بقلم: - د. توفيق عبدالعزيز السويلم (*)
يشتكي بعض منشآت القطاع الأهلي من نقص تأهيل وتدريب الموارد البشرية وقلة انكبابها على العمل، وتواجه صعوبة في الالتزام والانضباط في العمل بالقطاع الأهلي الذي يختلف في طبيعته وأسلوب العمل فيه عن القطاع العام وذلك نتيجة لعدم أخذ بعض تلك الموارد البشرية الأمور على محمل الجد، فهي بحاجة إلى التأهيل سواء كان علمياً أو سلوكياً أو مهنياً بحيث تكون قادرة على الدخول في سوق العمل والتعامل مع متغيراته وأدواته بأسلوب جدي.
إن تنمية الموارد البشرية وتأهيلها يمثلان أساس النهضة المأمولة لدى مجتمعنا الذي يسعى لتحقيق تنمية اقتصادية ملموسة مع توفير وسائل التعليم والتدريب والتأهيل لدى تلك الموارد البشرية، فالاقتصاد مهما توافرت لديه جميع المقومات سواء موارد طبيعية أو قدرة تكنولوجية، لا يستطيع ان يحقق نهضته إلا إذا كان لديه موارد بشرية مدربة ومؤهلة وقادرة على المنافسة وعلى التعامل مع المتغيرات على الساحة العالمية في جميع المجالات.لقد تسارعت معدلات التغيير والتبديل في أساليب التكنولوجيا المختلفة إلى حد يصعب معه على العنصر البشري التواؤم معها بالسرعة اللازمة، وهذا ينبهنا إلى ضرورة اعادة النظر في طرق تنمية الموارد البشرية وحتمية تطوير العنصر البشري حيث إن الفكر الإداري العالمي قد تطور من النظر إلى العنصر البشري باعتباره أيدي عاملة فقط في بداية القرن العشرين إلى الاهتمام بالعقول البشرية باعتبارها مصدر المعرفة والمعلومات التي أصبحت محور ارتكاز العمل الإداري في بداية القرن الحادي والعشرين، وقد تحول المفهوم بإدارة الموارد البشرية التي جرى تشكيلها ووضع الإطار العام لها في نهاية القرن العشرين ليصبح «كيفية إدارة العقول البشرية» في بداية القرن الحادي والعشرين وبشكل سريع حتى أصبحت السرعة إحدى وسائل القياس العلمي والتقني والاقتصادي.إن عدم تأهيل شبابنا للعمل في القطاع الأهلي والصناعي خسارة اقتصادية ولقد بدا واضحا ان تأهيل الموارد البشرية أصبح مطلباً اقتصاديا، حتى يتسلح شبابنا بوسائل تحميهم ويستطيعون بها التعامل مع المتغيرات العديدة في المجالات المختلفة، ويذهب الدكتور محمد الطريف، في مقال له نُشر بجريدة «الرياض» العدد الصادر في الثالث من يناير الحالي، إلى ان التعليم معرفة والتدريب مهارة وان التعليم وعي والتدريب ممارسة، وبين المعرفة والوعي من جهة والمهارة والممارسة من جهة أخرى، تبني الأمة مجدها وتصنع حضارتها كما ان تأهيل الموارد البشرية يكون بالاهتمام بالنواحي الفنية بالإضافة إلى الجوانب التصورية والإنسانية، إن عجلة تنمية المهارات كيما تدور وتؤتي أكلها بإذن الله فلابد من إعطاء هذا الجوانب حقها ومستحقها فتأتي موزونة ومتوازنة.إن الملاحظ لسوق العمل يجد ان اليد العاملة فيه تتمثل في العمالة الوطنية والأجنبية في القطاعين الخاص والعام وقد قدرت خطة التنمية السابعة «2000 2004م» الزيادة التراكمية في الداخلين الجدد لسوق العمل بحوالي 817 ألف عامل، وتشير الاحصاءات إلى ان اجمالي العمالة في القطاع الخاص بلغ 100 ،260 ،6 عامل في عام 1420ه وبنسبة 87% تقريبا من اجمالي العمالة المدنية في المملكة بينما بلغ اجمالي العمالة في القطاع الحكومي 000 ،916 عامل في نفس العام وبنسبة 13% تقريبا من اجمالي العمالة المدنية، وبلغ عدد العمالة الوافدة في القطاع الخاص 729 ،123 ،5 عاملا وافدا في عام 1420ه وبنسبة بلغت حوالي 96% وذلك مقابل 000 ،121 عامل وافد في القطاع الحكومي وبنسبة لا تتجاوز 4%، وهذا يبين ان هناك فرص عمل كثيرة ويبين أيضاً مدى إمكانية ايجاد وظائف للعمالة الوطنية إذا تم تأهيلها بدلاً من العمالة الأجنبية.
والجدول التالي يبين عدد الخريجين في المراحل التعليمية والتدريبية المختلفة لعام 1420هـ.
المرحلة عدد الخريجين
التدريب المهني 6007
التعليم الفني 6589
المرحلة الثانوية 164629
التعليم الجامعي 40934
المصدر: منجزات خطط التنمية 2001م
ويلاحظ من خلال الجدول السابق ان عدد الخريجين من الثانوية العامة يمثلون العدد الأكبر من الخريجين يليهم خريجو التعليم الجامعي ثم التعليم الفني ثم التدريب المهني ويعني ذلك ان هذا الكم الكبير من الخريجين وخاصة خريجي الثانوية العامة والتعليم الجامعي هم بحاجة إلى التدريب والتأهيل المتناسق مع متطلبات سوق العمل.ومن أجل تنمية الموارد البشرية هناك بعض الوسائل الأساسية من الضروري الاهتمام بها بما يتناسب مع البرامج الحديثة لتنمية هذه الموارد هي:
1 تعويد الشباب على الابتكار والبعد عن النمطية والروتين لأنهما قاتلان للقدرات والتفكير الصحيح في خضم العولمة الاقتصادية التي هي بحاجة إلى تفكير سريع وقدرة على منافسة الغير.
2 التعليم والتدريب المستمر والاهتمام بهما لتنشئة أجيال جديدة قادرة على التعامل مع المتغيرات العالمية، فعلى الرغم من ان التدريب مكلف لكن الجهل أكثر تكلفة.
3 البحث العلمي والاهتمام بالأبحاث وتطبيقها في الواقع والإنفاق على هذه البحوث وتنمية الروح الإنتاجية والبعد عن الطابع الاستهلاكي من خلال وسائل الإعلام المختلفة لتفعيل هذا المبدأ.
4 جلب التقنية الحديثة وتدريب الشباب على التعامل معها ومع متغيراتها.
5 ربط برامج التعليم بمتطلبات سوق العمل حتى لا يتولد عن عدم وجود مثل هذا الربط والتنسيق بطالة يترتب عليها آثار سلبية سواء كانت سلوكية أو اجتماعية أو اقتصادية.لذا فمن الضروري تأهيل وتدريب الشباب وتنمية الروح الإنتاجية لديهم بدلاً من الروح الاستهلاكية، لأن الروح الإنتاجية إذا سادت فسوف يعود ذلك بالنفع على الاقتصاد الوطني خاصة ونحن نمر بتطور كبير يتطلب مهارات وقدرات عالية من العامل، وبناءً على ذلك فمن الضروري تهيئة الظروف للعامل السعودي وتأهيله ببرامج تعليمية وتدريبية ملائمة لاحتياجات القطاعات الصناعية والإنتاجية والتجارية وغيرها من السلوكيات التربوية حتى تستوعب هذه القطاعات العمالة الوطنية المؤهلة التي تستطيع ان تقوم بما يوكل إليها من أعمال بكفاءة عالية وتستطيع في نفس الوقت التعامل مع المتغيرات والوسائل التقنية التي تظهر على الساحة العالمية كالمنافسة وانفتاح الأسواق بعضها على البعض.
(*)مستشار اقتصادي مدير دار الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية |