الحمد لله القائل في محكم التنزيل (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق)، والصلاة والسلام على نبيه الأمين محمد صلى الله عليه وسلم.
لقد سعدت بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية ومنذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود وحتى يومنا هذا، سعت بكل ما تستطيع نحو توفير كافة الإمكانيات المتاحة وكافة الوسائل لراحة حجاج بيت الله الحرام، وبفضل من الله سبحانه وتعالى حققت المملكة نجاحاً كبيراً في هذا المجال.. وفي كل عام تجند حكومة المملكة كل طاقاتها المتمثلة في وزاراتها ومؤسساتها لخدمة ضيوف الرحمن منذ وصولهم إلى أراضيها وحتى مغادرتهم لها سالمين غانمين بإذن الله جلت قدرته.
وبما أن وزارة الصحة تعتبر أحد أهم الوزارات المهمة في خدمة الحجيج نظراً لتوفير الخدمات الصحية والعلاجية لضيوف الرحمن فهي تكرس جهودها وطاقاتها.. بل وتتفانى من أجل تقديم خدمة صحية متميزة للحجاج.. بفضل الله.
وبتوفيق المولى عز وجل أولاً.. ثم بالدعم الكبير الذي وفرته حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وبجهود الرجال المخلصين من أبناء هذه الوزارة والعاملين فيها.
ووزارة الصحة قد وصلت بخدماتها في الأعوام الماضية إلى مستوى رائع بفضل الله تعالى، وفي هذا العام تسعى وبكل جهد إلى تقديم خدمات ذات جودة أعلى وأفضل.. حيث بدأت استعداداتها من وقت مبكر جداً وها هي الآن وقد أتمت استعداداتها بتوجيهات ومتابعة مستمرة من معالي وزير الصحة الدكتور/ حمد بن عبدالله المانع الذي ما فتئ منذ توليه الوزارة يتابع باهتمام كبير هذه الاستعدادات للوزارة ومرافقها وخصوصاً في منطقة مكة المكرمة ومنطقة المدينة المنورة، ونظراً لكون منطقة مكة المكرمة تحظى بأهمية خاصة في قلوب المسلمين وتشرفها باحتضان الحرم المكي الشريف وكونها قبلة المسلمين ومقصد حجاج بيت الله الحرام فقد حظيت باهتمام كبير من قبل الدولة أعزها الله ومن هذا المنطلق بدأت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة بتطوير المشاريع الموجودة بالإضافة إلى إنشاء مشاريع جديدة بهدف توفير خدمات متميزة لضيوف الرحمن منذ وصولهم إلى مطار الملك عبدالعزيز الدولي أو ميناء جدة الإسلامي حيث تستقبلهم مراكز صحية بتجهيزات طبية عالية الجودة وكوادر طبية مدربة تدريباً عالياً تقدم خدماتها الوقائية والعلاجية بنفس الكفاءة والجودة، وفي العاصمة المقدسة تتوفر الخدمة من خلال سبعة مستشفيات عامة وتخصصية ذات تجهيزات عالمية وعدد كبير من مراكز الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في جميع أحياء العاصمة المقدسة بالإضافة إلى خمسة مراكز صحية داخل الحرم المكي الشريف، أما المشاعر المقدسة ، منى ومزدلفة وعرفات ففيها سبعة مستشفيات يتم تجهيزها وتشغيلها في أيام محدودة في العام.. وللقارئ الكريم أن يتخيل الإمكانات التي يتطلبها تشغيل هذه المستشفيات من أجهزة وكوادر بشرية طبية وغير طبية لكي تعمل فقط لمدة خمسة عشر يوماً في العام، ولا أبالغ إذا قلت أن مستشفى كمستشفى عرفات العام أو جبل الرحمة أو مستشفى نمرة يتم تجهيزها لتعمل في أوقات محددة، كما أن توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة نائب رئيس اللجنة المركزية للحج الذي يتابع ويهتم بكل صغيرة وكبيرة حرصاً من سموه على توفير كافة سبل الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن لها كبير الأثر فيما يتحقق من إنجازات في كافة المجالات.
والإنجازات التي تحققت على مستوى الخدمات الصحية بمنطقة مكة المكرمة لحجاج بيت الله الحرام كثيرة وكبيرة ولا يتسع المجال لذكرها ولكنني سأحاول أن أوجز بعضها لكي يتسنى للقارئ الكريم من المواطنين والمقيمين وحجاج بيت الله الحرام ، الاطلاع عن كثب على ما تحقق خلال فترة وجيزة ومنه على سبيل المثال، لا الحصر .. في مجال الخدمات الوقائية فقد تحقق ما يلي:
1 - الاستباق المعرفي لأنماط المراقبة وأنواعها في الدول التي يقدم منها الحجاج والمعتمرون.
2 - وضع اشتراطات صحية للقادمين والعمل على تنفيذها.
3 - تعزيز المنافذ بكورنتينات ونقاط صحية تعمل بها قوى عاملة مدربة ومزودة باللقاحات الصحية والأدوية الوقائية اللازمة.
أما في مجال خدمات النقل الإسعافي والطب الميداني فقد تم ما يلي:
1 - تحديث أسطول سيارات الإسعافات عالية ومتوسطة التجهيز وذوات الدفع الرباعي حتى أصبح عددها يتجاوز الثلاثمائة سيارة إسعاف.
2 - تصميم سيارات إسعاف صغيرة مجهزة بأحدث التجهيزات اللازمة للإسعاف والعلاج الميداني للحالات الحرجة وغيرها وعلى كل منها طبيب مدرب وممرض مسعف، وقد تم توفير 65 سيارة من هذا النوع تعمل راجلة في حركة دوران مناطقي للتعامل مع الحالات التي تستدعي إسعاف وقد تم في هذا العام القيام بإسعاف نحو 2300 حالة بزيادة قدرها 100% عن العام المنصرم.
