Sunday 1st February,200411448العددالأحد 10 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

العبودي.. باحث مسكون بالفكر والعطاء العبودي.. باحث مسكون بالفكر والعطاء

عرفت الشيخ محمد بن ناصر العبودي حينما كنت في المرحلة المتوسطة، وكنت استمتع بالقراءة لكل ما أجده من الكتب، وحصلت يومها على كتاب «إفريقيا الخضراء» للشيخ العبودي، ومنذ ذلك الحين توطنت نفسي لأسلوبه السهل الممتنع، وبدأت صداقتي لحرف الشيخ العبودي الى الآن.
ومنذ مدة وجيزة دعيت من قبل الأستاذ محمد العبدالله المشوّح الى ثلاثيته التي يقيمها بالرياض، فكانت له المبادرة الطيبة «كما هو دائماً» إذ قال: يا ابا ناصر لدي كتاب عن الشيخ العبودي، واعرف انك تحب فكر الشيخ، وقبلت الهدية منه، فكان الكتاب هو عن الشيخ العبودي، وهو من تأليف الاستاذ محمد بن عبدالله المشوّح، وعنوانه «الشيخ العبودي عميد الرحالين»..قرأت الكتاب وخرجت بانطباعات أولية هي كما يلي:
أولاً: لا شك ان الشيخ العبودي يستحق الوفاء من تلاميذه الكثيرين، وهو أهل للاحتفاء به، وقد تم تكريمه في مهرجان الجنادرية لهذا العام، فنبارك له ولتلاميذه ايضا، لأنه كفء لان ينال مثل هذا التكريم، وهو أطال الله في عمره رجل من نوع نادر من الرجال الذين يسري حب البحث الفكري والتقصي والتدوين في عروقهم، حتى إنه يعتبر مرجعا لكثير من المسائل المتعلقة بالتاريخ والعلوم العامة لكثرة اطلاعه ودقة ملاحظاته وكثرة تدوينه.
ثانياً: الدخول الى الكتاب من خلال المتابعة له فصلا فصلا جاء كما يلي:
أ- قال المؤلف: «عميد الرحالين» هكذا، ومع ان الشيخ يستحق التبجيل، ونحن نحب الشيخ مثلما يحبه الاستاذ المشوح لكن هذا المسمى يجحد من قبله ممن لهم السبق من اجدادنا الذين امتطوا ظهور الدواب في الحر والقر او عانوا أهوال البحار يومها وعانوا ظروفا صعبة في رحلاتهم، ولم تكن بالسهولة مثل رحلات اليوم، بعد تطوّر المواصلات، على رسلك يا ابا عبدالله، سوف يغضب اولئك من ترشيحك له عميدا عليهم!!.
ب-ص 15 قال المؤلف عند حديثه عن بريدة مسقط رأس الشيخ العبودي: «التي تحتل بريدة قاعدتها وسنامها» وأقول: ماذا سيقول غير أهلها عن هذا الكلام إذا صارت بريدة السنام، مع أنها تستحق الإطراء، فهلا خففت المفردة يا أبا عبدالله أو اخترت ألطف منها؟!
ج- ص16: وعلى أرض القصيم وحواشيها... خزاز وجبلة وحرب داحس والغبراء وحرب البسوس.. الخ.
فأين تلك المواضيع من القصيم «بريدة» يا رعاك الله؟ فأين خزاز وجبلة وغيرهما من المواقع التي سحبتها للقصيم؟ وهل عالية نجد هي القصيم؟ لا سيما وأنك حددت القصيم في ص 16 بما لا يصدق عليه ما قلته الآن، أما كلمة «حواشي» فلا أدري ماذا تقصد بها!!
د- بالنسبة لتسمية بريدة فأرى أن رأي الدكتور الهويمل في تسميتها هو الأقرب، إلا إذا كانت النسبة الى امرأة اسمها بريدة كما في بعض القصائد الجاهلية.
هـ- ص 23 و24 قال المؤلف عند الحديث عن اسوار وبناء بريدة: وأن يحموها من غارات الأعراب «حلوه» ومن غزوات أهل القرى المجاورة «من هم؟!!»، أنت ذكي يا أباعبدالله، وتختار العبارات بدقة لتصل لغرضك بأسهل التكاليف أيضاً.
و-ص 29 رأي المؤلف صائب حول إنشاء بريدة، وأظن أنها جاهلية كما اتذكر من خلال الشعر الجاهلي.
ز-ص 31 المبحث الثاني تكلم عن النهضة الدينية وسماها بالعلمية، بل قال «النهوض العلمي بالقصيم» وأحسب انها فضفاضة المفهوم، فالفكر الذي تحدث عنه فكر ديني شرعي بحت، كان له الاثر الفعال في مسيرة العلوم الدينية في نجد بلا شك، وله صولات وجولات في عصور مختلفة، وهو ليس علمياً بالمعنى والمصطلح الصحيحين.
ح- قال ص 37 سطر 1: لقد كان للأجواء العلمية الدينية الشرعية أ.هـ وهنا كان يجب ان يقول في المبحث الثاني أعلاه، لأنها فعلا دينية شرعية.
ط- ركز على الشعراء العوام عند الحديث عن شعراء بريدة، ويبدو لي ان لا غيرهم من المعاصرين لهم آنذاك.
ي- ص 43 و44، تحدث المؤلف عن الشيخين ابن جاسر وابن عمرو وهو حديث ممتع، ويبدو أنه يمتلك معلومات تاريخية مفيدة عنهما، لكنه لم يتوسع فيه لفائدة الباحثين الذين سيرجعون لهذا الكتاب المفيد، والمؤلف من خير من يعرف عن هؤلاء العلماء الفضلاء.
ك- كان هناك مبحث يقوي من زخم الكتاب عند الحديث عن بريدة في الماضي وهو العقيلات، فليت المؤلف تحدث عنهم كأعضاء من مجتمع بريدة، بل هناك مشاهير منهم مثل ابن شريدة وابن جربوع وابن مسلم وغيرهم كثر.
ل- قال: جورة ال سالم، ماذا تعني جوره؟ اظن ان لها مدلولا آخر غير كلمة حي أو سكني، فما أصلها اللغوي؟
م- قال في الهامش «انظر شجرة آل سالم» فأين هي؟ ما لقيناها يا ابا عبدالله!!
ن- ص 52 الهامش كتبت كلمة «الميدا» والصحة المليداء.
س- ذكر المؤلف ان ابا الشيخ ناصر العبودي - رحمه الله- كان على اطلاع واسع بأخبار القبائل وشعر الشعراء العوام، وأسأل المؤلف الم يسجل الشيخ عن ابيه ما ذكرته من معرفته عن اخبار الناس؟ فعلا هو تاريخ مهم ممن عاصروا تلك الأزمنة.
ع-ص 52 قال المؤلف: حيث عدة سنوات مع شمر.
ألا ترى ان حيث لا مكان لها هنا؟ وربما انك تقصد حيث امضى عدة سنوات مع شمّر.
ف- قال المؤلف ان الشيخ محمد العبودي ولد سنة 1345هـ، ثم قال انه التحق بالكتّاب سنة 1351هـ وعمره لم يتجاوز الخمس سنوات، والفرق هنا حوالي 7 سنوات لا خمس فأين ذهبت السنتان يا ابا عبدالله؟!
ص -ص 60 شأنهم شأن بقية نواحي نجد، هذه الجملة التعليلية أظن أنها غير دقيقة!!
ض- شيوخه.. عنوان، ألا ترى ان مشائخه اولى من شيوخه، ثم ألا ترى أنها عامية؟ لا أدري لكن في النفس منها شيء فقط، وربما تقول انها مستعملة في كثير من المؤلفات قبلي، وسأقول أنت تبحث عن الصحيح لا ما قيل من خطأ.
ظ- المبحث الخامس.. مبحث جميل ودقيق جداً.. رعاك الله.
ختام
الكتاب بمجمله كتاب يستحق القراءة، واجمل ما في الكتاب ان الباحث دقيق وذكي جداً، يستعمل دهاءه وذكاءه بحذر وحذق ليقول ما يريد، ولكي يوصل المعلومة للقارئ ويقنعه بها بذكاء وسلاسة، والذي أثار اعجابي أكثر هو كثرة الهوامش، مما يعني ان الباحث ملم بمادته التي يتحدث عنها.
والشيخ العبودي أطال الله عمره، أعتبره رجلا من الذين يجب ان يقتدي بهم الشباب في علو الهمّة والجلد على البحث والكتابة، لا سيما أنه كما سمعت عنه، لا يضيع وقتا في غير فائدة فكرية، وأنه يسابق الزمن في الكتابة والبحث والتقصي في المسائل التي يخوضها أو يريد الكتابة عنها، وهو جبل من جبال العلم التي يسوف لن تتكرر قممها ابدا، ويكفيه شكرا له انه زوّد المكتبة السعودية بعدد كبير من اصداراته المتميزة، ثم هو سلس العبارة يرغم القارئ ان يكمل ما بدأ، وهنا يكمن نجاح الباحث او الكاتب، حفظه الله وأمد في عمره.. اللهم آمين.

محمد أبو حمرا
فاكس 2372911


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved