* الرياض - عبدالله هزاع:
أقيمت بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية التابع لمؤسسة الملك فيصل الخيرية مساء السبت الماضي محاضرة تحت عنوان «أهمية الحوار مع العالم الإسلامي.. للدكتور غونتر مولاك المفوض الخاص للحوار مع العالم الإسلامي في الخارجية الألمانية
وقد ألقى المحاضر مولاك ورقته بلغة عربية ركيكة حاول من خلالها الوصول للتقارب الثقافي بين الحضارات حيث ابتدأ بقوله:
إنني سعيد جدا بوجودي في المملكة العربية السعودية اليوم، ولأول مرة باعتباري المفوض الرسمي للحوار مع العالم الإسلامي، وأتطلع تطلعاً شديدا إلى الشروع في حوار شامل مع جميع الأطراف المعنية.
تتمتع ألمانيا تقليديا بعلاقات ثقافية جيدة مع غالبية بلدان العالم الإسلامي.
يشمل ذلك حوارا ثقافيا كثيفا، وأنواعا مختلفة من البرامج والتبادل والتعاون في مجال الثقافة والعلوم والتعليم العالي.
ويمثل كل من المعنيين بهذا الحوار ثقافته الخاصة به ومن هنا، فمثل هذا الحوار ينمي في حد ذاته التعددية أيضاً بأن يشجع التبادل الحر والبناء للنقاش ووجهات النظر والقناعات.
ومما لاشك فيه ان أساس كل حوار جاد يجب أن يكون قائماً على التفاهم المتبادل واحترام التباين الثقافي، لكنه من المهم أيضاً أن نحاول التعرف سويا على الأفكار والقيم المشتركة بيننا وسبر غورها.
وإن كنا ندرك جميعاً ان أحياناً ما تمسك العواطف بزمام الأمور.
ان أحداث 11 سبتمبر، والعنف المستمر في الشرق الأوسط والضربات الإرهابية في المملكة العربية السعودية والإرهاب العالمي باسم الإسلام، والظنون المتنامية تجاه المسلمين، قد أفرزت لدى الجميع وعياً جديداً بالتهديد والخوف المتبادل والقوالب النمطية السلبية. وعندما يضاف إلى ذلك الكراهية والإحباط وأزمة الهوية فإننا نجد أنفسنا أمام خليط قوي المفعول ما نحتاجه الآن هو ان نكتشف سويا كيف نواجه هذه الأزمة ونعالج بفعالية التحديات المطروحة أمامنا.
فعلينا أن نفكر في الأساليب الناجعة للعمل المشترك مع العالم العربي، لكي نستجيب بأسلوب إيجابي لتحديات العولمة والتحديث وإذا كنا ننشد تحسين مستوى التفاهم والتعاون على أساس عريض بين الغرب والعالم الإسلامي فإن للحوار أهمية أكثر منه في أي وقت مضى وهناك على الأقل في بعض مناطق العالم الإسلامي وأوروبا عجز واضح فيما يتعلق بالتفاهم المتبادل والمعرفة والاحترام ومنه، فقد شكلت ألمانيا في وزارة الخارجية مجموعة عمل خاصة بالحوار مع العالم الإسلامي وعينتني مفوضاً للحوار بين الحضارات.وهدفنا الحوار الذي يشارك فيه كل من الدولة والمجتمع في العالم الإسلامي ونحن نؤمن بأن الحوار ليس بالكلام فقط وإنما بالعمل المشترك أيضاً.
وفي هذا السياق فإن ألمانيا قد شرعت، بالتعاون مع شركاء من مختلف البلدان الإسلامية، في سلسلة من المشروعات، تركز على المبادرات العملية في مجالات التعليم والتبادل بين الشباب والتدريب المهني، والفنون ووسائل الإعلام والقانون. كما قمنا أيضاً بدعم وتمويل موقع غزير بالمعلومات في الانترنت عن الحوار الثقافي، يصدر باللغات العربية والانجليزية والألمانية، تحت عنوان www.qantara.de.
وهدفنا ان نعمل بفعالية أكبر على تنمية التفاهم والحوار مع العالم الإسلامي والتجمعات المسلمة داخل مجتمعاتنا الأوروبية.
كما نحتاج أيضا إلى مزيد من الحوار داخل المجتمعات نفسها، لو أردنا ان نحل المشكلات العديدة الموجودة سلمياً.
ومن الأهمية بمكان في سياق هذه العملية ان نتعرف على الأرضية المشتركة بيننا، بدلا من التركيز على التباين والقوالب النمطية.
ويحتاج مثل هذا الحوار إلى شركاء مخلصين، يمثلون جميع مجالات الحياة الثقافية والاجتماعية (النخب المثقفة، النساء، الجيل الشاب، والمجتمع المدني).
ونحن نعي تماما ان علينا التغلب على الظن وخلق جو من الثقة والتعاون، وألا فإن ننجح في تخطي الهوة المتنامية بين الغرب والعالم الإسلامي وبالسبب نفسه علينا ان نحلل جذور الكراهية والعنف والعداء بين الحضارات في جميع أرجاء العالم لماذا يجد الإسلاميون المتطرفون اتباعا أكثر فأكثر، بالذات بين الشباب المحبط في العالم الإسلامي؟
الإجابة عن أسباب داخلية عديدة فكثير من الشباب لايجدون الوظائف المناسبة، وبينهم من يواجه أزمة هوية عميقة.ومما لاشك فيه أن الناس في بلدان عديدة ينتابهم قلق شديد من العنف المتواصل في العالم الإسلامي. ويحس كل جانب بأنه مهدد ويرى نفسه مظلوماً وتفيض وسائل الإعلام بالتصورات السلبية.
فالانطباع السائد بأن الغرب يطبق معايير مزدوجة قد أحبط العديد من العرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم إحباطاً كبيرا، وزاد من إحساسهم بالمرارة.
أما في الغرب فإن الكثيرين يقرنون الإسلام بالإرهاب والعنف، وليس بالثقافة وعلينا في هذا السياق ان نعمل على تصحيح التصورات المشوهة فالإسلام أحد أعظم الأديان في العالم.
من الواضح ان عالما متعدد الثقافات، يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى كم أكبر من التسامح والاحترام المتبادلين.
ومن المفروض علينا ان نبحث عن الأرضية المشتركة والقيم والمبادئ الكامنة في جميع الحضارات الكبرى في العالم.
نحن بحاجة إلى تفاهم مشترك حول تلك القيم التي ستوجه خطانا خلال القرن الحادي والعشرين.
وإنني أعلم أن هذا هدف طموح عن حق، يتطلب تحقيقه ان نبدأ بالعمل لدينا، داخل مجتمعاتنا نفسها فالحوار الحق لن يتحقق إلا لو كان هناك إجماع راسخ على تلك القيم والمعايير التي تؤمن بها سويا.
ولقد اتضح في السنوات القليلة الماضية ان الحوار لن ينجح إلا مع نظراء يؤمنون بالحوار داخل مجتمعاتهم نفسها ومن هنا فعلينا ان نبذل نحن كل مافي وسعنا لتشجيع المجهودات الرامية إلى تغذية الحوار والتعددية داخل المجتمعات الإسلامية.
فالشباب في البلدان الإسلامية يحملون نفس التطلعات التي يحملها الشباب في الغرب فهم يطمحون إلى الحياة في حرية وكرامة ورخاء حياة بعيدا عن القهر والعنف.
فإذا أردنا ان نساعد في التغلب على بعض من الإحباط بالذات بين الشباب، هذا الإحباط الذي يساهم بطرق مختلفة في العنف، فإن علينا ان ندعم البلدان في كل مكان في محاولاتها للتغلب على الفقر والرفع من مستوى التعليم والمعيشة، وتشجيع مواطنيها على المشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية.
هذا التعاون الجديد بين الثقافات بحاجة إلى الصراحة والانفتاح والنقد الذاتي من جميع الأطراف، وإلى إرساء علاقاتنا على أساس أكثر أمانة، وأن نحدد بوضوح أهداف كل منا.
كما سيتطلب تطوير التعاون الأوثق طليعة من الشركاء الراغبين فيه.
فالتغيير ليس بالرغبة التي تراود الجميع والعديد من الأنظمة تراوح في مكانها وتخاف التعددية فيجب على الدول الشريكة في العالم العربي ان تلتزم بمسارات التحديث ودعم المجتمع المدني، استجابة لما يعرضه الاتحاد الأوروبي من تعاون اقتصادي وسياسي أوثق.
وستتطلب مواجهة التحديات المطروحة أمامنا أن نحتضن نموذجاً لمجتمع يرتكز على الأصالة وسعة الأفق والتنوير والمعرفة. ويعد تشجيع التنوع الثقافي والتعددية في البلدان العربية أيضا والتفاعل الأعمق مع الثقافات الأخرى ذا أهمية فائقة في هذا السياق.
وفي إمكان الاتحاد الأوروبي وأعضائه بذل مجهود أكبر في دعمهم تحسين مستوى التعليم والبحث العلمي بصفتهم مفتاح التنمية الاقتصادية والسياسية المستدامة وتقوية شوكة المعايير الديمقراطية، وسيادة القانون والتعددية، في وسائل الإعلام أيضا، وكذلك تمكين النساء ليلعبن دورهن كاملا في الحياة القومية.
إن الشرق الأوسط مهد الحضارات والأديان التي أثرت تأثيرا عميقا في الحضارة الغربية ولن تتمكن أوروبا من ان تترك الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي في دول الجوار المباشر يتدهور أكثر فأكثر.
فمصلحتنا الذاتية تفرض علينا ان نبني شراكة تفضي إلى مستقبل أفضل وأكثر سلاما لنا جميعا.
وبعد انتهاء المحاضر مولاك فتح مدير الحوار الدكتور خالد الحمودي وكيل جامعة الملك سعود للدراسات والبحث العلمي باب المداخلات والأسئلة للحضور فكانت المداخلات من الدكتور مازن مطبقاني والدكتور ابراهيم السماري، والدكتور عبدالله العثيمين التي تركزت على الوضوح والصراحة في الحوار والهدف منه وأسباب التطرف والعنف والإرهاب.
وفي نهاية المحاضرة قدم أمين عام المركز د.يحيى بن جنيد إلى سعادة الدكتور جونز مولاك درعاً تذكارياً بهذه المناسبة.
المحاضر في سطور
- الدكتور غونتر مولاك
- من مواليد لاندسبيرغ، فارتي، ألمانيا 1943م.
الدرجات العلمية:
- دراسة القانون والعلوم الإسلامية في ماربورغ وغوتنغن والولايات المتحدة الأمريكية 1968م.
- ماجستير في القانون جامعة كاليفورنيا الولايات المتحدة 1970م.
- دكتوراه في القانون جامعة غوتنغن 1972م.
- دراسة اللغة العربية في مركز الشرق الأوسط للدراسات العربية/ شملان، السفارة الألمانية في بيروت 73-1974م.
الخبرات العملية
- معيد بجامعة غوتنغن (معهد القانون الدولي).
- نائب السفير بالسفارة الألمانية في الكويت 74-1978م.
- رئيس قسم الشؤون الاقتصادية بالسفارة الألمانية في كاراكاس 1978- 1980م.
- نائب السفير بالسفارة الألمانية في عمان 80- 1983م.
-قنصل عام لألمانيا في الدار البيضاء 90- 1991م.
- سفير ألمانيا في كل من الكويت والبحرين 91-1994م.
- رئيس قسم الشؤون السياسية بوزارة الخارجية الألمانية 21/11/1994م.
- سفير ألمانيا في دمشق 99-2002م.
- المفوض الخاص للحوار مع العالم الإسلامي حوار الحضارات بالخارجية الألمانية 21/5/2002م.
|