تجديد الخطاب الديني، تجديد الخطاب الديني، تجديد الخطاب الديني، كلمة حفرت في الأذهان، كررها أكثر من كاتب في جريدة الجزيرة وغيرها، ومن كثرتهم لا أستطيع أن أخص واحدا منهم بتعليقي على كتابته، وأكثر من قرأت عنه هذه الكلمة في جريدة الجزيرة وزير الشؤون الإسلامية معالي الدكتور الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله ووفقه- وهو دائماً يطالعنا بالجديد ويكرر علينا المفيد ولذا سأحاول أن أعينه على أول لبنة في تجديد الخطاب الديني كما أتصور، أريد أن أعلق على هذه الكلمة التي كتبت كثيرا في جزيرتي وعزيزتي، من كثرة ما رددت هذه الكلمة حسبت أن الواحد منهم يكررها ثلاثا، كان الرسول صلى الله عليه وسلم اذا كرر ثلاثا يسكت فيسأل الصحابة عنها بسؤال مناسب ويأتي الجواب بلسما شافيا للتكرار ويأتي التعليق على الموقف درسا كبيرا يشرحه العلماء الى يومنا هذا، ولكني أري أن خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتكرر ولن يتكرر، بمعنى لن يصل اليه كائن مَن كان، أين المثال على تجديد الخطاب الديني؟ لا أجد مثالا بل إني لأجد كلاما لا يجدد واحيانا يهدم من البعض، فمتى يبرع العلماء في تجديد الخطاب؟ خذ مثلا الحلف بغير الله تعالى هل تجدد الخطاب فيه؟ الجواب بقي كما هو دون تجديد وربما يسيئ البعض في خطابه عند ذكره الى الخطاب الإسلامي والروح التي نطقت به وهو لا يدرك، جاء الحديث بقوله: «من حلف بغير الله فقد أشرك» وجاء البيان من العلماء الاوائل رحمهم الله بلسما شافيا وخطابا متجددا لم يأت بعده، مثل: «ليس كل حالف بغير الله مشركا شركا أكبر مخرجاً من الملة»، وأن ليس كل فعل أطلق عليه شرك أو كفر من النوع الاكبر المخرج من الملة بل يتحدد الامر بعد معرفة درجات الذل او الخضوع او التعظيم في القلب عند صدور القول او الفعل، الموضوع يتكرر في كتب التربية الإسلامية ولكنه لا يركز على قضية حسب ما في قلب الحالف تجاه محل القسم، وهو بحاجة الى توضيح وتدقيق، ويا ليت شعري من يوضح الحكمة من المنع؟ ما ألطف العلماء بنا، لطف الله أكبر وأجل أن أوجد هؤلاء ليحمونا بفضله من متاهات التكفير، تخيل اننا لم نعرف أقسام الكفر وأقسام الشرك، ما هي حالنا مع قوله: «فقد كفر، فقد أشرك»؟ للذل كمال وللتعظيم كمال وللخضوع كمال لا يجوز إلا لله تعالى ومن صرفه لغيره وقع بالشرك الأكبر المخرج من الملة ولا أحد من أمة لا إله إلا الله يقر بأن الكمال فيها يجوز لغير الله وهنا يمكن أن نلتقي مع بعضنا وأن نوحد الصفوف وأن تتحدد فينا معالم الوسطية، إنكار هذا التقسيم «شرك أكبر وشرك اصغر ومخرج وغير مخرج من الملة ومبطل للعمل بالكلية ومبطل لبعضه - المصاحب للعمل الذي فيه شرك اصغر - كبائر الإثم والفواحش واللمم» يؤكد فينا التناقض ويجعلنا في تيه مع النصوص ودلالاتها ويقودنا الى عدم تقسيم الأعمال الى كفر وتوحيد ومعصية ويربك فهم معنى العبادة ومن ثَمَّ تكفير البريء سواء بالعموم او بالخصوص ومثله تبرئة المذنب، والسؤال: ماذا سيبقى من الدين بعد رفض التفصيل الواضح الحذر الدقيق؟ بالله عليكم أليس هذا حكم وسط؟! ثمة ذل وسط إن صح التعبير اذا صرف لغير الله قاد الى الشرك الاكبر مع الوقت اذا قدر الله فيجب الحذر منه وهذا المقصود من الشق الخفي على الجهلة من حديث «فقد أشرك.. فقد كفر».. يقصد به اثنين: الأول الحالف بغير الله بدرجة كمال التعظيم والذل والخضوع كمن يحلف باللات والعزى، هذا لا شك انه كفر وشرك أكبر، الثاني وهو الذي لا ينطبق عليه حكم الإخراج من الملة وهو الحالف بغير الله بكمال التعظيم والخضوع والذل الأقل من كماله لله، إن عبودية الله الحق بكل كمال الذل والخضوع والتعظيم تحتّم ألاّ نرد عبوديته ولا ما يعزز على استمرارها نقية لله وحده لا شريك له من اجل مجاملة الآخرين، من قال: إني أحلف بغير الله تعظيما للمحلوف به او احتراما وهو يستحق الدرجة بعد الله عند الجميع او بعضهم.. نقول له: دع عنك ذلك فإننا نخشى عليك وعلى الأمة اذا نشرته أن يخف تعظيم الله في قلبك وقلوب الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلف بغير الله كالآباء ونحوهم، ثم علينا أن نكمل النقاش، لو تركنا الناس يحلفون بما يشاءون دون نهي لهم فإننا سنلاحظ مع الوقت أن ذكر الله بدأ يقل في ألسنتنا وقلوبنا ثم تقع الكارثة إذا قدر الله ذلك، علينا أن نتعلق بالله في كل صغيرة وكبيرة، ثم أن الحلف سيفقد دوره اذا ترك كل انسان يحلف بما شاء، تخيل أن جماعة تحلف بشيء وجماعة تحلف بشيء آخر.. وهنا سيكون المحلوف به معظماً في الحلف عند جماعة وغير معظم في الحلف عند جماعة أخرى وعندها يقع ضياع أثر الحلف ويصبح لا قيمة له ويصبح غير متوافق مع التعريف في اللغة العربية، إذ يجيء اليمين من اجل التوكيد بذكر معظم، ولاختلاف درجة التعظيم عند كلتا الجماعتين صار الحلف لعبا وهزوا، ولأن الله هو المعظم التعظيم الأكمل وحده عند الجميع فلا يجوز أن نصرف الحلف لغيره، فهم العلماء دقيق وحذر حيث عرّفوا لنا الشرك الاصغر المقصود في بعض الحديث بقولهم: «هو ما يوصل الى الشرك الأكبر من الأعمال والأقوال»، ولقد جاء التعريف في الوقت الذي لا يمكن أن يرد فيه الآية والحديث، ونضيف الى أن الحلف بالله تعالى لا ينبغي الإكثار منه، فكيف بغيره الذي يتكرر كل وقت على ألسنة البعض حيث قال: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ}؟! هذه وسطية مفهومة من كتاب محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، ومفاهيم التوحيد التي عرفناها من منهج وزارة التربية والتعليم كثيرة ومهمة ويحق لنا أن نقدرها وأن نقول لكل المتحاورين: كفاكم تجريما ولو من غير قصد لمناهج التربية الإسلامية، فنحن عرفنا اللغو والتنطع والإطراء والتشدد والتساهل في وسائل الشرك التي تقود الى ترك توحيده قبل أن يعرفها غيرنا وخاصة بعض الإعلام، وهنا سؤال: مَن الذي سبق الآخر التربية أم مؤسسات المجتمع الأخرى؟
والله الموفق
شاكر بن صالح السليم
معلم تربية إسلامية /عوف بن الحارث المتوسطة بالرياض |