* إن الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة، كما قال خاتم رسل الله صلى الله عليه وسلم.. ونحن في هذه البلاد المقدسة نسأل الله جل في علاه أن يتقبل من وفوده المؤمنين حجهم وعمرتهم، وأن يتقبلهم بفضله ورحمته التي وسعت كل شيء، وأن يغفر خطاياهم ويتجاوز بمنه وكرمه عن سيئاتهم، ليعودوا إلى أوطانهم كيوم ولدتهم أمهاتهم، وقد خرجوا من ذنوبهم وحطت عنهم أوزارهم وحوبهم، بفضل الله الذي يعفو عن كثير.!
* ونسمع اليوم، وسمعنا منذ عامين أو ثلاثة، أن هناك حجاً فيه سرف ليس من الإسلام في شيء، لأن الله لا يحب المسرفين، حجاً يكلف الفرد خمسين وأربعين ألف ريال، ويضرب به المثل في أحاديث المجالس بأنه حج فنادق سبع أو عشر نجوم، لأنه متميز في نمطه وبحبوحته... وأنا لا أنكر على الناس أن تظهر عليهم نعم ربهم ويتحدثوا بها.. لكنهم لهم أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه سلم وخلفائه الراشدين، فقد كان شعارهم جميعا ترديد: (اللهم حجاً لا رياء فيه ولا سمعة) !وخليق بالأغنياء أن ينفقوا الفضل من أموالهم في سبيل الله، على المحتاجين والمرضى والمعاقين وهم كثير، وإنه لعمل صالح يرضي الرحمن بهذا النفع للمسلمين المحتاجين في شتى شؤونهم، وأن يحج القادرون حجاً لا تبذير فيه ولا رياء ويحمدوا الله على ما يسر لهم من سبل ووسائل الحج، وفي مقدمتها الأمن ثم الراحة بعيداً عن المشقة التي كان يتكبدها المسلمون في العصور الماضية، حتى غير القادرين صحياً، كانوا يقضون الشهور في رحلة شاقة وغير آمنة، وليس فيها وسائل سوى الدواب والعيش الخشن أو سيراً على الأقدام.!
* إن ربنا يتقبل الأعمال الصالحة من المتقين، والذين يقتصدون في إنفاقهم وحجهم، وينفقون الفضل من أموالهم في سبيله سبحانه لهم أجر كبير، أكثر بكثير مما يذهب ترفاً ورياءً لا أجر عليه وإنما هو منبوذ.! إن أمام الأغنياء أبواباً كثيرة للإنفاق والتصدق والخير، وهو الباقي اليوم وغداً، لأن الحق لا يضيع أجر المحسنين.
* إن الحج عبادة يساوي الجهاد في سبيل الله، وليس سياحة ورفاهاً، والحج المبرور ليس إسرافاً وتبذيراً
ومراءاة، ولكنه تقشف وتواضع للمنان وشكر النعمة التي أفاء الله بها على عباده، لينظر كيف يعملون.! وما أكثر أبواب الخير أمام القادرين، ليوجهوا شيئا من فائضهم إليها، لتفيد مرضى ومحتاجين معوزين، فذلك هو الباقي.. أما ما ينفق بلا حساب، ليقال، فليس له عائد ينفع صاحبه، لأنه عمل ليقال، وقد قيل، ولم تبق أجور ترجى، إلا إذا كان ثم إنفاق في سبيل الله، فإنه الباقي المدخر ليوم يحتاج فيه الناس إلى الحسنات وهي روافد مما قدم المرء في دنياه، فهنيئاً لمن ادخر لغده ما ينفقه، وذلك عند خالقه من حسنات، لقاء ما أعطى في سبيل إرضاء ربه الذي لا تضيع عنده الودائع.. وهنيئا للمحسنين، و (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب).!
|