* كتب - مندوب الجزيرة:
أوصت دراسة حديثة أعدها د. مساعد بن ابراهيم الحديثي بالتوسع في برامج توعية الحجاج عن طريق الكتب والنشرات التوعوية المطبوعة والمترجمة بكل اللغات، نظراً لما ثبت من أنها أكثر الوسائل التوعوية قبولاً واستجابة بين ضيوف الرحمن.
كما أوصت الدراسة بالعمل على اشراك ممثلي بعثات الحج العربية وغير العربية في التعرف على احتياجات الحجاج من ناحية التوعية والعمل علي تلبيتها قدر الإمكان.وأشارت الدراسة إلى أن مفهوم التوعية الإسلامية في الحج مفهوم عام وشامل لكل ما يتعلق بالإسلام من عقيدة وعبادات وسلوك ومنها:
توجيه الحجاج والمعتمرين لأداء فريضة الحج والعمرة على بصيرة من الأمر وهو هدف أساسي من أهداف الوزارة ويبدأ أولاً بالعقيدة من خلال تبصير المسلمين والحجاج بالعقيدة الصحيحة، وكذلك تنبيه الحجاج إلى البدع التي قد تخرجهم من الدين أو تؤثر على سلامة حجهم، ويدخل فيه كذلك تبصير الحجاج بالأخلاق الإسلامية والعبادات.
ويدخل في هذا المفهوم كذلك إبراز الصورة الحقيقية لما عليه المملكة العربية السعودية من التزامها بتطبيق الشريعة الإسلامية وتمسكها بعقيدة أهل السنُّة والجماعة، وباختصار فإن المفهوم يعني إعانة الحجاج على أداء مناسكهم على الوجه المشروع وفهم الإسلام بصفة عامة.
ومفهوم التوعية الإسلامية في الحج مفهوم شامل وعام، لا يقتصر على التعريف بمناسك الحج فقط، بل يتناول العديد من المجالات، من أهمها:
التركيز على العقيدة الصحيحة وتبيانها للمسلمين، فإن صحت العقيدة صحت بقية الأعمال، وكذلك التركيز على العبادات من صلاة وصيام وزكاة، فمثلاً أداء الصلوات الخمس قد تكون مفهومة لدى الغالبية من الحجاج، ولكن هذا لا يمنع من توعيتهم بها، وخاصة ما يتعلق «بالقصر والجمع» إبان التواجد في المشاعر المقدسة: منى وعرفات ومزدلفة.
ورصدت الدراسة واقع التوعية الإسلامية في الحج والنتائج الطيبة التي تحققها برامج التوعية التي تقدمها جهات متعددة - وفي مقدمتها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد من خلال الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج منذ وصول الحجاج إلى منافذ المملكة العربية السعودية البرية والبحرية والجوية وحتى مغادرتهم المملكة، كما يستفيد من برامجها حجاج الداخل من المواطنين والمقيمين.
ومن الملاحظ كل عام أن الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج، تضاعف جهودها وتكثفها، وتستعين بعدد كبير من العلماء والدعاة والمشايخ من ذوي الكفاية والخبرة، لمعاونتها في أداء هذا الدور المنوط بها، كما تستفيد من أبناء الجاليات الإسلامية الذين يدرسون في الجامعات السعودية، للقيام بأعمال الترجمة لمن لا يتقن اللغة العربية، وتوزع الوزارة في موسم الحج أعداداً كبيرة من الكتب الدينية المتعلقة بمناسك الحج والعمرة بلغات مختلفة، بالاضافة إلى مجموعة من البرامج الإعلامية لتوعية الحجاج وارشادهم في مختلف أجهزة الاعلام. ومن ذلك ما تقدمه في التلفزيون من ندوات، إضافة إلى الندوات والإصدارات في الصحف والمجلات المنتشرة في المملكة، وبعض البرامج الدينية التي تقدم عبر القنوات الفضائية.
كذلك ما تقيمه الوزارة من مراكز ثابتة في مداخل المملكة، ومدن الحجاج البرية والجوية والبحرية، والمشاعر المقدسة يتجاوز عددها 46 مركزاً إضافة إلى الفرق الجوالة لتوعية الحجاج. كما توزع أعداداً كبيرة من المصاحف من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وترجمات معاني القرآن الكريم، وتسجيلات بعض مشاهير القراء، هدية من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - للحجاج والمعتمرين. يضاف إلى ذلك توزيع عدد كبير من المحاضرات الدينية المسجلة على أشرطة «الكاسيت» بعدد من اللغات العالمية.
وهذه البرامج على كثرتها وتنوعها وضخامتها - في الغالب الأعم - تتكرر كل عام، وتحتاج إلى دراسة وتقويم مستمر بغية تطويرها وتحسين إجراءاتها لكي تحقق الغاية المنشودة منها، وهي توعية الحجاج بأمور دينهم وأداء مناسكهم بصورة صحيحة، خالية من الشوائب والبدع والأخطاء، واستخدام أفضل الطرق وأحدث الأساليب التقنية في وسائل الاتصال ونقل المعلومات، ليمكن تقويم مدى فاعليتها وتأثيرها.
ونظراً لتعدد برامج التوعية الإسلامية التي تقدمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وتعدد القائمين عليها والرغبة في معرفة مدى فاعلية تلك البرامج المنفذة واستفادة الحجاج منها، فقد تم اجراء دراسة تحليلية لآراء عينة من الحجاج حول مدى فاعلية برامج التوعية الإسلامية في الحج اتضح من خلال هذا الرصد أن غالبية الحجاج استفادوا من برامج التوعية المقدمة والتي حصرت في ستة عشر برنامجاً ونشاطاً هي:
- برامج التوعية من خلال وسيلة القدوم للحج.
- المحاضرات والنشرات والمطبوعات في المنافذ ومدن الحجاج.
- المحاضرات والدروس في الحرمين الشريفين.
- البرامج الثقافية والدينية من خلال الإذاعة السعودية.
- البرامج والندوات الدينية من خلال التلفزيون السعودي.
- التوعية من خلال الصحف والمجلات السعودية.
- التوعية بالكتب والنشرات التي يتم توزيعها.
- التوعية من خلال أشرطة التسجيل التي يتم توزيعها.
- المحاضرات التوعوية التي تقدم في المواقيت.
- التوعية التي تقدم من خلال مكبرات الصوت في المشاعر.
- الدروس والمحاضرات في مراكز التوعية في منى.
- مراكز التوعية في المشاعر وما يقدم فيها من دروس ومواعظ.
- الإجابة عن التساؤلات من قبل الدعاة العاملين في مراكز التوعية.
- المشايخ والدعاة الذين يحاضرون في المخيمات.
- التوعية من خلال أشرطة الفيديو.
- التوعية الإسلامية من خلال اللوحات الإرشادية.
إلا أن استفادة الحجاج تفاوتت بين هذه البرامج، فبعضها حقق استفادة كبرى، وبعضها استفادة متوسطة، وبعضها لم يستفد منها، وبهدف تقديم مقترحات ميدانية لرفع مستوى برامج التوعية، اقترحت على الحجاج تسعة برامج هي:
عرض أفلام عن الحج والمناسك في وسائل النقل.
- تكثيف وجود الدعاة والمشايخ في مدن الحجاج والمنافذ.
- توزيع المزيد من الكتب والمطويات الدعوية.
- تكثيف البرامج الدينية في الإذاعة والتلفزيون.
- زيادة اللوحات الإرشادية التوعوية في المشاعر.
- تكثيف عدد الدعاة في المشاعر.
- توضيح مواقع مراكز التوعية في المشاعر.
- توزيع أشرطة الكاسيت الدعوية.
- الإكثار من التوعية عبر مكبرات الصوت بالسيارات الجوالة.
وطلب منهم اختيار إحدى ثلاث إجابات للدلالة على مستوى أهميتها، وهذه الخيارات تتراوح ما بين مهم جداً ومهم إلى حد ما، وغير مهم.
ومن خلال تحليل إجابات العينة تأكد أن الحجاج أيدوا كل المقترحات بنسب عالية.
وقد لاقت قبولاً من المستجيبين، مما يشجع على وضعها في برامج عمل مقترحة، لفرع مستوى التوعية الإسلامية في الحج في الأعوام المقبلة.
وعلى الرغم من التأييد العالي لهذه المقترحات إلا أن هناك بعض التفاوت في مستوى هذا التأييد فقد تصدر مقترح «توضيح مواقع مراكز التوعية الإسلامية في المشاعر» كل المقترحات من حيث التأييد والقبول، وتلاه «زيادة اللوحات الإرشادية التوعوية في المشاعر». كما جاء آخر هذه المقترحات من حيث الترتيب مقترح «الإكثار من التوعية عبر مكبرات الصوت». وهنا ملاحظة يجدر إبرازها، وهي أن وقوع التوعية بمكبرات الصوت في آخر الترتيب، قد يرجع إلى ما تسببه هذه المكبرات أحياناً من إزعاج للحجاج، وخاصة في وقت النوم.
وفي ضوء ملاحظات الباحثين ومعايشتهم الميدانية، يمكن القول بأن هذه المكبرات قد تؤدي أيضاً إلى بعض التشويش على البرامج التوعوية الأخرى.
وخرجت تلك الدراسة في مجملها بعدد من النتائج منها:
- استفاد الحجاج من برامج التوعية الإسلامية استفادة متوسطة في كل البرامج ما عدا برنامج واحد هو «التوعية بالكتب والنشرات، حيث وصل مستوى هذا البرنامج إلى درجة عالية، كما يلاحظ عدم تعرض الحجاج لبرنامج التوعية بأشرطة الفيديو، حيث سجل أدنى درجة من بين كل البرامج. وأيد الحجاج (عينة البحث) مقترحات التوعية المقدمة تأييداً كاملاً، ويعد مقترح توضيح مواقع مراكز التوعية ومقترح التوعية باللوحات الإرشادية أكثرها قبولاً.. كما وجد أن الاستفادة من برامج التوعية الإسلامية في الحج، تختلف من جنسية إلى أخرى، وهذا يشير إلى الاختلاف بين الدول والجنسيات في مدى اهتمامهم بالتوعية الإسلامية في الحج، أو عدم توفر الوسائل المناسبة للتوعية في بلادهم، أو أماكن إقامتهم في مكة المكرمة والمشاعر، وإن كان حجاج الداخل أكثر استفادة من برامج التوعية الإسلامية من الحجاج الآخرين.
كما تفاوت التأييد لهذه المقترحات حسب المؤهل العلمي.
وعلى ضوء آراء الحجاج توصي الدراسة بضرورة الاستمرار في برنامج طباعة الكتب والنشرات التوعوية في مسائل الحج والعمرة، وفي المسائل الدينية الأخرى لما ثبت من استفادة الحجاج منها، كذلك التأكيد على ضرورة التوسع في ترجمة المطبوعات إلى اللغات المختلفة كالإنجليزية والفرنسية والأردية والفارسية والتركية والهندية والهوساوية والإندونيسية، وغيرها.
-ضرورة العمل على وضع لوحات وعلامات بارزة مضيئة، تدل الحجاج على مواقع مراكز التوعية في المشاعر وخاصة في منى، بالإضافة إلى التوسع في نشر اللوحات الإرشادية التوعوية، بمختلف اللغات في المشاعر الأخرى ومواقع أداء المناسك.
- التعرف على الجنسيات التي تقل استفادتها من التوعية الإسلامية في الحج، والسعي إلى زيادة البرامج التوعوية الموجهة إليها، إما من خلال ممثليات المملكة في الخارج، وإما في مواقع إقامتهم في مكة المكرمة والمشاعر، هذا بالإضافة إلى زيادة البرامج التوعوية الموجهة إلى الحجاج في الخارج بشكل عام.
- العمل على إشراك ممثلي بعثات الحج العربية وغير العربية في التعرف على احتياجاتهم من ناحية التوعية الإسلامية للحج، والعمل على تلبيتها قدر الإمكان.
- توسيع دائرة هذه الدراسات لتشمل فئات الحجاج كلها، وهذا يستدعي ترجمة استبانة البحث إلى عدة لغات، وتوزيعها على الحجاج في منافذ الخروج وقبل مغادرتهم الأراضي المقدسة.
- نظراً لأن أغلب الحجاج من الأميين، والمتعلمون منهم غير متخصصين في العلوم الشرعية، فإن هذا يقتضي زيادة الجرعة التوعوية في العلوم الدينية للحجاج، ليكون موسم الحج موسم تثقيف دعوي وتعليم ديني، بالإضافة إلى أداء نسك الحج.
- ضرورة التركيز في التوعية على الحجاج القادمين من خارج المملكة، لأنهم أكثر حاجة إليها من حجاج الداخل الذين يتعرضون لبرامج توعوية كافية.
- العمل على إعداد «فيلم فيديو» يشرح فيه كيفية أداء المناسك خطوة خطوة، ويوزع على ممثليات المملكة في الخارج، وعلى الخطوط الجوية التي تنقل الحجاج، وعلى السفن البحرية التي تنقلهم، وفي الحافلات وغيرها، ويمكن توزيع هذا الشريط بشكل واسع في مدن الحجاج والمنافذ، وفي مراكز التوعية الإسلامية في المشاعر، ويقترح أن يترجم هذا الشريط إلى اللغات المختلفة.
- ضرورة تكثيف عدد الدعاة والمشايخ في المنافذ الحدودية للمملكة، وفي مدن الحجاج، لكي يستفيد الحجاج منهم قبل البدء الفعلي في أداء المناسك.
- تكثيف البرامج الدينية في الإذاعة السعودية حول أداء المناسك، وزيادة عدد ساعات هذه البرامج قبل موسم الحج بشهر على الأقل، ليتسنى تثقيف وتعليم الحجاج أصول أداء المناسك في وقت مبكر، مع السعي إلى بث هذه البرامج بمختلف اللغات من خلال برامج خاصة أو إذاعة مستقلة.
- التوسع في تقديم البرامج الدينية الخاصة بأداء مناسك الحج من خلال التلفزيون والقنوات الفضائية، ويكون ذلك قبل موسم الحج بشهر على الأقل مع محاولة بث الفيلم المقترح.
- تكثيف أعداد الدعاة والمشايخ في المشاعر، لتقديم الفتيا وإجابة التساؤلات التي يطرحها الحجاج أثناء تأديتهم المناسك.
|