نهاية كل سنة هي دائماً فرصة ملائمة للتقييم والتفكير بكل ما تم تحقيقه في العام الماضي وبكل العثرات، والنجاحات والتفكير بالطموحات والمخاوف المتعلقة بالعام القادم.. والإعلاميون بشكل عام يستغلون نهاية العام كفرصة لتقييم أدائهم الصحفي ومدى التزامهم باخلاقيات المهنة والعمل وكيفية تطوير عملهم ولاشك ان كتاب الاعمدة عليهم ايضا القيام بمثل هذا التمرين الذهني المهم لتقييم مقالاتهم واكتشاف الاخطاء التي ارتكبوها في التحليل ومحاولة تحديد مكامن الضعف والقوة في كتاباتهم والأهم من ذلك التعامل الصادق مع الذات في تقييم التزام الكاتب بالقيم والمبادىء والاهداف التي من أجلها قرر ان يمسك القلم ويكتب عمودا في صحيفة وأمام الكثير من القضايا الساخنة والمصائب التي يمر بها العالم العربي تبقى جدوى الكتابة الهم الرئيسي للكاتب وخاصة واجب الكاتب الصحفي في تقديم خدمة للقارىء فالعمود الصحفي ليس ملكاً للكاتب بل للقارىء والسبب الرئيسي الذي يجعل الكاتب ناجحا هو مدى تقديم معلومات وحقائق وأفكار تحترم في النهاية عقل القارىء ولا تجامله ولا تبحث عن رضاه بقدر ما تحاول تقديم معلومات تفيد لإعمال العقل في التفكير بطريقة مختلفة ولا أعني ابداً ان الكاتب يمتلك معرفة أوسع أو ثقافة اوسع من القارىء في كل المحاور ولكن وظيفة الكاتب ان يحاول مساعدة القارىء على فهم الأحداث التي تدور حوله بدون ان يقدم له تفسيرات خادعة وتروج لمفاهيم مقبولة شعبياً ولكنها غير حقيقية.
وفي هذا المجال فإن الصدق والصراحة والنزاهة والابتعاد عن الترويج للذات وكسب الشعبية هي العوامل التي قد تجعل الكاتب ملتزما بواجبه والكاتب يتعلم دائماً من القارىء ويستفيد كثيرا من الملاحظات والانتقادات التي تصل له لأن الحياة كلها عملية تعلم متواصلة والكاتب الذي يعتقد بأنه اكثر معرفة وفهماً من القارىء يخاطر في الوقوع في فخ الغرور الذي هو مقتل أي كاتب وكلما كان التواصل والتفهم قائماً بين الكاتب والقارىء أحس القارىء بصدق السطور التي يقرؤها وأحس الكاتب بالرضا عن نفسه في التزامه بتقديم المعلومات وأخلاقيات المهنة.
|