجهاد في سبيلها من أمثال الأئمة والملوك من آل سعود الذين ناصروا دعوة الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله والذين لا يزالون, والحمد لله, يناصرون الحق ويقمعون الباطل فمكن الله لهم في الأرض كما قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقداكم) وقال تعالى : (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز, الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) إن كلمة سمو ولي العهد - جفظه الله - بعثت الثقة في نفوس المؤمنين وطمأنتهم أن هذه الدولة بمشيئة الله ستحافظ على عقيدة التوحيد في مناهج الدراسة وفي جميع المجالات ولا تلتفت إلى أهواء المغرضين والمعرضين عن الحق الذين يتربصون بالمؤمنين الدوائر كأسلافهم من المنافقين. وصدق سمو ولي العهد - حفظه الله - حينما قال إن الغلو كما يكون في الزيادة في الدين يكون في التساهل فيه, فالتسامح في الدين إنما يكون بالعمل بالرخص الشرعية وقت الحاجة إليها وفي حدود الحاجة وليس معناه التحلل من أحكام الدين والتمرد على الشريعة وترك الواجبات وارتكاب المحظورات باسم التيسير وترك التزمت كما يقولون.
أما العقيدة فلا مجال للتلاعب بها باسم حرية الرأي كما قال حفظه الله لأن العقيدة توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها لأنها مبنية على الكتاب والسنة,فما لم يرد في الكتاب والسنة من الآراء والاجتهادات فهو مردود ومرفوض وصاحبه مخطىء ضال ولهذا رد الائمة قديماً وحديثاً على أصحاب العقائد الباطلة والأفكار المنحرفة وبينوا العقيدة الصحيحة المأحوذة من الكتاب والسنة لا من الآراء والأفكار وهذا من حفظ الله لهذا الدين كما قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى) ولما أخبر صلى الله عليه وسلم عن افتراق هذه الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة قال: (كلها في النار إلا واحدة قيل: من هي يا رسول الله قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) إذاً العقيدة الصحيحة هي عقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلا مجال للآراء المختلفة والمخالفة لهذه العقيدة وهذه العقيدة - ولله الحمد - محفوظة ومدونة في كتب أهل السنة - وهي تدرس الآن في مدارسنا ومعاهدنا وكلياتنا وتقوم عليها مناهجنا الدراسية ولا مجال لانتقادها والطعن فيها باسم حرية الرأي كما قال سمو ولي العهد حفظه الله (إن هذه الدولة السعودية المباركة قامت على العقيدة الصحيحة وإن من يريد اجتثاث هذه العقيدة إنما يريد اجتثاث الدولة) ولكن: (يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون) وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وعلى آله وأصحابه أجمعين.
(*)عضو هيئة كبار العلماء |