Wednesday 4th February,200411451العددالاربعاء 13 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

جولة جديدة من مفاوضات التجارة العالمية تركز على الملف الزراعي جولة جديدة من مفاوضات التجارة العالمية تركز على الملف الزراعي

* القاهرة - أحمد عبدالسلام - أ.ش.أ:
يتوقع خبراء الاقتصاد والتجارة العالمية إجراء جولة جديدة من المفاوضات لمنظمة التجارة العالمية خلال الشهور القليلة القادمة.
حيث دعا باسكال لامي المفوض التجاري الأوروبى على هامش اجتماعات دافوس التى أنهت أعمالها في 25 يناير الماضى إلى ضرورة أن تبدأ تلك المفاوضات في مارس أو أبريل القادمين.
وأكد سوباتشى بانتشباكدي مدير عام منظمة التجارة العالمية على وجود شعور بالحاجة الملحة والعاجلة لجولة جديدة من المفاوضات علاوة على تأكيد نحو 20 وزيرا للتجارة الذين اجتمعوا على هامش دافوس على ضرورة اعادة اطلاق المفاوضات حول القضايا العالقة أمام التجارة العالمية مثل الغاء الدعم والنزاعات القائمة حول الدعم الزراعي بالدول الغنية والتعريفات الجمركية المرتفعة على الصادرات الزراعية من الدول الفقيرة والنامية.
وحث كوفى عنان الأمين العام للأمم المتحدة من جهته رجال الأعمال بدافوس لاستخدام نفوذهم لاقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالتنازل في مجالات مثل الدعم الزراعي لاصلاح تجارة المنتجات الزراعية العالمية.
وقد أكدت دراسة تحليلية لمجلس الشورى أعدتها لجنة الإنتاج الصناعي حول تحديات اتفاقية الزراعة لمنظمة التجارة العالمية التي أصبحت سارية المفعول اعتبارا من عام 1995.. أن هناك اختلالات عديدة تشوب هذه الاتفاقية تضر بالدول النامية حيث أتاحت الاتفاقية للدول المتقدمة مساحة لزيادة دعمها المحلي بدلا من تخفيضه ذلك الدعم الذى يمثل أحد صور الخلل الأساسى بسماحها للدول المتقدمة بالاستمرار في هذا الدعم حتى 80 في المائة بعد فترة الست سنوات بالاضافة لأنواع عديدة أخرى من الدعم المحلي الذي يطبق بالدول المتقدمة التي تم اعفاؤها من تخفيض الدعم. بينما على النقيض لايتاح للدول النامية تقديم الدعم بسبب قلة مواردها بل هى ممنوعة الآن من تقديم دعم لما يزيد عن الحد الأدنى.
وأوضحت دراسة مجلس الشورى حول الملف الزراعي لمنظمة التجارة العالمية أن الاعفاء من تقليل الدعم المطبق على الدول النامية يقتصر على أربعة مجالات فقط هي.. دعم المدخلات المقدمة للمزارعين الفقراء ودعم تحسين الأراضى الزراعية والدعم المقدم لتحويل الأرض عن انتاج محاصيل غير قانونية مثل المخدرات ثم الدعم المقدم لتوفير الغذاء
للفقراء.. وهي اعفاءات ذات نطاق محدود للغاية لا يستفيد منه الا قليل من الدول النامية وذلك في الوقت الذي تم فيه تحصين الدعم المعفى من التخفيض وتستخدمه الدول المتقدمة ضد أى إجراء مضاد معنى أنه لايمكن اخضاعه للرسوم المضادة أو تطبيق ألية تسوية منازعات الرسوم ضده بينما لايحظى الدعم المعفى من التخفيض للدول النامية بكل هذه الحصانة.
وأشارت الدراسة الى الخلل الخاص بدعم الصادرات والتي يكون فيها للدول المتقدمة الحق في أن تحتجز 64 في المائة من مخصصات ميزانياتها و79 في المائة من مخصصات الدعم وذلك على مدى 6 سنوات.. بينما الدول النامية لا تستخدم أساسا دعم الصادرات فهو محظور عليها استخدامه بل أنه على الدول التى كانت تدعم الصادرات أن تقلل هذا الدعم.. ثم هناك الخلل الخاص بحماية المزارعين وأسلوب تنفيذ النص المتعلق بالاجراء الوقائي الخاص.. والذي يتمثل في الزام الدول التي كانت تطبق اجراءات غير فرض الرسوم والقيود الكمية على الواردات بازالة هذه الاجراءات الأخرى وتحويلها الى رسوم متكافئة.
ووصفت الدراسة هذه الاجراءات بأنها تمثل وضعا فيه اجحاف واضح للدول النامية التى لم يكن بها أصلا أي اجراءات خلاف الرسوم وبالتالي لم تكن بحاجه لفرض رسوم وبذلك تصبح النتيجة أن الدول المتقدمة تم السماح لها بحماية مزارعيها بينما الدول النامية التي لم تسهم أصلا في مثل هذه الممارسات لاتستطيع أن تقدم حماية لمزارعيها بالاضافة الى الشرط الضروري الواجب توافره لاتخاذ مثل هذا الاجراء الوقائي وهو أن يكون هناك ضرر أو تهديد بالانتاج المحلي وهو أمر من الصعب ايضاحه بالقطاع الزراعى للدول النامية بسبب الانتشار الكبير للمزارعين على أرض الدولة.
وأوضحت الدراسة أن اتفاقية الزراعة تستند إلى فرضية أن الانتاج والتجارة في القطاع الزراعي يجب تنفيذهما على أساس تجاري وهي فرضية خاطئة لأن التركيز بالدول النامية على الزراعة ليس بسبب أرباحها التجارية بل لأن الأراضي موجودة في حيازة الأسر لأجيال متعاقبة ولايوجد مصدر آخر للدخل سواه.. ولو طلب من هؤلاء المزارعين مواجهة المنافسة الدولية فهم خاسرون بالقطع وسيترتب على ذلك بطالة ضخمة وانهيار للاقتصاد الريفي بالدول النامية الذي يقوم على الزراعة بصفة أساسية.
وقالت دراسة مجلس الشورى حول اتفاقية الزراعة لمنظمة التجارة العالمية انه كان من المتوقع أن تحد هذه الاتفاقية من المستويات الحمائية العالية بالدول المتقدمة من منطلق اتاحة مدخل للأسواق أمام الدول النامية التى يفترض تمتعها بميزة نسبية في المنتجات الزراعية غير أن واقع الأمر أن الدول المتقدمة لم تحرز الا تقدما ضئيلا في مجال خفض الحماية الزراعية أو الدعم، بل أنها أخضعت في أول عام بعد سريان الاتفاقية العديد من السلع لأسقف عليا من الرسوم في الوقت الذي كان يتعين عليها أن تقوم بتقليل هذه الرسوم بما يعادل 36 في المائة في المتوسط وهو الأمر الذى لم يحدث إلا بعد فترة زمنية امتدت حتى نهاية عام 2000ولذلك ظلت أسعار بعض المنتجات عالية للغاية.
وأشارت الدراسة الى أنه رغم إلزام الاتفاقية الدول المتقدمة بتقليل الدعم إلا أن القيمة الاجمالية له قد زادت على عكس المتوقع حيث أدرجت هذه الدول أنواعا معينة من تحت مقياس الدعم وزادت من الدعم المعفى من التخفيض والدعم المحلي الاجمالى لتصل قيمته بالدول المتقدمة إلى 274 مليار دولار عام 98 مقابل 247 مليارا عام 88 وهي سنة الأساس.. كما أن دعم الصادرات بتلك الدول لازال كبيرا حيث بلغت نسبته 64 في المائة عن المستوى الأساسي.
