Friday 30th January,200411446العددالجمعة 8 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تهديد اليوم واحد الاتجاه والاختصاص!! وغداً؟؟ تهديد اليوم واحد الاتجاه والاختصاص!! وغداً؟؟
عادل علي جودة

شارون يهدد الأردن بقطع الماء والمال إذا ما واصل عداءه لجدار العنصرية الذي تقيمه إسرائيل في فلسطين، كان هذا مضمون ما حملته صحافة الثلاثاء 28/11/1424هـ، 20/1/2004م، وإن تعددت المانشتات العريضة، وعلى وزن ذلك القول يُقال: «تعددت المانشتات والمضمون واحد».
بينما كنت أتجول عبر عدد من صحف ذلك اليوم، محاولاً أن اقرأ بتأمل ما يحمله ذلك التهديد، كانت هنالك عبارة ممقوتة تتراقص أمام ناظري، تعاندني، وتحوم محلقة في أجواء مخيلتي، وتسطر داخلي بعضاً من أبيات قصيدة (قديمة حديثة) تخاطب الطفل الفلسطيني تحت عنوان «شموخ في زمن الانكسار» لأستاذي الكبير الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي، إذ يقول في هذه الأبيات ما يحكيه الواقع المرير الذي نعيشه اليوم:


لا ترفعوا رأساً فإن حسامنا
بإزالة الرأس العزيزة مغرمُ
لا ترفعوا كفاً فإن عيوننا
مبثوثة والقيد قيد أدهمُ
لا تنطقوا حرفاً ففي قانوننا
أن الثغور الناطقات تُكمَّمُ
وإذا ضربناكم فلا تتحركوا
وإذا سحقناكم فلا تتألموا
وإذا أجعناكم فلا تتذمروا
وإذا ظلمناكم فلا تتظلموا
نلقي الطعام لكم فان قلنا كلوا
فكلوا وإلا بالصيام استعصموا
عرب وأجمل ما لديكم أنكم
سلمتمونا أمركم وغفلتموا
ماذا دهاكم تطلبون حقوقكم
طلب الحقوق من الضعيف مُحرَّمُ
نحن الذين نقول، أما أنتمو
فالغافلون الصامتون النُّوَّمُ

تُرى ما تلك العبارة؟ وهل هي ممقوتة من قبل الجميع؟ لعل القارئ يحكم! إنها عبارة «إن لم تكن معي فأنت ضدي»، عبارة مباشرة وجلية لا تحتاج إلى توضيح أو تعليق، تماماً كما أنها غير قابلة للتحاور أو التشاور أو حتى مجرد التفكير، قيلت واستقبلها السامعون بالغفلة والصمت والطاعة.
عبارة اقتحمت كياني، واحتلت وجداني كما تحتل إسرائيل فلسطين، وحالت دون التمكن من تدبر ما حملته صحف الأمس، لدرجة لم أعد أعرف أهو تهديد باتجاه واحد فقط، أي للأردن الذي لم يتأخر ردّه برفض التهديد على لسان وزير الخارجية الأردني مروان المعشر؟ أم هو تهديد متعدد الاتجاهات والاختصاصات؟ فاليوم يختص بالجدار وهو موجه للأردن، وغداً ربما لمصر وكل الدول العربية والإسلامية، وبعده لدول عدم الانحياز، ثم للجمعية العامة، ومن يدري ربما يوجه للمحكمة في لاهاي، وهناك يستجاب للتهديد وننتهي من هذه الضجة التي لا طائل من ورائها، فالجدار يوشك على الانتهاء، والقرارات كما هو معتاد لن تجدي مع إسرائيل، وكل ما هنالك أنها أشغلت الناس عن سفك دماء الشعب الفلسطيني، وهدم منازله ليل نهار، وحصاره، وسرقة ما تبقى من أرضه.
على أية حال ذلك أحد الاختصاصات لتهديد اليوم، والسؤال القائم حالياً فيم ستختص تهديدات الغد التي عرفنا أولها ولن نعرف لها آخر؟ أتطالب تارة بالصمت على ترحيل الشعب الفلسطيني، وتارة بالصمت على قتله؟ وأخرى بالصمت على تهويد القدس؟ وأخرى؟ وأخرى؟ أو ربما تتغير الحال في مستقبل الأيام فلا يعد هناك من يعارض، أقصد من يحتاج إلى تهديد، فيبدأ زحف الصهيونية بأطماعها المعروفة للجميع.
الصورة معتمة وقاتمة.. نعم، ولكنها كذلك بعيداً عن فلسطين والفئة المرابطة المنصورة التي بعون الله وحده ستهدم الجدار، وتقف شوكة قاهرة في حلق الغاصب إلى أن تقتلعه من الأرض المباركة وهنالك يأتي دور الترجمة العملية للبيت الذي ختم به الشاعر قصيدته:
سكت الرصاص فيا حجارة حدثي
أن العقيدة قوة لا تهزمُ
امرأة فلسطينية تسير وإلى يسارها طرف جدار العزل العنصري حاملة على رأسها حملاً لا شك أنه ثقيل، ولكن وزنه لا يكاد يؤثر على جسدها مقارنة بحمل ذلك الجدار فهو ليس على الأرض كما يبدو في هذه الصورة، بل هو على كاهلها وكاهل الشعب الفلسطيني


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved