استثارت تحركات السلام غرائز إسرائيل العدوانية فقتلت تسعة فلسطينيين في واحدة من هجماتها (العابرة) على غزة لكن قبل انقضاء 24 ساعة على جريمتها تلقت ضربة موجعة من قبل المقاومة الفلسطينية قرب منزل شارون في القدس المحتلة من خلال عملية فدائية جديدة قتلت عشرة إسرائيليين على الأقل.
والرسالة الفلسطينية واضحة، وتقول مباشرة إن جرائم إسرائيل لا يمكن أن تمر دون عقاب، وأن كل الاحتياطات الأمنية والأسوار والقلاع الإلكترونية لن تحمي إسرائيل من الانتقام، وأن الفدائيين قادرون على الوصول حتى إلى عقر دار شارون التي يقيمها على الأراضي الفلسطينية المغتصبة.
فإسرائيل أرادت إحباط التحركات المصرية والأمريكية لإنعاش جهود السلام واختارت تفجير الأوضاع في غزة من خلال مذبحة بشعة مستغلة في ذات الوقت، أجواء الترقب للإفراج عن مئات الأسرى وفق الاتفاق بينها وحزب الله.
وربما اعتقدت إسرائيل أن تلك الأجواء المشبعة بآمال الإفراج عن الأسرى قد تتيح لها تنفيذ جريمتها دون أن تتلقى رداً بسبب حرص الفلسطينيين على عدم تخريب عملية تبادل الأسرى، لكنّ الفلسطينيين يرون دائما أن من واجبهم الرد فوراً على مثل هذه الاعتداءات وأن إسرائيل هي التي تتحمل أي تعطيل لتنفيذ بنود اتفاق الأسرى.
وما يهم إسرائيل بشكل عام ألا تتقدم أي مساعٍ سلمية إلى الأمام، وهي تفعل ذلك بعدة طرق منها تفجير الأوضاع وبالتالي عرقلة المساعي، وهذا أمر يحدث في كل مرة ويعلم به كل المرتبطين بعملية السلام، ومع ذلك فلا أحد يضغط على إسرائيل لإجبارها على وقف هذا العبث.
وبدلاً من ذلك فإن إسرائيل تتلقى ما يشجعها على الاستمرار في نهجها العدواني، وغداة مذبحة غزة أعلنت إسرائيل أنها تنكر حق محكمة العدل الدولية في النظر في شرعية الجدار الذي تبنيه على أراضي الضفة الغربية، وبعد ساعات أعلنت الولايات المتحدة أنها تعتزم الطعن في صلاحية المحكمة الدولية لنظر قضية الجدار، وتبرر واشنطن موقفها بالقول إن بحث المحكمة لهذا الموضوع يضر بمبدأ المفاوضات المباشرة وبخريطة الطريق, ويأتي اعتراضها على المحكمة كتأييد مباشر وفوري للموقف الإسرائيلي من موضوع يتصل بجدار انتقده العالم كله حيث يعتبر الجدار من أبرز معوقات السلام.
|