Wednesday 4th February,200411451العددالاربعاء 13 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي إقتصادي رأي إقتصادي
حلول فضائية لمشاكل أرضية:
الحالة الأمريكية 2/2
د. محمد اليماني

كان موضوع المقالة السابقة عن طبيعة العلاقة التي يمكن أن توجد بين بعض قرارات الحكومة الأمريكية والأوضاع السائدة والتي قد لا تكون واضحة أو مستغربة عند قراءتها قراءة سريعة.
ومن هذه القرارات الإنفاق على برامج جديدة لغزو الفضاء في حين يعاني الاقتصاد الأمريكي من مشاكل عدة.
والقراءة السريعة لمثل هذا القرار في ظل هذه الأوضاع ربما جعلت الشخص يتهم متخذي القرار وصناعه في الولايات المتحدة الأمريكية باتهامات تفقدهم جدارتهم وأهليتهم لتولي مناصب أقل بكثير من المناصب التي يتولونها الآن.
فمن دون شك إن إنفاق هذه المليارات سيحقق مكاسب اقتصادية كبيرة - بغض النظر عن طبيعة هذا الإنفاق - لعل أبرزها إيجاد فرص عمل جديدة يستفيد منها آلاف العاطلين عن العمل.
والشيء الجيد هو أن معظم هذه المليارات ستنفق في ولايتي تكساس وفلوريدا حيث توجد منشآت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا).
وليس من قبيل المصادفة أن تكون الأولى هي ولاية الرئيس الأمريكي الحالي وإحدى معاقل صناعة النفط الأمريكية والذي يشكل القائمون عليها إحدى مراكز القوى المسيطرة والمسيرة للسياسة الأمريكية الحالية، علاوة على تمتع ولاية تكساس بثقل كبير في الانتخابات الأمريكية.
والولاية الثانية هي الولاية التي يمكن أن يطلق عليها الولاية الحدية في الانتخابات الأمريكية الأخيرة والتي مكنت الرئيس بوش من الوصول إلى البيت الأبيض.
وليس من قبيل المصادفة أيضا أن يتزامن البدء في هذا المشروع مع الاستعداد للانتخابات الرئاسية هذا العام.
وهذه كلها مبررات منطقية لهذا الإنقاق الجديد سواء من حيث المكان أو الزمان، فبناء على الفكرة التي تقول بامكانية خداع المجتمع أو شريحة منه بسياسات معينة في المدى القصير، فإن الإدارة الأمريكية ربما تمكنت من إقناع الشعب الأمريكي أو الشريحة المستهدفة منه بجدوى وفوائد الإنفاق على برامج غزو الفضاء الجديدة في المدى القصير لكنه لن يستوعب ويدرك تماما الآثار السلبية له إلا في الأجل الطويل وحينها يكون الأوان قد فات على الناخب الأمريكي.
ومما لا شك فيه أنه ليس كل ما يتخذ من قرارات أو يتبنى من سياسات هدفه وطني بحت فهناك هامش لخدمة الأهداف الشخصية والفئوية والحزبية، وهذا الهامش يتسع ويضيق من حين لآخر تبعا لاعتبارات مختلفة، ولكن يظل في جميع الحالات الهدف الوطني هو الذي يغلف بقية الأهداف.
وما نحتاجه لفهم الكثير من القضايا والسياسات هو وضعها في الإطار الشمولي لمجموعة من الأهداف والمصالح المتداخلة والمتشابكة والتي تتمحور كلها حول تنمية المصالح والمنافع الشخصية، وهذا هو لب النظام الرأسمالي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved