Friday 30th January,200411446العددالجمعة 8 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الحلم الحلم

* س: - /الحلم/ هل يمكن معرفة معناه وما ورد عنه من آثار؟
لا تستغرب عجلة الحياة في هذا الزمن الذي تغلبت فيه المصالح على صدق النوايا جعلت المرء ممثلاً وأن بدا: مخلصاً، نزيها فهل كتبت عن هذا، لكن لعلك تبسط الكلام عن الحلم العزيز المفقود الذي نريده أمامنا عياناً...؟
س. ع. أ ن. ع. أ- المدينة المنورة -«قباء»
* ج: - الحِلمُ معنى من المعاني النفسية الرفيعة وحرارة مقابلة لأخرى ضدها تكبحها وتردها، فالحلم يرد الغضب أو يهديه ويسكنه حتى يعود الغضب بفعل الحرارة المقابلة إلى حالة مستقرة وأصل الحلم هبة من الله سبحانه وتعالى فهو جبلة يجبل عليه العبد، وهو أنواع:
1- طبعي «هبة»
2- تحلم «إكتساب»
3- تحلم «ضروري»
وهو كظم الغضب، وإذا ارتبط الحلم بنية صالحة حصلت السيادة، فإذا كان الحلم واعياً يسسير بدراية وتمعن صاف واضح المعالم ساد صاحبه بصرف النظر عن مال أو جاه،
والحلم صفة كبيرة من صفات العقل السليم وثمرة من ثماره المتقدمة، بل لعله يكون مستقلاً، وهو في إطراد عجيب نافع غير ضار فهو يطرد:
العجلة.
ويهدي الغضب.
ويسكن الحرارة.
وينير الطريق.
ويحمد صاحبه العقبى.
وأنا بإذن الله تعالى أُورد بعض نصوص صحيحة تُبين منزلة الحلم وشأنه لحاجة كثير من الخلق إلى مثل بين حين وحين.
جاء مما أورده ابن أبي الدنيا في كتابه: الحلم،
(1) عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم ناساً، أعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى ناساً فقال رجل: ما أريد بهذه القسمة وجه الله، فقلت: لاُ خبرنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: رحم الله موسى، قد أُوذي بأكثر من هذا فصبر. (أخرجه البخاري).
(2) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن امرأة يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، قالت: أردت قتلك، فقال: ما كان الله ليُسلطك عليَّ أو قال على ذلك، قالوا: ألا تقتلها؟ قال: لا، قال أنس: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى أثر السم في فمه. «أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود».
(3) وعن أنس رضي الله عنه قال: لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلاً من أهل مكة بالسلاح من قبل جبل التنعيم يريدون غِرَةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا عليهم فأُخذوا قال عفان: فعفا عنهم ونزلت هذه الآية: (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم) «أخرجه أحمد». قلتُ أصله في الصحيح، قلت كذلك وهذا نوع من دعاء المضطر، وقد بينت مثله في مقال سابق هنا فتنبه أخي القارئ.
(4) وعن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجذبه بردائه جذبة شديدة فنظرتُ إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثر بها حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: يا محمد مُر لي، فالتفت إليه فضحك، ثم أمر له بعطاء، «أخرجه البخاري ومسلم».
وجاء كذلك من مُقدمة المحقق على الكتاب لابن أبي الدنيا «وشتم رجل أبا ذر رضي الله عنه، فقال له: يا هذا لا تستغرق في شتمنا، ودع للصلح موضعاً، فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكبر من أن نطيع الله فيه).
وجاء كذلك: «وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها صائمة فأمرت جاريتها بريرة أن تصنع لها طعاماً، لتفطر به فتشاغلت عن ذلك حتى مضى النهار، وجاء المغرب، فلم تجد أم المؤمنين طعاماً، فالتفتت إليها وقالت وهي تكتم غيظها: «لله در التقوى لم تدع لذي غيظ شفاء».
وأورد ابن أبي الدنيا الخبر رقم 17 قال هناك بسنده عن ابي جعفر الحطمي أن جده عميرة وكانت له صحبة أوصى بنيه:
«يا بني إياكم ومجالسة السفهاء، فإن مجالستهم دناءة، من يحلم على السفيه يسر بحلمه ومن يجبه يندم ومن يصبر على ما يكره يدرك ما يحب، وإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فليوطن نفسه على الصبر على الأذى ويثق بالثواب من الله فإن من وثق بالثواب لم يجد مس الأذى».
وأورد قال حدثنا علي بن الجعد (أنا) المبارك ابن فضالة عن الحسن في قوله تعالى: (يمشون على الأرض هوناً) قال الهون في كلام العرب: اللين والسكينة والوقار.
وجاء كذلك رقم 21 قال ابن ابي الدنيا «حدثني إبراهيم بن سعيد نا عبدالعزيز القرشي عن سفيان قال معاوية رضي الله عنه لعمرو بن الأهتم: أي الرجال أشجع؟
قال من رد جهله بحمله.
قال أي أسمى؟
قال من بذل دنياه في صلاح دينه.
وجاء رقم 25 قال حدثني صالح بن مالك نا أبو عبيدة الرياحي عن الحسن قال لأهل التقوى علامات يعرفون بها:
صدق الحديث
وأداء الأمانة
والإيفاء بالعهد
وقلة الفخر والخيلاء
وصلة الرحم
ورحمة الضفعاء
وقلة المشاقة للنساء
وحسن الخلق
وسعة العلم
واتباع العلم فيما يقرب إلى الله زلفى.
وجاء رقم 32 بسنده قال معاوية رضى الله عنه: يا بني أمية قارعوا قريشاً بالحلم، فوالله إن كنت لألقى الرجل من الجاهلية يوسعني شتماً وأوسعه حلماً، فأرجع وهو لي صديق أستنجده فينجدني، وأثيره فيثور معي، وما دفع الحلم عن شريف شرفه.
ولا زاده إلا كرماً.
وجاء رقم 36 بسنده قال : «قيل لرجل من الفرس أي ملوككم كان أحمد عندكم؟
لأرد شير فضل السبق غير أن عندنا سيرة أنو شروان،
قيل فأي أخلاقه كان أغلب عليه؟
قال: الحلم والأناة،
قيل هما توأمان ينتجهما: علو الهمة.
وجاء رقم 38 قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل نا جرير عن ليث عن سالم بن عطية قال:
الربيع بن خيثم:
الناس رجلان: عاقل وجاهل
فأما العاقل فلا تؤذه،
وأما الجاهل فلا تجاره..
وجاء رقم 45 قال بسنده «إن عبدالملك بن مروان كان يوماً في عدة من ولده وأهل بيته»،
فقالوا، لتشدك أجمل حكم، وأشعر ما يُروى فأنشدوه: لزهير، والنابغة، وامرئ القيس، طرفة، ولبيد،
فقال عبدالملك أشعر منهم الذي يقول:
وذي رحم قلمت أظفا صفنة
بحلمي وهو ليس له حلم
يحاول رعمي لا يحاول غيره
وكالموت عندي أن يحل به الرغم
فإن أعف عنه أعض على القذى
وليس به بالصفح عن دينه علم
وإن أنتصر منه أكن مثل رائش
سهام عدو يُستهاض بها العظم
صبرت على ما كان بيني وبينه
وما يستوي حرب الأمارب والسلم
إلخ كما في ص 42، وقال: والشعر لمعين بن أوس المزني.
وجاء رقم 49 بسنده «قول قاله وهب بن منبه
من يرحم يرُحم،
ومن يصمت يسلم،
ومن يجهل يُغلب،
ومن يعجل يخطي،
ومن يحرص على الشر لا يسلم،
ومن لا يدع المراء يُشتم،
ومن لا يكره الشتم يأثم،
ومن يكره الشر يُعصم،
ومن يتبع وصيته الله يحفظ،
ومن يحذر الله يأمن،
ومن لا يسأل يفتقر،
ومن لا يكن مع الله يُخذل،
ومن يستعن بالله يظفر،.
وجاء رقم 50 قال بعد السند «ان لقمان قال لابنه:
يا بني إني موصيك بخصال إن تمسكت بهن لم تزل سيداً،
أبسط حلمك للقريب والبعيد،
وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم،
وصل أقرباءك،
وليكن إخوانك الذين إذا فارقوك وفارقتهم لم تعبأ بهم.
وجاء رقم 60 بسنده قال «عن خالد بن دينار قال: سمعت معاوية بن قُرة قال: قال أبو الدرداء: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك،
ولكن الخير أن يعظم حلمك،
ويكثر علمك،
وأن تنادى الناس في عبادة الله،
فإذا أحسنت حمدت الله،
وإذا أسأت استغفرت الله،
والحلم ذو شأن عظيم فهو حالة متدفقة من حسن الخلق وكبر العقل وإذا صقلته التجارب أصبح صاحبه ذا رأي سديد وهدي رشيد والحلم إذا اقترن بنية صالحة صادقة هُدي صاحبه إلى طريق قويم،
وقد تواترت الآثار أن ما جاء رسول إلى أمته إلا وهو متصف بالحلم والنبل مع وعي تام وبعد نظر مكين.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved