كتبت الأخت الفاضلة م.ع. من الزلفي موضوعاً في عدد الجزيرة 11417 وتاريخ 6 من ذي القعدة 1424هـ وكان بعنوان زوجي تزوج برواتبي من زميلتي.. وفي الحقيقة أن هذه القضية تكررت كثيرا،ً وقرأنا عنها وسمعناها كثيراً، وللأسف ستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها طالما بقيت النفس الأمارة بالسوء داخل ذلك الإنسان إلى أن يفارق الحياة.. ومن جانب آخر للأسف لم نشاهد أو نقرأ لها حلولاً جذرية علمية سليمة حتى الآن.. وبصراحة قد يكون هذا شيئا طبيعيا والمشكلة كما أسلفت ستبقى ولكن لماذا؟ ببساطة لأنه ليس لها حلول علمية عملية، وهذه المشكلة لا تقاس سواء بأدوات قياس أو بمعرفة أسبابها الظاهرية والمرئية الملموسة.
وبصراحة أكثر الحل الأمثل ينبع من الرجل، ثم المرأة ومن قراءة أنفسهما ولن يستطيع أي شخص أن يقدم لهما حلولاً إذا لم تنبع هذه الحلول من شخصيتهما.. وذلك بعد توفيق الله سبحانه وتعالى ثم بفهمهما الحسن.. نعم الحظ والتوفيق من المولى، فإذا وفق الله المرأة برجل صالح قانع محترم يخاف ربه طيب موثوق به غير انتهازي، أو استغلالي يراعي المرأة ولا يهضمها أيا من حقوقها المشروعة محب لزوجته وأسرته وأطفاله مراعياً لمشاعرهم وظروفهم ويريد أن تستمر الحياة بينه وبين زوجته إلى أن يشاء الله دون تنغيص أو مشاكل تقوض عش الزوجية الهانئ ،كذلك إذا وُفق الرجل بامرأة صالحة طيبة المعشر ودود يهمها بيتها وزوجها وأطفالها وأسرتها في المقام الأول وتقدمهم على أي شيء قد يعكر صفو حياتهم، مهما كان دون النظر إلى المصالح الشخصية والرغبات العقيمة، وما تجره المشاكل المادية من ويلات وصراع وضياع للأسرة وأفرادها.. هذا هو الحل من رب العالمين، ثم من قبل التربية والتنشئة الاجتماعية الدينية الرائعة.. وللأسف هناك قناعات شخصية وأمور كثيرة في سلوك الإنسان وتصرفاته لا نستطيع اقتلاعها إلا ربما باقتلاع جلد الإنسان وتغيير دمه! وهذه ربما تكون من المستحيلات.. فالكرم والبخل المتأصل والاستغلال وغير ذلك من الأمور المعنوية النفسية غير المحسوسة أو الملموسة، وقد لانستطيع أن نفعل لها شيئاً لأنها أشياء تراكمت منذ عشرات السنين داخل الإنسان، ومنذ صغره وللأسف فقد ألفها وآلفته ونبعت من ظروف شخصية وأسرية واجتماعية وعوامل كثيرة مختلفة ومتداخلة منذ مراحل مبكرة في حياة الفرد، فإذ أردنا أن نواجهها بالتأكيد سنقابل صعوبات كثيرة وعلى رأسها قناعة الشخص التامة بأنها صحيحة تماماً حتى ولو كانت خاطئة تماماً.
فطوبى لامرأة وجدت ذلك الرجل النبيل الذي يراعي فيها حقوق الله وطوبى لرجل وجد تلك المرأة الصالحة التي تعينه على نوائب الدهر ونكبات الزمن.. سادتي الكرام الناس في هذا الزمن لم تعد تعطيك او تقول لك الحقيقة عن صفات الرجل أو المرأة إذا سألتهم بغرض الزواج خوفاً منهم أن يقع عليهم اللوم في يوم من الأيام، وحتى وإن قالوا الحقيقة أو شبه الحقيقة فإنها للأسف تبقى حقيقة ظاهرية وربما قشورا فقط فما خفي كان أعظم، وما في قلب وسلوك الزوج أو الزوجة يبقى في القلب.. وبعض السلوكيات والطباع الشخصية لايستطيع الإنسان أن يعرفها ويصل إليها مهما حاول، ولا تظهر إلا بعد عقد القران والعيش مع بعض تحت سقف واحد.. فإما سيئة وإما حسنة.. فإن كانت الأولى فليس لأحد من الطرفين إلا الصبر والتضحية من أجل استمرار الحياة الزوجية ولاعتبارات عدة غير الحب وإما ان يتجه أحدهما أو كلاهما للانفصال، وهذه مشكلة أخرى قد تكون أشد إيلاماً من الأولى.. ونحن نعرف بأن هناك الكثير من الزيجات لاتقوم على الحب فقط بل ربما يكون الحب قد خرج إلى الأبد منذ الأشهر أو السنة الأولى، ولكن هناك أمور أخرى أحياناً تكون أهم وأقوى من الحب تجعل الزوجين يعيشان مع بعضهما البعض، حتى وإن كانا مطلقين عاطفياً إلى الأبد، ويأتي على رأس تلك الأمور الأبناء كما في حالة الأخت م.ع. والتي استشفيت من كلامها أنها ماتزال في عصمة زوجها بالرغم ما عمل معها، وكل ذلك لم يكن لولا وجود الأبناء.. ويجدر بي أخيراً أن أذكر بعض الأسباب من وجهة نظر شخصية التي تجعل الزوج يطمع في راتب زوجته، وربما تزوج به من امرأة أخرى، والأسباب التي تجعل المرأة تتجه للعمل وأقول العمل لأن العمل مرتبط بالمرتب، ولولا هذا المرتب لما كانت هناك مشكلة، ولما اشتكت الأخت م.ع. أو غيرها من ظلم ذلك الزوج وأمثاله.. وقد ترفض المرأة اعطاء زوجها من مرتبها حتى لو أدى ذلك إلى وقوعها في أمور هي في غنى عنها.. وقد قلت: سابقاً بأنه لايمكن معرفة الأسباب العلمية الحقيقية لمثل هذه التصرفات السلبية بدليل إنك لو قمت بعمل استمارات استبيان وذكرت فيها بعض الأسباب التي ربما تجعل الزوج والزوجة يقدمان على ذلك وطلبت منهما الإجابة بصراحة فإنك ستخرج بإجابات في الغالب غير حقيقية، وغير سليمة ولا تمكنك من اكتشاف الحقيقة لأن الإنسان لايريد أن يكشف ما بداخله من نزعات وسلوك وتصرفات قد تحرجه كثيراً.
الأسباب التي ربما تجعل الزوج يطمع في راتب زوجته:
1 بالتأكيد ضعف الوازع الديني فإذا ضعف هذا الوازع أبعد بالرجل عن طريق العدالة المطلوبة في المعاملة، وبالتالي هضم حقوق المرأة المشروعة ويجعله هذا الأمر أيضاً لايرقب في زوجته إلا ولا ذمة.
2 التنشئة الأسرية والاجتماعية الخاطئة التي تربى عليها الرجل التي ربما تقول له أن زوجتك وما لها حق مباح ومشروع لك.
3 إحساس الرجل بالقوة والسلطة وبأنه هو الآمر الناهي، وأن المرأة يجب ان تطيعه في كل للأحوال حتى وإن منحت بحقوقها المشروعة.
4 يقول بعض الرجال طالما سمحت لزوجتي.. وهذا تفضل مني بذلك.. بالعمل والخروج كل هذا الوقت من المنزل وضحيت براحتي وسعادتي وراحتي النفسية وبعض حقوقي الشرعية إذاً لابد وأن آخذ مقابلاً لذلك.
5 قصر ذات اليد للرجل وتردي مستواه الاقتصادي فهو يطمع أن تساعده زوجته فإن كان برضاها وإلا فلا مانع أن يأخذه بالقوة.
6 هناك من يضغط على زوجته بأخذ مرتبها في محاولة منه لجعل زوجته تترك الوظيفة وتتفرغ لشؤون البيت والزوج والأولاد.
