جاء قرار إلزام المقدمين على الزواج بإجراء الفحص الطبي الذي اقره مجلس الوزراء مؤخراً تتويجاً لجهود حثيثة تمت في هذا الميدان، وذلك حماية للأطفال من الإصابة بالثلاسيميا وأمراض الدم الوراثية من جراء عدم فحص والديهم قبل الزواج.
وتؤكد الدراسات العملية أن تأخير أو تأجيل تطبيق القرار يوماً واحداً يعني ولادة 12 مصاباً و154 حاملاً لمرض فقر الدم المنجلي يومياً، وتأخيره لمدة سنة يترتب عليه ولادة 4248 مصاباً و54516 حاملاً للمرض سنوياً كما أن عواقب تأجيل إلزامية فحص ما قبل الزواج تعني ولادة 12744 طفلاً مصاباً و548 ،163 حاملاً للمرض.
وحذر أكثر من ستين طبيباً سعودياً من خطورة تفاقم أمراض الدم الوراثية وارتفاع نسبة الإصابة بها وأشاروا إلى أن المملكة من اعلى المناطق إصابة بهذه الأمراض على مستوى العالم حيث بلغت نسبة انتشار «الانيميا المنجلية» 30% وهي تعد من اخطر أمراض الدم الوراثية وتسببها طفرة جينية تؤدي إلى تحول خلايا الدم الحمراء إلى خلايا منجلية.
والاعداد المتوقعة للمصابين والحاملين للمرض مستقبلاً وبالتحديد بعد عشر سنوات تربو على مليوني مصاب وحامل للمرض وبعد 30 سنة يتوقع ظهور أكثر من خمسة ملايين مصاب وحامل للمرضو وبعد 40 سنة يرتفع العدد إلى ثمانية ملايين ويصل خلال الخمسين سنة القادمة إلى 12 مليوناً وهؤلاء جميعاً مهددون بالخطر في حال عدم تطبيق قرار الفحص الإلزامي قبل الزواج الذي اقره مجلس الوزراء مؤخراً. ويطالب العديد من المواطنين بتطبيق قرار الفحص قبل الزواج بشكل جدي وحازم لكون مرضى فقر الدم المنجلي والثلاسيميا الوراثيين ذوي نسبة انتشار عالية في المملكة حيث تتفاوت نسبة حاملي المرض في بعض المناطق بينما الأمراض الوراثية الاخرى والأمراض المعدية ذات نسب محددة ومعظمها اقل من 5% كما ان عدم الفحص الطبي قبل الزواج هو السبب الوحيد للإصابة بهذين المرضين الخطيرين.
ويشار إلى أن اعراض الانيميا المنجلية تظهر على شكل آلام حادة وبصورة متكررة في معظم اجزاء الجسم مثل الاطراف والمفاصل والبطن والظهر وهبوط مفاجئ لمستوى الهيموجلوبين بالجسم وهزال وفقر دم مزمن وتضخم الطحال وقد يتطلب استئصاله وربما يؤدي إلى انسداد الشعيرات الدموية وحدوث جلطات دماغية ومضاعفاتها مما يؤدي إلى فقد المريض حياته.
ومرضى الانيميا المنجلية يعتمدون في حياتهم على المسكنات والمهدئات التي تصنف تحت بند المواد المخدرة ولا يوجد علاج شاف لهم.
ضرورة الفحص
أكد عدد من علماء الدين على ضرورة إجراء الفحص الطبي قبل الزواج احتياطاً ضد الأمراض المعدية والوراثية وبناء عليه فقد اقر مجلس الوزراء الموقر بجدة يوم الاثنين الرابع من المحرم 1423هـ تنظيماً لفحوص ما قبل الزواج وخصص المجلس لهذا الغرض خمسة ملايين ريال تضاف إلى ميزانية وزارة الصحة سنوياً. ويستفاد من هذا المبلغ في تجهيز المختبرات وتأهيلها وتوفير الأجهزة والتدريب عليها في جميع المناطق لتسهيل عمليات إجراء الفحوص المخبرية عن الأمراض التي ترى وزارة الصحة ضرورة الفحص عنها بما في ذلك الأمراض المعدية والوراثية.
حملات توعية
يرى مديرو الشؤون الصحية في أكثر من عشر مناطق ومحافظات بالمملكة بضرورة التطبيق الجيد لقرار إلزام المقبلين على الزواج بالفحص عن أمراض الدم الوراثية قبل عقد القران. حيث يؤكد مدير ادارة الشؤون الصحية بمحافظة الطائف الدكتور خالد بن قاسم السميري أن الطائف من أولى المناطق أو المحافظات التي اهتمت بهذا الموضوع حيث نظمت حملة توعوية بدأت بلقاء علمي عقد في مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي في عام 1423هـ تناولت فيه أهمية إجراء الفحص الطبي قبل الزواج وحضره قاض من المحكمة الشرعية بالاضافة للاطباء المختصين.
وأشار إلى انه تم التنسيق بين الشؤون الصحية والمحكمة عن طريق كتابة عدل وذلك بغرض توثيق عقود الانكحة وعقدت اجتماعات مع كتاب الانكحة وطرح عليهم النموذج الذي يوجب عمل الفحص عن طريقهم اثناء كتابة العقد ووجوب ذلك والتزم به كافة كتاب الانكحة وقال لقد وصلنا إلى مرحلة جيدة في هذا الأمر حيث ترسخ اقتناع كبير لدى المواطنين وزاد الوعي الصحي لديهم بفضل ارتفاع ثقافتهم الصحية حول الأمراض الوراثية التي تحدث من عدم إجراء فحص قبل الزواج.
وأشار إلى تحقيق مبدأ العلاج والتوعية من الحملة التي تهدف إلى توضيح أهمية الفحص لدى المقبلين على الزواج وتعرفوا على النتائج اثناء إجراء الفحص التي تؤكد صلاحية الزواج من عدمه فإذا كان الشخص حاملاً للمرض أو الصفة والمرأة غير حاملة فالزواج ليس منه مشاكل بإذن الله اما اذا كان الاثنان حاملين للصفة فهذا هو الزواج الذي يظهر الأمراض الوراثية لدى الأطفال بعد الانجاب.
ولفت الدكتور السميري إلى أن الفحص الطبي وضرورة إجرائه يعد نظرة حضارية قبل ان يكون لغة ارقام والهدف واضح ومنشود وهو منع حدوث مثل هذه الأمراض الوراثية بإذن الله سبحانه.
وأشاد بدعم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز امير منطقة مكة المكرمة الذي تبرع بعدد من الأجهزة الخاصة بالفحوص المخبرية مؤكداً استعداد محافظة الطائف لتطبيق هذا الفحص وإلزاميته من حيث وفرة الأجهزة التي تساهم في التمشي مع القرار بعد صدوره.
هذا هو السبب
تؤكد مديرة مشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية بمنطقة مكة المكرمة الاستاذة عبير بنت عمر المنابري انطلاق حملات توعوية مكثفة للمشروع للتعريف بالأمراض الوراثية.
وتعزي المنابري السبب الرئيسي في انتشار أمراض الدم الوراثية إلى عدم قيام المقبلين على الزواج بإجراء الفحص الطبي قبل عقد القران مما يؤدي إلى زواج رجل حامل لصفة المرض من امرأة تحمل نفس الصفة دون علمهما وبذلك ينتج أطفال مصابون بهذه الأمراض. مؤكدة أن معظم الاطباء وما يمليه عليهم شرف المهنة هم من طالب بتعجيل استصدار قرار بإلزامية الفحص قبل الزواج.
وذكرت أن الحل الوحيد للحد من انتشار أمراض الدم الوراثية هو تطبيق عملية إلزام المأذون الشرعي بطلب استمارة الفحص من الطرفين المقبلين على الزواج قبل البدء في إجراءات عقد الزواج مع ترك حرية اتمامه من عدمه لهما بعد تقديم المشورة الوراثية لهما في حالة التأكد من إصابتهما أو إصابة احد الطرفين بأحد الأمراض من هذا النوع.
