* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد العجمي:
ما زال اليورو الأوروبي يحقق قفزات أمام الدولار الأمريكي ليتجاوز مستوى 28 ،1 دولار للمرة الأولى في الوقت الذي ارتفعت فيه المخاوف من استمرار العجز المتزايد في ميزان المعاملات الجارية الامريكية وانخفاض أسعار الفائدة الدولارية مما دفع المستثمر للإقبال على عملات اخرى ذات عائد أعلى حيث انخفض الدولار لأدنى مستوى منذ ثلاثة اعوام امام الين متجاوزاً 106 ينات وارتفع الجنيه الاسترليني ليصل إلى 82 ،1 دولار وجاءت تصريحات البنك المركزي الامريكي باستمرار أسعار الفائدة عند مستوياتها المنخفضة مما دفع الخبراء الى التأكيد على استمرار انخفاض الدولار أمام العملات الاخرى وقد طرحت «الجزيرة الاقتصادية» تساؤلاً عريضاً حول تأثير ذلك على الاقتصاديات العربية؟
شريك رئيسي
وقد أجاب د. عبد المطلب عبد المجيد استاذ الاقتصاد عميد مركز البحوث بأكاديمية السادات للعلوم الادارية بقوله: ان ارتفاع اليورو له تأثير كبير على الاقتصاديات العربية المرتبطة بالدولار ويعد دعوة قوية لاحلال اليورو محل الدولار خاصة في ظل ازدياد معاملاتها مع منطقة اليورو وازدياد حجم التجارة الدولية مع الاتحاد الاوروبي الذي يصل لما بين 30 - 40% كما تعد منطقة اليورو الاقرب للمنطقة العربية من المنطقة الامريكية.
ويجد الخبير الاقتصادي في ارتفاع اليورو فرصة ذهبية للتخلص من التبعية للدولار والانتقال الى عملات اخرى ذات مميزات كثيرة كاليورو التي تعد عملة 12 دولة وليس دولة واحدة، فالمستقبل لعملة اليورو وعلى الدول العربية البدء في اعداد الدراسات والابحاث المستقبلية لاحلال اليورو محل الدولار مما يعطي دفعة أكبر لنمو العلاقات التجارية والاستثمارية مع منطقة اليورو التي تدخل في شراكة أوروبية متوسطية عربية على مستوى 12 دولة جزء منها يدخل في اطار المشاركة.
ضرورة الثقة في اليورو
ويتوقع د. عبد المطلب عبد المجيد استقرار اليورو عند مستوى محدد خاصة انه في الحسابات النقدية للاتحاد الاوروبي لا تسعى الى الارتفاع لأنه بحسابات التجارة الدولية يؤثر سلباً على الصادرات الاوروبية للعالم مما يدفع راسمي السياسة النقدية الاوروبية الى استخدام آليات للاستقرار وتحديد الارتفاع ومدى تأثيره الايجابي والسلبي وترقب الارتفاع حتى يخلق حالة من الثقة في العملة الأوروبية الموحدة فالمسألة النقدية قائمة على الثقة وكلما زادت الثقة حدث ما يسمى بالاثر النفسي والاستحواذ على هذه العملة لانها أكثر جدوى ويضيف استاذ الاقتصاد ان الخبراء يتوقعون تفوق اليورو على الدولار خلال الخمس والعشرين سنة القادمة ليحل محل الدولار في التسويات الدولية وإحداث اصلاح في النظام النقدي الدولي والذي يعد مطلباً عالمياً حيث يعيش الدولار على مكاسب الحرب العالمية الثانية عندما كان العملة الوحيدة التي يمكن تحويلها الى ذهب وأصبح العملة التي يتم بها قياس العملات الاخرى ونتيجة لهذه المكاسب تضطر الدول لمساندة الدولار ومنع انخفاضه أكثر مما هو عليه، وتحول دون انهياره حتى لا تتأثر اقتصاديات هذه الدول بهذا الانخفاض وبعلاقاتها مع الولايات المتحدة. وفي ظل هذا الوضع أصبح العالم مجبراً على مساندة الدولار فمنذ الاعلان عن تعويم الدولار عام 1971م والنظام النقدي العالمي في نفق مظلم ويحتاج إلى اصلاح.
خسائر للثروات العربية
يضيف د. شريف حسن قاسم استاذ وخبير الاقتصاد العالمي ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات ان الارتفاع المتوالي لليورو يؤدي الى خسائر للثروات العربية حيث ان أغلب الاحتياطات العربية توجد في شكل دولارات كما يسبب خسائر للودائع الدولارية، فالاقتصاديات العربية مرتبطة بالدولار نتيجة لعوامل تاريخية وتجارية قديمة وهذا الارتفاع الذي حدث في اليورو يطرح أمام الدول العربية بديلاً آخر بحيث تكون الاحتياطات متوازنة بين العملات الاخرى حتى لا يؤدي الانخفاض في عملة لتعرض الثروات العربية لخسائر باهظة. ويشير قاسم إلى ان التحرر وفك الارتباط بالدولار لا يعني اغلاق التعاون مع الولايات المتحدة الامريكية وانما يعني وجود سلة من العملات ويتم التحول في اطار تعاون يحقق المصلحة الاقتصادية العربية بالدرجة الاولى.
ارتفاع الصادرات
وعما إذا كان الارتفاع في عملية اليورو سيؤدي الى زيادة الصادرات العربية يقول الدكتور قاسم ان هذا ينطبق من الناحية النظرية حيث إن ارتفاع عملة دولة يشجع الدول على التصدير اليها أما من الناحية العملية فيصعب تنفيذ هذا حيث تخضع عملية التصدير لقيود ومعوقات تحول دون تصدير منتجات الدول الاخرى بما فيها الدول العربية والتي أمامها شهادات الايزو 14000 والخاصة بالشروط البيئية والزراعية التي تطبق بعنف على الدول النامية وطبيعة العمالة والظروف البيئية التي يعمل فيها وغيرها من الشروط التي تقف أكبر عائق امام صادرات الدول النامية كما ان الاسواق العالمية منظمة بشكل احتكاري للشركات متعددة الجنسيات مما يزيد من المعوقات التي تقف امام الشركات الوطنية المصدرة والتي تواجهها معوقات داخلية أيضاً كما تكمن مشكلة التصدير في قدرة الدول على التصدير بجودة مرتفعة وسعر مناسب.
هذا ويرى د. محمود عبد الفضيل خبير الاقتصاد العالمي أن صندوق النقد الدولي يعمل من خلال عدة عملات، لهذا يجب ربط العملات العربية بسلة عملات وليكن 30% للعملة الأمريكية، 40% لليورو، 10% للين الياباني و20% لباقي العملات..
ويضيف ان انخفاض الدولار سيلحق خسائر كبيرة بالاقتصاديات العربية مما يتطلب ضرورة استقرار هذه العملات ويقول إن ما شاهدناه من انخفاض في الدولار يشير الى ضرورة تنويع محفظة العملات الاجنبية في مجموعة من العملات المختلفة وفي اوعية متنوعة وبآجال استحقاق مختلفة.
ويضيف عبد الفضيل: إن انخفاض اسعار الدولار أحدث استقراراً في السوق الموازية نتيجة لعدم وجود ضغط على الدولار كما لم يكن له أي صدى مباشر على اسعاره في السوق الداخلي حيث استقر السعر عند مستوياته السابقة كما شاهدنا انه ارتفع بشكل طفيف في بعض البنوك على عكس المتوقع نتيجة تدهور العملة الامريكية اما باقي العملات وخاصة اليورو والجنيه الاسترليني فقد شهد انتعاشاً كبيراً مقابل الدولار وهو ما دفع العملات الى الارتفاع امام الجنيه بنفس مقدار انخفاض الدولار امامها.
تفادي التقلبات
ويؤكد د. مصطفى السعيد وزير الاقتصاد الاسبق على ضرورة ربط العملات العربية بسلة من العملات الاخرى «اليورو والاسترليني والين» لتفادي تقلبات سعر الصرف في السوق العالمي على ان يتم الربط طبقاً لحجم التجارة وذلك لحماية قيمة العملات العربية من تقلبات الاسعار في عملة دون أخرى وهو ما حدث مؤخراً حيث انخفض الدولار أمام العملة الاوروبية في الوقت الذي ترتبط فيه معظم العملات العربية ارتباطاً وثيقاً بالدولار الامريكي والجزء الاكبر من الواردات يتم بالدولار وكذلك الصادرات وتحويلات العاملين بالخارج.
ويضيف : «إن ربط العملات العربية بسلة عملات أخرى يمنحها قدراً من الاستقرار ولا يتأثر بتقلبات الدولار ولاشك ان الاقتصاديات العربية سوف تتكبد خسائر كبيرة نتيجة لأن الاتحاد الاوروبي هو اكبر شريك تجاري للدول العربية بنسبة 43% وبدون شك فإن انخفاض الدولار يؤثر أيضاً على الاحتياطات العربية التي يتعامل معظمها بالدولار».
|