(2) مكانة المرأة في الإسلام:
من خصائص الإسلام أنه يتسم بالشمول والكمال، وينظر إلى المخلوقات والحياة معا كهيئة واحدة تتفاعل مع بعضها ويؤثر كل منها في الآخر ويهتم بالإنسان باعتباره مخلوقاً مميزاً عن غيره من المخلوقات ومستخلفاً في الأرض يعمرها ويصلحها، ومن هذا المنطلق تأخذ المرأة مكانتها مشاركة للرجل في الخلافة في الأرض، فلا تقوم الحياة وتستقيم إلا بهما متعاونين متكاملين يقول الله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً) النساء(1) ولهذا فإن المرأة خلقت من ضلع آدم وقطعت معه رحلة الصراع والابتلاء مع الشيطان وتحملت معه المسؤولية كاملة، وإذا كانت المجتمعات الأخرى جارت في حق المرأة كما رأينا سابقا فقد جاء الإسلام لينصفها ويحررها من الأغلال التي قيدتها والإجحاف الذي نزل بها ومن مظاهر تكريم الإسلام للمرأة نورد بعض تلك المظاهر وإلا فهي كثيرة ويصعب احصاؤها هنا:
1 أبطل الإسلام نظرة الجاهلية للمرأة وحررها من عبودية الرجل الجائرة، وكفل لها حقوقها كاملة وأرشد الرجل بأن يحترمها ويصونها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن وفي رواية فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة. .
2 توجيه الخطاب في القرآن والسنة للمراة كالرجل باعتبار أنها مسؤولة مثله قال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة) وقال: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) فالإنسان جنس يشمل الذكر والأنثى، ثم أوجب عليها معرفة العقائد والعبادات والحلال والحرام وسائر الأعمال.
3 رفع عنها الإلزام ببعض التكاليف لعدم أهليتها لذلك ومراعاة لأنوثتها وضعفها تخفيفا عنها وترخيصا لها وبعدا لها عن مزاحمة الرجال وتفريغاً لها لخدمة المنزل والإشراف عليه، مثل حضور صلاة الجمعة والجهاد.
4 مطالبتها بالعلم والعمل قال صلى الله عليه وسلم (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة) رواه ابن ماجة والمسلم يشمل الذكر والأنثى، وقالت عائشة رضي الله عنها (رحم الله نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من التفقه في الدين) قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل(97).
5 احترامها وأخذ رأيها في الزواج بحيث لا تنكح إلا بعد أن تصرح برضاها وقبولها، ويؤخذ رضى الثيّب، عن ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم (الثيّب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها. رواه الجماعة إلا البخاري. وعن أبي هريرة أن رسول الله قال صلى الله عليه وسلم (لاتنكح الأيّم حتى تستأمرولا البكر حتى تستأذن) متفق عليه.
6 مسؤوليتها العامة في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإرشاد إلى الفضائل والتحذير من الرذائل كالرجل وهذا من معنى الولاية الواردة في القرآن قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله) التوبة(71) ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم. الدين النصحية قالوا: لمن يارسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم. .
7 الإسلام يمنح المرأة أهليتها في التصرفات المالية ويحترم ملكيتها، وعندما ترشد فلايحق لأحد التصرف بمالها أو يأخذ منه شيئا إلا بعد إذنها ولها التصرف فيه بما تريد، يقول الله تعالى: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) النساء (32) كذلك لها الحق في الصداق ولها أن توهب وتتملك ولها حق في الإرث.
8 كرّمها الإسلام بنتا وزوجة وأما وأختاً وأمر بتربيتها والعمل على صلاحها وتعليمها وأن يقوم عليها الرجال، وأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نعطف عليها ونحترمها ونقضي حاجتها قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:. خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وأمر الإسلام بحفظ عرضها وحسن عشرتها.
هذه نماذج من تكريم الإسلام للمرأة ورعايتها وإلا فهي كثيرة والمقام في هذا البحث لايتسع لذكرها كلها.
(3) نظرة الإسلام لعمل المرأة:
ينظر الإسلام لعمل المرأة على أنه ضرورة تقوم به عند الحاجة وعندما تأمن الفتنة، وجاء في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ان المرأة كانت تشارك في بعض الأمور التي تتفق مع طبيعتها ونوعية تكوينها لأنها تختلف عن الرجل في خصائصها الجسمية والنفسية والعاطفية، ولكن تلك الأعمال لم تشغلها عن مهمتها الأساسية في منزلها،لأن المرأة يجب عليها أن تتجه بعد العبادة إلى بيتها وما يتطلبه من رعاية لأطفالها وتربيتهم التربية الإسلامية الصحيحة، فهي مطالبة ببعض الأمور منها:
1 تهيئة الجو العاطفي والنفسي لزوجها الذي يقوم على المحبة والرحمة والمودة الصادقة وحسن العشرة.
2 المشاركة بتربية الأولاد تربية إسلامية سليمة يحفها العطف والحنان.
3 مطالبة بالقيام بشؤون الأسرة الأخرى مثل الطبخ والغسيل والكنس وغيرها مما يحتاجه منزلها.
ثم لايعني ذلك أن نحكم على المرأة بالبقاء في منزلها ونحرمها أن تمارس حياتها وأعمالها التي هيأت نفسيا وجسميا لها. فهي يمكن أن تمارس بعض الأعمال التي لايمكن أن يقوم بها سواها كالتدريس والخياطة والتمريض والطب النسائي فالأمة مطالبة بسد تلك الثغرات من قبل النساء.
والأعمال الأخرى التي يمكن أن تساعد بها المرأة كالأعمال الكتابية في المدارس والوحدات الصحية للبنات والأعمال الإدارية واليدوية الخفيفة.
|