3 - وضع البرامج والخطط الإسعافية اللازمة للتعامل مع حالات الطوارئ العامة وتلك الخاصة بظروف الحج في تنسيق تكاملي مع كافة الجهات المشاركة في تلك الخطط إضافة إلى وضع خطط الطوارئ الداخلية بكل مرفق صحي وتدريب العاملين عليها نظرياً وعملياً من خلال سلسلة من البرامج التدريبية والتجريبية.
4 - البدء في تنفيذ برنامج رائد لاستقطاب كفاءات محلية وعالمية متخصصة في مجال طب الطوارئ لدعم جودة العمل الفني في هذا المجال كجزء من برنامج الأطباء الزائرين.
كما تم تحديث وتطوير الخدمات المقدمة في المراكز الصحية بالمشاعر المقدسة بمكة المكرمة من خلال:
1 - إعادة تخطيط وبناء المراكز الصحية بالمشاعر المقدسة بما يحقق الانسيابية الأفضل والملاءمة التصميمية لوظائف المركز وقد جرى إعادة بناء 16 مركزاً صحياً بمنى وثلاثة مراكز بمزدلفة وتسعة مراكز بعرفات مع تجهيزها بالمعدات اللازمة.
2- تطوير الخدمات الإسعافية بهذه المراكز سعة وتجهيزاً.
3 - تفعيل سرعة النقل من هذه المراكز إلى المستشفيات بالنسبة للحالات التي تستدعي ذلك.
4 - تدريب عملي وعلمي للعاملين بهذه المراكز على التعامل مع الأمراض الشائعة والطارئة للحج.
5 - أعداد أدلة عمل وتدريب لمختلف مناحي وإجراءات العمل والمعالجة بهذه المراكز.
6 - إيجاد لجنة متخصصة للإشراف على جودة الأداء بالمراكز الصحية في هذا المجال من الجامعات السعودية والوزارة.
بالإضافة إلى تطوير خدمات الطوارئ بالمستشفيات من خلال تحديث تجهيزاتها وتطوير مبانيها وانتقاء القوى العاملة بها وإعداد أدلة عمل لمختلف أنواع الحالات.
وقد قامت الوزارة بتطوير خدمات العناية الحرجة من خلال:
1 - إعادة بناء وتجهيز أقسام العمليات بعدد من المرافق الصحية بمكة المكرمة والمشاعر.
2 - إعادة بناء وتجهيز جميع أقسام العناية المركزة بالعاصمة المقدسة والمشاعر.
3 - انتقاء القوى العاملة بهذه الأقسام من مختلف أنحاء المملكة وانتدابهم لأداء الخدمة لحجاج بيت الله الحرام.
4 - استحداث برنامج لاستقطاب قوى عاملة زائرة متخصصة في مجال تطبيب وتمريض حالات العناية المركزة من الدول العربية والإسلامية ودول الخليج والمملكة بالنسبة للأطباء ومن ماليزيا بالنسبة للتمريض المتخصص.
5 - إعداد أدلة العمل اللازمة لذلك.
6 - وضع وتنفيذ يالبرامج التدريبيةللقوى العاملة بهذه الأقسام.
وتواصلت الإنجازات من خلال رفع كفاءة العمل التخطيطي والتنفيذي لأعمال الحج وإعداد دليل لإجراءات العمل للجان الحج التحضيرية ولجنة الحج التنفيذية والتي تشمل مجالات العمل بقطاعاتها المختلفة الفنية والإدارية والخدمية والإشرافية والتوعوية.
وكذلك تفعيل دور التوعية والإعلام الصحي في الحج وإحداث أقسام للتوعية الدينية للمرضى تركز على جوانب عبادة المريض وطهارته والجوانب الروحانية والسلوكية السليمة للمرضى والعاملين.
ووضع معايير لجودة الأداء وتقييم ذلك من خلال لجنة مختصة في مجال الجودة والنوعية.
وتم إسناد أعمال المتابعة والتقييم والتقويم المستمر إلى فرقة متخصصة تتابع العمل وتقيمه وتقوّم الأداء باستمرار وأخيراً وليس بآخر يأتي دور القيادة الواعية والداعمة والمتابعة من ولاة الأمر حفظهم الله ومن خلال معالي وزير الصحة الذي عمل على تحقيق تطلعات القيادة العليا في نمط دؤوب من خلال أهداف محددة ووسائل متقدمة وتطوير دائم وشعور مستمر بالتقصير والحاجة إلى المزيد من العطاء ومن المؤكد أن هذه النجاحات وهذا التفوق والإنجازات التي حققتها وزارة الصحة لم تأت من فراغ.. بل إنها تحققت بعد عناء ومعاناة وسهر ليالٍ وما صاحب ذلك من تخطيط مدروس بطرق علمية سليمة من خلال مجموعة من القيادات والمستشارين وفي مقدمتهم معالي وزير الصحة الدكتور/ حمد بن عبدالله المانع والذين بذلوا جهوداً مضنية في مختلف مجالات أعمال الوزارة وبعد هذا الجهد وهذا العناء استطاعت الوزارة تحقيق معظم أهدافها وبالتالي تمكنت من تقديم خدمات كبيرة ومتميزة لحجاج بيت الله الحرام عبر منظومة من المستشفيات والمراكز الصحية المنتشرة في مختلف المواقع والأماكن التي يزورها الحجاج أو حتى طرق المرور.. فنحمد الله تعالى على ما تحقق من نجاحات وقفزات رائعة نتمنى أن تكون بنية قوية لخدمات صحية متميزة.
* مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة |