Saturday 31th January,200411447العددالسبت 9 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
ذهبٌ بلا بريق!
رقية الهويريني

تفاجئك الإعلانات التجارية لأنواعٍ عديدةٍ من ماركات الساعات المختلفة الأحجام والألوان والأشكال، حتى يخيّل إليكَ أننا مجتمع يولي الوقتَ والمواعيدَ جُلَّ اهتمامه! وإذا أمعنا النظر في أوضاعنا العامة نجدُ أنَّ إهدار ساعات الزمن يُعدُّ متعةً لدى البعض، ونوعاً من الوجاهة لدى البعض الآخر حين لا يصلون إلا آخر المدعوين ,حتى لقد باتت هذه العادة السيئة هي السمة الغالبة على اجتماعاتنا على الرغم أن شريعتنا عدت إخلاف المواعيد من صفات المنافقين بل ووضعت الاهتمام بالوقت وبالمواعيد من شروط تمام العبادات كالصلاة والصيام والزكاة وحتى الحج (واذكروا الله في أيام معدودات) وقال صلى الله عليه وسلم :(الحج عرفة) وهو بذلك يقصد الزمان وليس المكان لأنه كما هو معروف عرفة موضع لا يتحرك من مكانه ولكن عدم الوقوف فيه في اليوم التاسع من ذي الحجة يفوت حصول الفرض.
وإذا عدنا لاهتمامنا بالشكليات دونما المضمون نجد أن اهتمامنا بأنواع الساعات الحائطية في الشوارع وفي المساكن والممرات في المباني وفي السيارات والآلات الحاسبة وأجهزة الهاتف والتلفزيون والفيديو وساعات اليد والأصابع والأقدام ,تباع بأغلى الأسعار وأبخسها! إلا أننا لازلنا نرى الشوارع تغص بالسيارات وفيها يعمد سائقوها لقطع الإشارات وحصول حوادث في الطرق! وإقلاع طائراتٍ بأقل عددٍ من الركاب بسبب قلةِ الاهتمام بالوقت أو لعدمِ وضع مسافة زمنيةٍ بين المواعيد! وما ضياع الفرص للمجتمعات إلا بسبب التأخر في الوصول إلى الحضارة والتقدم. فالأمم المتحضرة ترسم كل خططها ومستقبلها التنموي متزامنة مع الوقت فهناك خططٌ قصيرة المدى وخططٌ طويلة المدى كما تبني منشآت ومصانع على حسب الوقت، ولديها مايسمى بالعمر الافتراضي للمباني والطرق والمركبات، وإن تخطت العمر الزمني المقرر لها تكون خطراً على الإنسان، لذا يتم التخلص منها بالطرق القانونية. وما استحداث البطاقات الخاصة بالدخول والخروج من العمل إلا للمحافظة على الوقت وعدم تعطيل مصالح الناس إضافة إلى تحديد وقت كل بطاقة شخصية أو مصرفية تنتهي به ولكل اشتراك فترة زمنية، ولولا ذلك لضاعت حقوق وفقدت مصالح وكل تلك الجهود محاولة لكسب الوقت وعدم هدره.
إنَّ الاهتمام بالوقت وإدارته لابدَّ أن يبدأ منذ الصغر مع الأطفال بتعويدهم بربط الواجبات العامة وأوقات النوم والراحة وتناول الطعام بأوقات الصلاة وذلك بتناول الإفطار بعد صلاة الفجر ثم الذهاب للمدرسة، وبعد صلاة الظهر تناول وجبة الغداء، أما بعد صلاة العصر فهو للمذاكرة وحل الواجبات، وبعد صلاة المغرب تناول طعام العشاء الذي تعقبه الصلاة ثم الخلود للنوم والراحة. ولو سرنا على النهج الرباني الذي اختطه لنا الإسلام لأصبحَ برنامجنا اليومي موحداً كما هو في شهر رمضان الذي يجتمع فيه المسلمون في البقعة الواحدة في وقتٍ واحد على تناول طعام الإفطار وفيه تخلو الشوارعُ ويأوي الناس لمساكنهم حتى يمرَّ شهر رمضانَ بسرعةٍ هائلة لاشتراك المجتمع في برنامجٍ موحد!
وهل الأمرُ صعبٌ لهذه الدرجة؟! ونحن نرى شبابنا يتهاوى صباحاً وهم يتجهون لمدارسهم ,والموظفين نحو أعمالهم، والأمر ذاته ينطبق على الأطفال ويمتد أحياناً للشيوخ! حتى أصبحت سمةُ السهرِ ليلاً والنوم نهاراً أمنية تتوق لها نفوس الفاشلين الراقدة في أجساد المعتلين وممن لديهم (أنيميا) في الهمة وشحوب بالأهداف ,وغشاوة في الرؤية ,وجهل بحكمة خلقهم ,وهو العبادة التي قننت كلُّ ركن وواجبٍ في وقتٍ محددٍ ومعلوم، وأن الحياة لها نهاية حيث حددها الله بقوله تعالى (لكل أجلٍ كتاب) وما دامت الحياة تُحتسب بالوقت أفليس حريٌ بنا -نحن المسلمين- الاهتمام به والمحافظة عليه وهو الأغلى من الذهب!!

ص.ب 260564 الرياض 1134


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved