Tuesday 27th January,200411443العددالثلاثاء 5 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

آل الشيخ في حديث عن الحج لـ « الجزيرة »: آل الشيخ في حديث عن الحج لـ « الجزيرة »:
ترديد شعارات سياسية أو مذهبية في الحج جناية على الشريعة

* الرياض رشيد الغريب:
دعا معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد رئيس اللجنة العليا لأعمال الوزارة في الحج الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ حجاج بيت الله الحرام هذا العام إلى الاستفادة من نعمة الله سبحانه وتعالى ، التي انعم بها عليهم بأداء هذه الفريضة الغالية التي هي أحد الأركان الخمسة التي يقوم عليها الدين الحنيف، في جو من التراحم، والتواد، والرفق، وحسن الخلق، ونبذ أية دعاوى للفرقة أو الخلاف تتنافى مع حكمة الحج، وكونه مجتمعا إيمانيا يجمع المسلمين من كل صوب وحدب.
وأشاد معالي وزير الشؤون الاسلامية في حديثه لصحيفة الجزيرة بمناسبة حج هذا العام 1424ه، بالجهود المشكورة التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله لتذليل الصعاب امام حجاج بيت الله الحرام في جميع مناطق المشاعر المقدسة، مؤكدا على عظم مسؤولية الأئمة والدعاة في استغلال هذا الاجتماع الإيماني الكبير الذي يتجاوز ثلاثة ملايين حاج من مختلف أرجاء الأرض في التعريف بسماحة الإسلام، والوصول بالدعوة الإسلامية الى آفاق رحبة عبر هذا العدد الضخم من الحجاج القادمين من الدول الإسلامية وغير الإسلامية، وفيما يلي وقائع الحوار:
منظومة متكاملة
* بداية نسأل معاليكم عن جهود وزارة الشؤون الاسلامية في خدمة حجاج بيت الله الحرام لهذا العام في إطار ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله لتوفير أقصى درجات الراحة والأمان للحجيج أثناء أداء المناسك؟
نحمد الله الذي شرفنا بخدمة حجاج بيته الحرام، وهم يؤدون هذه الفريضة العزيزة على نفس كل مسلم، ثم نتوجه بالشكر لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله على ما توليه من اهتمام وعناية بضيوف الرحمن، وما تبذله من جهد ومال في سبيل خدمتهم، ومن هذا ما تقوم به وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد من خلال اللجنة العليا للحج التي تشرف وتتابع جميع الاعمال التي تتعلق بمشاركة الوزارة كغيرها من القطاعات الحكومية الأخرى، سعياً لتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن؛ ليؤدوا مناسك حجهم في يسر وأمان وطمأننية، وتتنوع جهود الوزارة هذا العام ما بين الخدمات الدعوية والإرشادية منذ وصول الحاج الى أرض المملكة الى مغادرته لها، عبر عددمن اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة العليا، بل إن جهود الوزارة تبدأ قبل وصول الحاج للمملكة، من خلال إعطاء الحاج ما يجب ان يعطى من توعية بآداب الحاج، وكيفية أداء المناسك والمحظورات التي يجب اجتنابها، ويستمر العمل التوعوي بعد وصول الحجاج إلى المواقيت، التي تتولى الوزارة مهمة تهيئة مساجدها، وتوفير جميع احتياجاتها اللازمة لخدمة ضيوف الرحمن، وفي سبيل القيام بالعمل التوعوي والدعوي على أحسن الوجوه، تقيم الوزارة سنويا عددا كبيرا من مراكز التوعية في جميع المناطق التي يوجد فيها الحجاج، ويعمل بها مئات الدعاة تحت اسم لجان إرشاد السائل على مدار اليوم، مع الاستعانة بالمترجمين التابعين للوزارة، وتوزيع مئات الآلاف من الكتب الارشادية، والوسائل الدعوية من خلال حقيبة الحاج التي تقدمها الوزارة هدية لضيوف الرحمن.
خبرات تراكمية
* صاحب المعالي، من المعروف أن عددا كبيرا من الجهات والوزارات والهيئات تشارك في خدمة حجاج بيت الله الحرام كل عام، فهل ثمة آلية لتنسيق جهود هذه الجهات؟
بفضل من المولى عز وجل وتوفيقه، ثم برعاية ولاة الأمر حفظهم الله تتضافر جهود جميع الجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن طوال أداء المناسك، وهذه الجهود ليست آنية أو ارتجالية، بل إنها تتم وفق خطط موضوعة سلفاً، توزع المهمات والمسؤوليات، وهذه الخطط تتسم بالخبرات التراكمية، وتستفيد من الدروس السابقة، فالخدمات التي تقدمها الجهات المعنية بالحج يتم تجهيزها، والإعداد لها على مدار عام كامل، ويتم إجراء دراسات للوقوف على مستوى أداء كل جهة من هذه الجهات من حيث الاجادة أو التقصير، وبحث سبل تجاوز القصور في الأعوام القادمة.. وبحمد الله أصبحت جميع الجهات والهيئات تمتلك خبرات تراكمية هائلة تساعدها على القيام بعملها كما ينبغي.. مع الوضع في الاعتبار تزايد أعداد الحجاج عاما بعد عام، واختلاف الثقافات واللغات.. والعادات والتقاليد.
من أخلاق الحاج
* معالي الشيخ، بالحديث عن العمل التوعوي والدعوي للوزارة خلال موسم الحج، هل ترون ان الخطاب الدعوي والتوعوي للدعاة هذا العام يجب ان يختلف عما كان عليه في الأعوام السابقة؟
الحج منسك يزدحم فيه الناس، ويحتاجون إلى حسن التعامل والتراحم في أدائه، والحاج يحتاج الى التحلي بالرفق وحسن الخلق، وهذان الخلقان مأمور أن يتخلق بهما المسلم في كل أحايينه، وورد في الكتاب والسنة من الترغيب فيهما ما يجعل المسلم عظيم الحرص على التحلي بهما، ولاشك ان الظروف التي تمر بها الأمة الإسلامية في الآونة الاخيرة تجعل الدعوة الى التراحم والتواد والرفق، ونبذ الغلو والتطرف أمراً في غاية الأهمية، وتؤكد وجوب التحلي بها من الحجاج عموماً، ومن الدعاة خصوصا، هذا إلى جانب التوعية والتعريف بآداب الحج، والأسلوب الصحيح لأداء المناسك، وهو ما توليه الوزارة اهتماما كبيرا من خلال مراكز التوعية المنتشرة في المطارات والموانىء والمنافذ البرية، أو مناطق المشاعر المقدسة.. التي تجيب عن أية أسئلة فقهية أو مسائل يحتاج اليها الحاج، على ان يكون القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما المنطلق الرئيس للخطاب الدعوي الموجه لضيوف الرحمن، مع مراعاة ضرورة تيسير هذا الخطاب، ليتسنى فهمه لكل أبناء الجاليات والأقليات الإسلامية غير العربية، آخذين في الاعتبار مراعاة التيسير على الحجاج في التوجيه والإرشاد من منطلق أن يبني هذا الدين على اليسر، وهذه الفريضة بخصوصها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لمن سأله يوم العيد «أفعل ولا حرج».
التيسير في الحج
* معالي الوزير، المشقة التي يشعر بها الحاج في أداء المناسك، تدفعنا للتساؤل حول الاختلافات الفقهية والمذهبية، وأثرها في فتاوى الحج، ومسؤولية العلماء والدعاة إزاء ذلك؟
الحج ميدان عظيم تظهر فيه الأحكام الشرعية الأصولية والفقهية، وفي الحج يعمل العلماء ويُعمل المفتون القواعد الشرعية، كما يُعملون النصوص من الكتاب والسنة، والعلماء ألفوا في الحج مناسك كثيرة متنوعة، سواء كان منها مذهبياً، وما كان منها غير مذهبي، وقد اعتمد الكثيرون فيها على نصوص من الكتاب والسنة، واعتمدوا فيها على كلام علماء المذاهب، بل وعلى اختلاف السلف والعلماء، وهذا شيء كثير منتشر في شأن التأليف في المناسك، والحج يتطلب مزيداً من النظر في الشريعة، ومزيدا من الاجتهادات الموافقة للنصوص والقواعد، وذلك أن مبنى هذه الشريعة على تحقيق المصالح ودرء المفاسد، وعلى التيسير على المكلفين، قال الله تعالى: {لا يٍكّلٌَفٍ اللَّهٍ نّفًسْا إلاَّ وٍسًعّهّا}، ويقول تعالى: {وّمّا جّعّلّ عّلّيًكٍمً فٌي الدٌَينٌ مٌنً حّرّجُ} ، ويقول سبحانه: {مّا يٍرٌيدٍ اللَّهٍ لٌيّجًعّلّ عّلّيًكٍم مٌَنً حّرّجُ }، ويقول عليه الصلاة والسلام «إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» ففي الحج يظهر جلياً الحاجة الماسة لإعمال طالب العلم أو المفتي النصوص، والقواعد، ومقاصد الشريعة، وفق القاعدة الكلية «المشقة تجلب التيسير» أو الأصل الذي جاء في القرآن وفي السنة، وهو «رفع الحرج»، فأصل الشريعة قائم على رعاية المصالح ودرء المفاسد، والمصالح التي ترعاها الشريعة، منها مصالح متعلقة بالمكلف في نفسه، ومنها مصالح متعلقة بالمكلفين جميعا، وفي الحج تظهر المصلحة المتعلقة بالمكلف في نفسه، وفي علاقته بالمكلفين جميعا، فإفتاء فرد من الحجاج يترتب عليه مصلحة له ولغيره أيضا من الحجيج، والمصالح التي رعتها الشريعة المتعلقة بالآخرة هي متعلقة ايضا بالدنيا، لهذا قال العلماء: إن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها. والحج أظهر المسائل، وأظهر العبادات التي استعمل فيها الشارع رفع الحرج، والنبي صلى الله عليه وسلم استعمل رفع الحرج في مواضع كثيرة، استعمله نصاً لما سئل في يوم النحر، وقد اختار لنفسه عليه الصلاة والسلام الأفضل، فرمى عليه الصلاة والسلام ثم نحر، ثم حلق، لكنه ما سئل عن شيء في ذلك اليوم قدم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج».
* العدد الكبير لحجاج بيت الله الحرام قد يغري البعض منهم الى استغلال هذه الفريضة للتعبير عن آراء ذات طابع سياسي بشعارات مرتبطة بأحداث جارية على الساحة الدولية أو الإقليمية، فهل ثمة كلمة توجهونها معاليكم لضيوف الرحمن في هذا الصدد؟
أدعو نفسي وإخواني الحجاج إلى التزام هدي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في أداء كافة العبادات المكلفين بها، عدم إدخال شيء في الحج ليس منه، وعلى الحاج وهو يؤدي المناسك أن يلتزم بتعليمات الدين الإسلامي الحنيف الخاصة بكيفية أداء مناسك الحج دون رفع مثل هذه الشعارات أو الهتافات؛ لأن الحج ركن من أركان الإسلام، شرعه الله جل وعلا لإقامة ذكره، وكل أعمال الحج إنما هي لذكر الله، ك
ما صح عن عائشة رضي الله عنها قالت: «إنما جعل الطواف في البيت الحرام ورمي الجمار والبيتوتة في منى لإقامة ذكر الله عز وجل والتقرب إليه، والتعبد، والتذلل له» مما سيفيدهم إذا رجعوا، فهو ميدان إيمان وتقوى وصلاح، والشعارات والهتافات والمسيرات ليست من الذكر في شيء، وإذا كان كذلك فليس في الحج شعارات، وليس في الحج ما يخرجه عن المقصود الشرعي، ومن أراد أن يجعل الحج ميداناً لشعارات سياسية أو مذهبية أو ما شابه ذلك فإنه يخرج بالحج عن موضوعه، وهو في الحقيقة يجني على الشريعة؛ لأن الشريعة حددت الحج، والنبي صلى الله عليه وسلم بين كيف يحج الناس، وقال: «خذوا عني مناسككم»، وقال: «إياكم والغلو»، والحج محدد الأركان والواجبات والسنن والأهداف، والشريعة جاءت بتفاصيله، وليس في وقت الحج أو في المشاعر مجال لرفع الشعارات السياسية والشعارات المذهبية الطائفية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved