بعض دور المال والاعمال لها تاريخ طويل من عدم الثقة القائم بين أعضاء اداراتها والعاملين فيها، الحال الذي يجعل الاخذ بخطوات الاصلاح الاقتصادي الموقعي امرا صعب المنال. اذا كانت الدور الاقتصادية فعلا جادة صادقة في تطبيق مراحل الاصلاح فلها مواراة هذا التاريخ، ولها ان تغير مساراتها التقليدية المستندة إلى اضعاف جهود العاملين، وتفريغ العمل واجهاده حتى تتخلص من العمالة المراقبة لما يدور داخل المنشأة ويجري من فساد اداري.
هذا التغيب الحضاري لا يساير التحولات والاتجاهات الحديثة في التنمية، التي تنادي بزيادة اسهام العاملين ومشاركتهم في اتخاذ القرارات من انتاج وتسويق واخرى نرى ان اغلب الدور لا تبدأ التغيير - من سوء الطالع - او لاخذ بمبدأ المشاركة الا اذا ساءت فيها الاحوال التنافسية وانخفضت الربحية لادنى مستوياتها او عندما تصبح فرص النجاة من الافلاس المالي نادرة، ونظرا للتوقيت المتأخر للتغيير فقد يقاوم جزء من العمال بقصد او بدون قصد، حتى الذين سيستفيدون من التغيرات الانتاجية الجديدة يقاومونه ايضا بسبب سوء الادراك وعدم التأكد مما سيخبئ الغد لهم ومما سيصبح حالهم حينئذ.
من اولى مفارقات التغيير الاقتصادي الموقعي هي ان وعوده تنطلق بالمستقبل الذي لا يعلم خفاياه الا الحق. وبات امر المفاضلة بين البديل الاكيد والبديل المحتمل في صالح عدم التغيير، لذا فمن السهل اجراء التغيير في الدور حديثة التأسيس الاستثماري التي تتساوى فيها فرص المكسب والخسارة، وتضمحل محاولات المقاومة، اما المفارقة الثانية فرغم ان الدور الاقتصادية القديمة تحتاج للتغيير اكثر من غيرها، الا ان المشروع في التغيير غالبا ما يوصف بصعوبة تخطيطه وبطء تنفيذه، ووضحت بأنها اكثر مقاومة للتغيير من مثيلاتها حديثة الانتاج، والمفارقة الثالثة فلكي تحقق النتائج المستهدفة المرجوة فقد يضطر اعضاء الادارة الى تبديل كثير من الممارسات السائدة بأقصر وقت ممكن باتباع مجموعة من التطبيقات العملية والاقتداء بها، والتي يؤثر بعضها ببعض على طريقة الاواني المستطرقة، فلا يفترض ان تفوض المسئولية الى فرق عمل معينة قبل ان يتم تدريبها لما سوف تقوم بانجازه ولا يتوقع من الادارات المستقلة اداء واجبها الاساسي قبل اكتشاف الاخطاء ومن ثم تصحيحها، وباكتمال التحديثات التي منها تشكل منظومة مميزة تشعر بالمسئولية، وتعتمد على التزام العاملين والعناصر المختلفة، يرجح ان تتراجع حالات الرقابة السابقة التي غالبا ما توحي بان هناك عدم ثقة وشكا وخوفا بين اعضاء الادارات وبين العاملين، والتخلص من الظاهرات غير صحية المنتشرة بين اقسامها للمعالجات المطروحة والتي تستوجب الدقة لكل خطوة تخطوها الدور، ومعتبرة ان تطبيقاتها انما هي تجربة يجب التعلم منها وان لا تخطو خطوة تالية قبل ان تتأكد بأنها استفادت كل الفائدة من الخطوة السابقة لها.
|