7 في الجانب الآخر هناك العكس من يهدد زوجته إن هي تركت الوظيفة أو امتنعت عن إعطائه المرتب بالطلاق المستمر، ولا تجد المرأة بداً من الانصياع فهي بين نارين أو أمرين أحلاهما مرّ إذا تركت الوظيفة طلقت، وان امتنعت عن اعطائه المرتب طلقت..
8 أحياناً قد يكون الزوج غير مرتاح في حياته الزوجية مع امرأة تعمل هو محتاج في الوقت نفسه لمرتبها ولايستطيع أن يمنعها عن العمل إذاً فهو يأخذ مرتبها ويجمع بين الحسنيين ربة منزل تريحه وموظفة تدر عليه ربحاً.
بعض النساء في حاجة فعلية وماسة للمرتب إما لأنها مطلقة أو أرملة أو تعول أسرة أو لمرض الزوج وعدم استطاعته العمل والإنفاق وهؤلاء النسوة ليس لديهن مشاكل الأزواج وأسباب عملهن معروفة.
ولكن هناك بعض النساء يخرجن للعمل رغم معرفتهن بأنهن قد يكن أكثر من غيرهن عرضة لمشكلات الزواج والمرتب في الوقت الذي يكن فيه لسن في حاجة المرتب.. وطالما أن الأمر خروج للعمل فقط فسأذكر بعض الأسباب التي تؤدي بالمرأة إلى الخروج للعمل دون الحاجة إلى مرتب.
إحساس وإرادة بعضهن المساواة مع الرجل وتحدياً له وأنها يمكن أن تعمل كما يعمل وتدر دخلاً كما يفعل.
بعضهن العمل لديهن للترفيه عن النفس والخروج من المنزل وكسر الملل والروتين الذي تشعر به في حياتها والبعد ما أمكن عن أمور البيت والزوج والأولاد ولايهمها المرتب بشكل كبير.
بعضهن يردن الاستقلالية وتحقيق الاكتفاء الذاتي كما تعتقد وتريد أن تبين للزوج أنها ليست في حاجته ولن تكون خاضعة له أو ترجوه وتبعد عن ذل المسألة فإمّا اعطاها وإما منعها.
بعضهن للتقليد والمحاكاة وإبراز الذات ففلانة التي تعمل ليست بأفضل مني..
البعض ترى أن ما يعطيها زوجها لايكفي أبداً لطلباتها المستمرة ولايجعلها ترتقي إلى مستوى زميلاتها الأخريات فتعمل من أجل زيادة مصروفها الشخصي فقط حتى تستطيع أن تحقق وتصل إلى ماتريد.
بعض العاملات يقلن نحن درسنا وتعبنا وتخرجنا إذاً من الظلم أن لا نرى ثمرة ذلك في الوظيفة حتى وان كانت متزوجة مليونيراً.
بعضهن يعملن فقط من أجل مساعدة الزوج ولكنهن لايكن حذرات وتعميهن الثقة المفرطة والكلمات المعسولة إضافة إلى إهمالها كثيرا من شؤون بيتها وزوجها وأطفالها ربما فتقع فيما وقعت فيه الأخت الفاضلة.
بعض النساء العمل يمثل لهن علاجاً نفسياً للكثير من المشاكل.
أخيراً إذا رأت المرأة العاملة أنها ستقابل بعض المشاكل، وهذا لابد حاصل من أجل المرتب وستدخل في صراعات هي في غنى عنها وإذا رأت أن بيتها وزوجها وأطفالها أهم بكثير من عملها، وإذا رأت بأن التضحية بالمرتب ستحقق لها السعادة الأسرية خصوصاً إذا لم تكن في حاجة ماسة للمرتب فلتترك العمل ان استطاعت ولتعش لرسالتها الأسمى.. فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.. وأما أن تتحمل ما سيحصل في يوم (النكد الشهري) يوم المرتب وهو لابد حاصل في ظل رجل غير متفهم لأنها هي من أراد ذلك ومن سهل الطريق للرجل للوصول إلى مايريد ولتعرف المرأة العاملة بأنها لابد مقصرة مهما حاولت التوفيق بين البيت والعمل برضاها أو رغماً عنها وربما هذا من الأسباب القوية التي تجعل الزوج يبحث عن أخرى..؟!
عبدالرحمن عقيل حمود المساوي
الرياض 11768 ص.ب 155546 |