ولفتت الدراسة الى أثر الدعم الذى تقدمه الدول المتقدمة على الدول النامية، فقالت :ان هذا الدعم نتج عنه ارتفاع مستويات الانتاج بالدول المتقدمة على نحو مصطنع وقيام منتجيهم بتصدير الزيادة لديهم لدول أخرى وأنه غالبا مايتم إغراق الأسواق العالمية بسلع أقل من تكلفة الانتاج بالدول المصدرة مما أدى لضياع فرص تصديرية للدول النامية الى الدول المتقدمة التى تستخدم الدعم وماينتج عنه من اغلاق مداخل أسواقها أمام منتجات الدول النامية وخسارة الدول النامية لحصتهم السوقية بأسواقهم المحلية بسبب تدفق الواردات المدعومة ذات الأسعار الرخيصة.. بالاضافة الى أن ذلك أدى الى الحاق الضرر بالعديد من المزارع الصغيرة التى أصبحت غير قادرة على المنافسة مع الواردات.. بل اصبحت مشكلة عدم القدرة على تحقيق الأمن الغذائي أمر خطير للغاية لدى العديد من الدول النامية التى لم تعد قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء خاصة في ظل قلة المتاح من العملة الصعبة مما يعيق الاستيراد.
وحذرت الدراسة من المشكلات الخطيرة التى ظهرت نتيجة اختلالات اتفاقية الزراعة حيث يتضح أن المطلوب من الدول النامية أو بعضها تقليل أو الغاء الدعم أو الغاء اقامة مؤسسات لمساعدة المزارعين في تسويق منتجاتهم وذلك وفقا لشروط القروض التي وضعتها مؤسسات اقليمية أو دولية مانحة لهذه القروض وهو مايمثل ممارسات غير عادلة في تطبيق المعايير المزدوجة حيث يسمح للدول المتقدمة بالابقاء على أو زيادة دعمها المحلي بينما يجب على الدول النامية القيام بتقليل أو الغاء الدعم المقدم للقطاع الزراعي.
وقالت الدراسة انه بدلا من الأسواق المفتوحة ذلك الشعار الذي ترفعه اتفاقية التجارة العالمية فان الدول المتقدمة تصر على وضع الحواجز التي تسبب الاعاقة والاختناق والتدمير لاقتصاديات الدول النامية والفقيرة وأن هناك مثلا الضرر البالغ الذي أصاب نحو عشرة ملايين مزارع أفريقي يعتمدون في حياتهم على زراعة القطن حيث تحولت حياة هذه الملايين الى خراب تام في مواجهة 12 ألف منتج أمريكي للقطن يتقاضون دعما ماليا سنويا يقدر بأربعة مليارات دولار مما يساعدهم على بيع أقطانهم بالأسواق العالمية بأقل من تكلفة الانتاج.
وذكرت الدراسة أن اصرار الدول النامية على المطالبة بالغاء كل أشكال الدعم للمزارعين والمساعدة المباشرة لهم في الدول المتقدمة قد يقابل دائما برفض الأوروبيين والأمريكيين للتحرير الكامل والاصرار على مواصلة الدعم للصادرات ودعم الانتاج الزراعى وحماية أسواقهم من نفاذ السلع الزراعية من الدول النامية.. غير أنه من حسن الحظ فان الدول المتقدمة لاتملك الانفراد بالقرار، فلابد من الوصول الى اتفاق باجماع الأطراف باعتبار أن مصالح تحرير التجارة العالمية أمر يمس الجميع ويمس حياة كل مواطن في الدول النامية منتجين ومستهلكين.
وأخيرا فان السؤال المطروح حاليا والذي ستجيب عنه الجولة الجديدة لمفاوضات منظمة التجارة العالمية هو.. هل سيكتب لهذه الجولة الجديدة من المفاوضات النجاح في تهدئة المواقف التعسفية للدول المتقدمة تجاه الدول النامية؟!.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved