بعد أن خرجتُ من قاعة احتفالات معرض الكتاب في الشارقة حين انتهيت من إلقاء الأمسية الشعرية التي كنت ضيفها في تلك الليلة، تجوَّلتُ في الشارقة للتعرُّف على معالمها، ورأيت من النهضة العمرانية القوية ما أكَّد لي أنَّ جهوداً كبيرة للبناء تجري في إمارة الشارقة تحت رعاية حكامها سمو الدكتور سلطان القاسمي، وقد لفت نظري بناءٌ بارز في أحد الشوارع الكبيرة كتبت على واجهته عبارة «مركز الأمير عبدالمحسن بن جلوي للبحوث والدراسات الإسلامية» وتوقفت أتأمل المكان، وعرضت على صاحبي أن نزوره لنعرف ما يجري فيه، لأن لوحته المتضمّنة لكلمة البحوث والدراسات الإسلامية تغري بالمتابعة.
وحينما ولجنا إلى المبنى رأيت بناءً جميلاً أنيقاً، موزَّعاً توزيعاً يدل على عناية خاصة والتقينا بالمدير المسؤول في المركز وعرفنا منه ماذا يدور في هذا الموقع الثقافي المتميز.
المركز فكرةٌ ظلت تُلحُّ على ذهن الدكتورة «سارة بنت عبدالمحسن بن جلوي» الأميرة المعنيَّة بالفكر والثقافة، التي تؤكد أن الثقافة المنبثقة من الرؤية الإسلامية الصافية هي التي يمكن أن ترقى بمستوى الأمة الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، وأُتيح لصاحبة الفكرة مجال لإقامة مركزها في الشارقة، حيث بدأ المركز نشاطه بعقد ندوات مركزة يُدعى إليها المتخصِّصون في الموضوعات العقدية والفكرية والثقافية التي يتم اختيارها بعناية كبيرة لتحقيق مصلحة حقيقية للأمة في هذه المرحلة (الأزمة) التي تمر بها.
وقد عرَّف المركز بنفسه في مطوِّيته التعريفية بعبارات واضحة جاء فيها: رغبة في خدمة الإسلام، وتأصيل البحوث العلمية النافعة الجادة في مجالات الثقافة المختلفة، ومجال الدراسات الإسلامية على وجه الخصوص.
ورغبة في الإسهام في عملية الارتقاء الفكري والنفسي لهذه الأمة، والعمل على تفعيل دورها في عملية البناء الحضاري مع المحافظة على استقلاليتها الشخصية وهوّيتها الإسلامية المتميزة. كانت فكرة إنشاء مؤسسة علمية مستقلة غير هادفة للربح، تعمل على ترسيخ الهويَّة الإسلامية وركائزها الإيمانية في نفوس أبناء أمتنا لتحقق لهم الصفاء والنقاء وقوة الإنتماء، من خلال حركة جادة تساعد في بعث الوعي الإسلامي، وإنجاز البحوث والدراسات الاستشرافية بما يضمن سلامة العقيدة والمنهاج.
ولتحقيق ذلك كان هذا المركز الخيري «مركز الأمير عبدالمحسن بن جلوي للبحوث والدراسات الإسلامية».
إن تحديد الهدف، ورسم معالم واضحة لرسالة هذا المركز يدلُّ على وضوح الهدف في ذهن القائمين عليه؛ الذين أسَّسوه، وفتحوا به بوَّابة من بوَّابات الدراسات الاسلامية الجادة النافعة إن شاء الله .
ولعل تخصُّص د. سارة في مجال العقيدة، مع حرصها على الوضوح في رسم الأهداف وتحديد الغايات هو الذي صبغ هذا المركز بصبغة العلمية والتخطيط السليم.
حينما اطَّلعت على ما بعثت به إلى رئيسة المركز وصاحبته د. سارة بنت عبدالمحسن مشكورة من بحوث «الندوة الدولية الافتتاحية» للمركز التي كانت تحت عنوان «نحو فقه سديد لواقع أمتنا المعاصر»، أيقنت أن لهذا المركز أهمية كبيرة في دعم الدراسات الاسلامية التي تسهم في نهضة أمتنا بعد كبوتها.
وهي ندوة كبرى رعى افتتاحها حاكم الشارقة، وألقى في الافتتاح كلمة أكدَّ فيها أهمية هذا المركز وأمثاله من المراكز في عالمنا الإسلامي.
مركز علمي خيري يستحق التقدير والإشادة، ويستحق أن نشكر عليه الدكتورة سارة وأن نقول لها بهمسٍ: ألا يمكن أنْ يقام فرع لهذا المركز في المملكة؟ إنَّ إقامة هذا الفرع ستخدم المركز وأهدافه بصورة كبيرة لما للمملكة من ثقلها في مجال خدمة الدراسات الاسلامية الجادة، ولما يظهر من تواق كبير بين أهداف المركز وأهداف الجهات العلمية والدعوية في المملكة.
إننا لندعو للمركز والقائمين عليه بالتوفيق، ونأمل أن نرى لوحته البارزة قريباً في إحدى مدن المملكة الرئيسية بإذن الله تعالى .
إشارة:
مني اجتهاد وسعي في مناكبها
ومنك يا رب توفيق وتيسير |
|