وأعربت الأستاذة عبير المنابري نيابة عن مرضى الثلاسيميا بالمملكة عن سعادتهم بمشاركتهم في المؤتمر العالمي التاسع للاطباء والمؤتمر العالمي الحادي عشر للمرضى الذي تم عقده بمدينة باليرمو بإيطاليا في اكتوبر 2003م وتكفل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بكافة مصروفات ومتطلبات السفر للمؤتمر والعودة وتسهيل المشاركة للمرضى ولأول مرة، وقالت لقد تمكن مرضى الثلاسيميا السعوديون من فهم مجريات المؤتمر والاستفادة منه كثيراً وقد قمت بتنظيم ورش عمل نفسية واجتماعية للمرضى واهاليهم الامر الذي منحهم الثقة ودفعهم للحديث والمشاركة والتفاعل طوال فترة المؤتمر بالاشتراك مع مرضى من دول العالم.
ونوهت بالدعم الذي يلقاه المشروع من صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة وقالت لقد حظي المشروع بدعم سخي من سموه الكريم من حيث توفير الأجهزة لاستخدامها للفحص المخبري عن هذه الأمراض الوراثية بالاضافة إلى انه سهل عمل اربع عيادات للفحص الطبي قبل الزواج في كل من مستشفى النساء والولادة بمكة المكرمة وبجدة ومستشفى الأطفال بمحافظة الطائف ومستشفى القنفذة العام بالقنفذة.
وأشارت إلى أن سموه الكريم قام بإلزام مأذوني الانكحة باشتراط تقديم استمارة الفحص عن أمراض الدم الوراثية كشرط من شروط إتمام عقد الزواج للمقبلين عليه قبل عقد القران مؤكدةً أن هذا الأمر تم تطبيقه منذ أكثر من ثلاثة اشهر في منطقة مكة المكرمة وان هناك فوائد تحققت لدى الكثير من المواطنين حيث تكوَّن لديهم وعي وادراك بخطورة هذه الأمراض وإلزامية الفحص الطبي قبل الزواج.
وفاة 3 في عام
وهنا تؤكد الاستاذة هدى عبدالرحمن المنصور مديرة المشروع بمحافظة الاحساء أن مرضى الثلاسيميا بالمركز عددهم 70 مريضاً وهم في متوسط اعمار مختلفة ونتيجة لمعاناتهم مع هذا المرض الخطير تتضرر اجهزة الجسم الحيوية المهمة لديهم مثل القلب والكلى والبنكرياس والغدد وتسببت مع الاسف في وفاة ثلاثة مصابين من المركز خلال عام تقريباً.
وتقول: لقد لاحظنا من خلال رحلة المرضى لحضور المؤتمر العالمي للثلاسيميا بإيطاليا أن مرضانا في حالة صحية ونفسية متأخرة جداً مقارنة بمرضى الثلاسيميا من الدول الاخرى وذلك نتيجة لأسباب عديدة اهمها زيادة نسبة الحديد بالدم لديهم لعدم استمرار معظم المرضى على استعمال مضخة الديسفرال المتوفرة لديهم بسبب ما قدمته لهم من معاناة كبيرة في استخدامه.
وعدم متابعة المرضى بصورة دورية من قبل استشاريين في بعض التخصصات وهم استشاري الغدد الصماء وإخصائي أمراض القلب واخصائي نفسي، مشيرة إلى أن إبر مضخات الديسفرال المتوفرة حالياً لدى المرضى غير مريحة لهم حيث انها كبيرة الحجم ومؤلمة جداً وتسبب حساسية وتقرحات في الجلد للمريض مؤكدة أن هناك ابراً أخرى حديثة يستعملها المرضى بدول العالم وقالت خلال رحلة مرضانا إلى إيطاليا جربها فعلاً بعض مرضانا هناك وطالبوا بأن يكون لديهم مثلها حتى يستطيعوا استعمالها بصفة مستمرة لتخليص اجسامهم العليلة من الحديد الزائد.
- وذكرت أن علاج الثلاسيميين يعتمد اساساً على نظام إزالة الحديد الزائد وانه كلما نجح القائمون بالمركز لتسهيل هذه الآلية واقناع المرضى باستخدام المضخات نجحت الخطة العلاجية ونجح المركز بتأدية مهمته.
وقالت أيضاً طالبت بتوفيرالإبر الخاصة بالمرضى لكون المرضى بأمس الحاجة لهذا العلاج الحديث ووجهت خطاباً لادارة الشؤون الصحية بمحافظة الاحساء الا انه لم يتم شيء حيال هذا الأمر مؤكدة أن مرضى الثلاسيميا في خطر وقد تزيد اعداد الوفيات منهم.
مطالبات أهالي المرضى
- أما أهالي المصابين بالثلاسيميا فوجهوا نداءهم لمعالي وزير الصحة بتوفير المراكز الخاصة بالمرضى بشرط ان تتضمن عيادات للقلب والغدد والعظام وان تتم لهم المتابعة بصفة دورية كما يتم في جميع دول العالم.
- ويؤكد اهالي المصابين ومن بينهم الدكتور يوسف الحويجي ومحمد الاصمخ وعبدالله بالحويرس وأم أنور وأم فيصل الناصر أن أبناءهم يضطرون لأخذ دم كل شهر مما يؤدي إلى ترسب الحديد وتراكمه مما يضطره لغرس مضخة تحت الجلد لطرد الحديد حتى لا يتسبب في فشل الأجهزة الحيوية مثل القلب والغدد وغيرها لذلك فإن جميع المصابين بحاجة إلى رعاية صحية متكاملة داخل مراكز خاصة بالثلاسيميا وهي مع الأسف غير متوفرة بالمملكة.
وذكروا أن بعض ابنائهم الثلاسيميين يموتون بأزمات قلبية في ظل عدم وجود متابعة للقلب حيث من المفترض المتابعة كل ثلاثة اشهر مرة واحدة حتى لا يتراكم الحديد بالقلب.
مشاركة فعَّالة
- اما المرضى المصابون بالثلاسيميا الذين حضروا وشاركوا بالمؤتمر العالمي بإيطاليا فقد ابدوا سعادتهم بهذه المشاركة معربين عن شكرهم لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز على تكفله بكافة مصاريف رحلتهم التي حققوا منها العديد من الفوائد وأدركوا انهم بالرغبة الصادقة والارادة القوية والمواظبة على العلاج بطريقة صحيحة وبالدعم المعنوي والاجتماعي سينعمون - إن شاء الله - بمستقبل افضل، كما قرروا جميعاً تعليم اللغة الانجليزية حتى يتسنى لهم التواصل والتحاور مع المرضى والأطباء من دول العالم.
حيث يقول علي الجزيري أنا مريض بالثلاسيميا وذهبت مع مرضى من المملكة لمؤتمر عالمي بإيطاليا لمرضى الثلاسيميا وكان عددنا كبيراً حيث ذهب معنا مسؤولون من المشروع الخاص بمكافحة أمراض الدم الوراثية لرعايتنا أثناء الرحلة وأشكرهم كثيراً على كل ما قدموه لنا لكي نستفيد من هذه الرحلة - والحمد لله - فقد وجدت مرضى الثلاسيميا هناك كباراً في السن ولا يوجد بينهم أطفال وعندما سألتهم عن السبب قالوا إنهم في بلادهم وضعوا قراراً بإلزام الفحص قبل الزواج وبذلك لم يصب احد من الأطفال كما هو موجود لدينا في المملكة الامر الذي يبرز اهمية الفحص الطبي قبل الزواج.
ويقول المصاب «ماجد الدقنان» 22 سنة من مكة المكرمة:
لقد شاركت في المؤتمر العالمي للثلاسيميا الذي عقد بإيطاليا وقد حضرت المؤتمر مع زملائي المرضى في المملكة وتعرفنا على المرضى من دول اخرى وفوجئنا بأنهم لا يعانون من المشاكل التي نعاني منها نحن في المملكة وذلك بسبب انهم يتلقون العلاج في مراكز متخصصة للثلاسيميا وتوفر الأجهزة الحديثة الصغيرة لازالة الحديد في اجسامنا بالاضافة إلى استخدامهم إبراً صغيرة جداً لا تسبب ألماً أو حساسية أو ندبات بالجسم كما علمنا انه يوجد لديهم جمعية ترعى مصالحهم وتقدم لهم الدعم النفسي والاجتماعي وتساعدهم على حل مشاكلهم والتغلب عليها. وقد كان المرضى والاطباء المشاركون في المؤتمر في الدول الاخرى مستغربين من عدم وجود مراكز للثلاسيميا لدينا وعدم وجود برنامج علاجي موحد للمرضى وكمية المشاكل الصحية التي نعاني منها والتي كان من المفترض عدم وجودها بالمملكة.
لذا انا اناشد وزير الصحة ان يُنشأ لنا مراكز متخصصة للعلاج يتوفر بها كل الأجهزة والأدوية الحديثة والاطباء المتخصصين والممرضات والإخصائيين الاجتماعيين المناسبين. ولا انسى ان اشكر جميع اعضاء مشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية الذين رتبوا لذهابنا للمؤتمر.
ويقول المصاب مصطفى سامي المنوم في مستشفى الملك فهد بالاحساء حالياً لإجراء عملية لاستئصال الطحال انا ثلاسيمي وعمري 17 سنة، اعاني من مرض الثلاسيميا وهو مرض وراثي ينتج من زواج طرفين حاملين للجين الممثل لصفة المرض دون ان تبدو عليهم الاعراض، ولكن عندما يرث الطفل الجينات الوراثية لهذا المرض كلا الوالدين تظهر عليه الإصابة والإصابة، التي اعاني منها ويعاني منها جميع الثلاسميين هي ان عظامنا لا تستطيع ان تصنع الدم لذلك نحن نحتاج إلى اكياس دم شهرية وبصفة مستمرة طوال الحياة وحياتنا تعتمد على دماء المتبرعين وكذلك فإن اخذنا للدم بصورة مستمرة يسبب ترسب الحديد على اجهزة اجسادنا مما قد يؤدي إلى فشلها لذلك فنحن نضطر لغرس ابرة موصلة بمضخة في اجسادنا لتضخ مادة الديسفرال الطاردة للحديد، ويجب ان تغرس هذه الإبرة تحت الجلد لمدة 12 ساعة يومياً. هذه الإبرة تتعبنا كثيراً فهي مؤلمة وتترك آثاراً في اجسادنا كما ان المضخة التي نستخدمها هي من الحديد وثقيلة نوعاً ما ولا تعمل الا بالبطاريات وهي دائمة الاعطال.
هذه الإبرة والمضخة هي اهم شيء في حياة الثلاسيمي. عندما حضرت المؤتمر العالمي في إيطاليا احسست انني لست وحدي بل ان هناك اتحاداً عالمياً ثلاسيمياً يفكر بمعاناتنا، كما وجدت اغلب الثلاسيميين يستخدمون المطور من العلاج مثل ابرة أكثر سهولة وأقل ألماًً كما وجدت ان هناك مراهم تخفيف الألم توضع على الجلد قبل غرس الإبرة وايضاً مما ادخل في نفسي الأمل ان هناك أجهزة متطورة لمضخات الديسفرال فهم يستخدمون نوعاً بلاستيكياً خفيفاً بدون بطاريات حيث ان البطاريات تصدر اصواتاً قد تسبب لي الحرج في المدرسة احيانا وبين الناس قد كانت هذه الزيارة بالنسبة لي هي مثل بصيص الامل الذي دخل حياتي فبعد ان كنت محبطا رجعت بنفسية افضل وعلمت اننا نحن الثلاسيمين لنا مطالب يجب ان نطالب بها وأول شيء اطلبه من المسئولين هو ان يأتوا بكل جديد من الأجهزة والعلاج المتطور والابر غير المؤلمة فهذه الإبر والمضخات بالنسبة للثلاسيمين هي مصيرية؛ فالكثير من مرض الثلاسيميا بالسعودية لا يضعون هذه الإبر لانها مؤلمة ومن ثم تتلف الأجهزة لديهم مثل القلب والكلى وغيرها ويتوفون وهم صغار، فقد فقدنا من المركز لدينا ثلاثة شباب ثلاسيمين في أقل من سنة بسبب عدم الوعي وعدم توفر اخصائي نفسي بالمركز لمتابعتهم وعدم توفر بعض العيادات مثل عيادة القلب. وبعد زيارتي لإيطاليا وجدت انهم أفضل منا في هذا المجال لعدة أسباب منها انه تم إلزام الفحص قبل الزواج عندهم وهذا الكلام ليس في إيطاليا فقط بل حتى في فلسطين المحتلة وكيف انهم طبقوه رغم المعاناة والاوجاع والحروب التي يمرون بها ونحن والحمد لله لدينا الاستقرار والامان.
انا اطالب باسمي وباسم كل مريض بانشاء جمعية مثلنا مثل غيرنا من اغلب الدول انشائها وايضا نطالب بأن يأتوا بكل المستجد من العلاج.
اما فيصل من الخُبر فيقول اعاني من مرض الثلاسيميا ولي اخت مصابة ايضاً بهذا المرض ومن خلال الرحلة إلى إيطاليا لحضور المؤتمر العالمي للثلاسيميا اكتشفت ان المرضى يستعملون جهاز ديسفرال حديثاً ولا يتوفر بالمملكة.
وكذلك عندما قابلت المرضى الثلاسيميين من الدول الاخرى وتناقشت معهم عن احوالهم هناك علمت ان عندهم مراكز خاصة بهم ترعاهم طوال حياتهم ويراجعون فيها باستمرار بينما نحن في الخبر والدمام والقطيف ليس لدينا مركز مستقل خاص للثلاسيميا ولكننا نراجع المستشفيات وهذا غير مريح لنا. فأتمنى من المسؤولين ان يكون لنا مركز خاص لرعايتنا لاننا لسنا كالمرضى الآخرين واحياناً نحتاج بجانب الرعاية الطبية إلى مشورة نفسية واجتماعية.
ارجو تحقيق مطالبنا وانا واثق بأن حكومتنا لن تقصر معنا.
وتقول المصابة حصة في هذا المؤتمر استفدنا كثيراً من المعلومات عن اجهزة الديسفرال الحديثة وليس عندنا مثلها ونتمنى ان نتوفر لنا، والاهم هو الحصول على كبسولات الديسفرال بدلاً من الإبر التي تسبب لنا الحساسية والالم، ولا أدري لماذا لا تتوفر هذه الكبسولات في المملكة مع ان مرضى الثلاسيميا الذين قابلناهم في المؤتمر من بعض الدول العربية مثل الاردن وفلسطين ولبنان ودول اخرى اجنبية يستعملون هذه الكبسولات.
أتمنى أن تتوفر هذه الأدوية والأجهزة الحديثة وأطالب المسؤولين بتوفير ذلك لإنقاذ هؤلاء المرضى.
وصية قبل الوفاة
ويقول احد المصابين احمد المطر 18 سنة بعد عودته من المشاركة في مؤتمر إيطاليا ولم يمض بعدها وقتاً حيث توفي بسبب تراكم الحديد في القلب وعدم المتابعة له.. حيث قال في كلمة سجلها قبل 15 يوماً من وفاته: انا عمري 18 سنة ومريض بالثلاسيميا واعيش على نقل دم شهرياً واعاني كثيراً من مضاعفات في القلب بسبب صعوبة وضع اجهزة العلاج غير المتطورة لدينا وعندما دعوت للذهاب مع بقية اصدقائي الثلاسيميين بالمملكة لحضور مؤتمر عالمي بإيطاليا لمرضى الثلاسيميا وافقت على الفور وكنت سعيداً للغاية لكي اتعرف على باقي الثلاسميين وطرق تعايشهم وهذا المرض للاستفادة من تجاربهم حيث إننا في السعودية كمرضى ثلاسيميين ليست هناك جمعية ترعانا وتطلع على مشاكلنا كما وانه وللاسف علمت انه ليست هناك مراكز خاصة بالثلاسيميا بالمملكة سوى بالمدينة والاحساء. اما باقي الثلاسيميين فهم يراجعون في اقسام المستشفيات وبعضهم يأخذون الدم في الاسعاف مع ان سبب نجاح علاج مرضى الثلاسيميين هو بالدعم المعنوي لهم والاجتماعات بهم في مراكزهم الخاصة لمتابعتهم.
ولقد كانت فعلاً رحلة موفقة لأنني رأيت المرضى بالثلاسيميا من كل العالم من فلسطين ولبنان والاردن وغيره ووجدتهم في اوضاع صحية احسن بكثير منا صحياً ونفسياً رغم انهم اكبر منا في العمر وقد كان السبب هو استمرارهم على الحديث من العلاج ووصول التقنيات الحديثة لهم بسهولة عبر مراكزهم كما أن لهم التدريب في المراكز على كيفية التعايش مع الثلاسيميا وتكون المراكز هذه هي مصدر الرعاية والامل والداعمة المعنوية لهم ووجدت عندهم اجهزة ديسفرال متطورة وليست متوفرة بالمملكة واستعمالها اسهل وافضل لانها خفيفة الوزن وصغيرة وليست لها بطارية لنا فهي لا تصدر اي صوت لأن هذا الصوت يسبب لنا الازعاج والاحراج.
ايضاً اتمنى ان نحصل على الإبر الحديثة والاقل ايلاماً التي يستخدمها المرضى خارجاً حيث إننا مضطرون لوضع مضخات مغروسة بأجسادنا عن طريق هذه الإبر ولمدة 12 ساعة لمنع ترسب الحديد على القلب أو الكبد ولكن الإبر التي نستخدمها حالياًَ مؤلمة جداً وتسبب ندبات على الجلد وحساسية مما يجعلنا لا نتحمل ألمها ولا نستطيع وضعها باستمرار فتتعرض للمضاعفات المرضية الصعبة والقاسية التي لا تكاد اجسادنا الصغيرة تتحملها وانا مثلاً اعاني الآن من مشاكل خطيرة فالقلب بسبب ترسب الحديد وقد فقدنا ثلاثة من الاصدقاء الثلاسيميين من مرضى المركز رحمهم الله خلال سنة بسبب بهذه المشكلة.
ولي كلمة اخيرة.. انني اطلب من المسئولين بوزارة الصحة ان يشتروا لنا هذه الأجهزة والابر كما ارجو توفير الحبوب لاستعمالها مع اجهزة الديسفرال لحمايتنا من الحديد.
وقد لاحظت اثناء تواجدي في المؤتمر العالمي انه لا يوجد مرضى في الدول الاخرى في مثل سني أو اصغر وذلك بسبب إلزام الفحص قبل الزواج في بلادهم.. لذا اتمنى ان يصبح الفحص قبل الزواج إلزامياً على الجميع في المملكة حتى لا يولد طفل مصاباً ويعاني مثل معاناتنا.
وختم احمد وصية وانطباعه عن هذا المؤتمر قبل وفاته رحمه الله وشكراً لمشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية بالمملكة الذي وفر مثل هذه الفرصة لاكثر من 50 ثلاسيمياً قد كنا في امس الحاجة لمثل هذا اللقاء حيث اجتمعنا بالبروفسور بانوس رئيس الاتحاد العالمي الثلاسيمي ووالد مصاب الذي شجعنا لمواجهة المرض بإصرار ورفع من معنوياتنا، وقد كان هذا اللقاء بالنسبة لنا بصيص الامل أو كضوء شمعة اضاء في آخر نفق ورجعنا جميعا يملؤنا الامل والعزيمة وقد صممنا على اخذ دورات على الكمبيوتر واللغة الانجليزية حتى نستطيع ان نتصل بالاتحاد الثلاسيمي عن طريق الانترنت للاستفادة والإفادة.
|