في العقود الأخيرة .. بدأ مجتمعنا يشهد عمليات انتقال بارزة من القديم إلى الجديد ومن الجديد إلى ما بعد الجديد وهي عمليات مدفوعة برغبة ملحة في الوصول إلى واقع أفضل يتماشى مع مفردات العصر.الحوار الوطني الذي بدأت فعالياته مؤخراً جاء ليردم الهوة بين إشكالية الزمن (القديم/الحديث، التقليدي/المعاصر، المحافظ/المنفتح) كضرورة تستقيم معها الأزمان ويفهم بعضها بعضاً.
ومهما تجاوز بعض المتحاورين مستوى فهم الآخر وتقدير وجهات النظر واحترام المتحاور ككائن له اعتباره، إلى مستوى الزمن الذي يعيش فيه المتحاور بكل معاييره، إلا أن الحوار الوطني بذاته سيظل فرصة ثمينة لالتقاء الأزمان وفهم كل منها الآخر على اعتبار أن المشكلة مشكلة (زمن) في المقام الأول.
إن اشتغال بعض المتحاورين على الاستراتيجيات القديمة للحوار مثل (الإقناع، إصدار الأحكام، الاقصاء، التشويه، الاستعداء) كمظلة للمتحاور ليبقى زمنه ظاهراً بدلاً من ظهور الحقيقة، أمر تجاوزه الحوار الوطني على الأقل في اللقاءات القادمة لأن الحوار نفسه وسيلة فعالة لنضج الأفكار وتوسيع دائرة الإدراك.لعلنا بالحوار الإيجابي الذي يفرق بين حرية الرأي والوصاية على الآراء نصل إلى مستوى متقدم من فهم التراكم التاريخي بدلاً من فصل الأزمنة لنقترب أكثر من الفعالية تلك التي تبني المجتمع وتحافظ على الوحدة الوطنية وتؤكد حضور الإنسان.
|