العيب وقوانينه السلبية تجاه العمل المهني يتحكم فينا منذ زمن طويل.. وهو مايزال قويا نافذ المفعول لايسمح لأحد من الشباب بممارسة العمل المهني وعندما يفعل أحدهم ذلك، فإن هذا العيب يسلط الألسنة بنقدها وتهكمها اللاذع على هذا الشاب وأسرته كعقاب اجتماعي بغيض، ويبدو اننا ألفنا منه أن يتحكم في مثل هذه الأمور المصيرية حيث أخذ عهداً منا، وممن هم قبلنا بعدم مقاومته بحكم أن حتى مقاومته خطأ يجلب على صاحبه المتاعب، لأنه خرج عن المألوف، وقد لاندري أنه قد عطل لنا مصالح كبيرة سوف نجنيها لو اتجه شبابنا إلى الأعمال المهنية فأنجزوها، وله تبريرات منها أن العمل المهني ينقص من قيمة الرجل في مجتمعه، أو أنها ليست للسعوديين، وإنما للآخرين وهذا كلام ما أنزل الله به من سلطان، وبسبب هذا القانون العيبي المتحكم فينا تتم محاصرة الكثير من الشباب الراغبين في الكسب الحلال داخل بيوتهم دون عمل يكسبون منه، كما نخسر سنوياً الملايين من الريالات من تحويلات العمالة الأجنبية التي قليل منها يؤدي لنا خدمات تخصصية، لكن الكثيرين لايقدمون سوى خدمات خفيفة لا تحتاج إلى خبرات أو شهادات، وبالمقابل فلو انخرط فيها شبابنا فإنها بالتأكيد ستؤمن لهم دخلا كبيرا إذا اتجهوا إليها بعد الانفلات من أغلال هذا الوهم الراسخ في عقول الناس. وسيظل مسيطرا إذا تركناه على حالة دون مجابهة، فلماذا لا نعد خطة لمقاومة سيطرته علينا وعلى شبابنا من خلال حملة وطنية تقوم بها كل الجهات المعنية والمؤسسات التعليمية والاعلامية والمهنية لمحاربته عقابا له على ما فعله ويفعله باقتصادنا وشبابنا الذي يريد أن يؤمن لنفسه مصدر رزق حلال، ولكن العيب يمنعه مهددا إياه بكلام الناس. إن هذه الفكرة العيبية ابتدعتها أجيال سابقة لنا نتيجة لظروف معيشية معينة وتوارثناها مستسلمين لها، فهي الآن موجهة منا إلينا تكف أيدي شبابنا عن العمل المهني ليكسب منه غيرهم، إننا بحاجة إلى أن نبدأ بتسهيل أول خطوة لدخول الشباب السعودي معترك الحياة المهنية التي كانت منذ فترة طويلة محرمة عليهم ومباحة لغيرهم.. كما نحتاج في هذه المرحلة الجديدة إلى أن نحافظ على اقتصادنا وثرواتنا ولا تطير بجزء منها التحويلات إلى بلدان أخرى دون حاجة ماسة إلى أولئك المحولين، والسبب الواهي هو أن العيب ذلك البعبع يمنع الشباب من الإقبال على الأعمال اليدوية والمهنية ألا يمكن أن نقضي عليه بتعليمنا وبإعلامنا وبوعينا لهذه المرحلة الجديدة، إننا بحاجة إلى خطة وطنية للاكتفاء الذاتي من العمالة الوطنية، وإن كانت غير مدربة.. فستتسع صدرونا لها بالتدرب فينا لأنها وطنية، فقد سمحنا من قبل لغيرهم بالتدرب فينا سنوات طويلة حتى يرجعوا إلى بلدانهم وهم يحملون المال والخبرة ومازالوا! وشبابنا بحاجة ماسة إلى العمل أكثر من أي وقت مضى وفي انتظارهم مايكفيهم من الفرص الوظيفية، وسيمنعهم ذلك المتربص بهم إذا تركناهم له فهو أقوى منهم لأنه أقدم منهم، جاؤوا إلى الدنيا ووجدوه أمامهم يمسك بخطام المجتمع.. كل المجتمع!
|