Monday 26th January,200411442العددالأثنين 4 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نتائج جولة ميدانية لـ « الجزيرة » تكشف: نتائج جولة ميدانية لـ « الجزيرة » تكشف:
محلات تجهيز الملابس العسكريةلا تتقيد بالتعليمات والأنظمة

  تحقيق: ياسر المعارك
الأخطار الكبيرة قد تهب من النوافذ الصغيرة.. والمصائب المؤلمة قد تتولد من غفلة لم نكترث لها.. فندفع ثمنها دماً ودموعاً.
كم من لهيب اكتوينا بناره وكان بالأمس من مستصغر الشرر! وكم من نزيف أدمى كبدنا وكان بالأمس مما لا نحسب له أي حساب!
نعم.. جبهتنا الداخلية متينة بحمد الله، لكن هنالك اختراقات قد تتغلغل ولا نحس بما قد تُحدثه من انهيارات لا نريد لها الحدوث.
حاولنا الإطلال من نافذة يمكن أن تهب من خلالها الكثير من الأعاصير.. تلك المحلات التي تعمل في إعداد الملابس العسكرية.. وكان ما فوجئنا به أن الإطلالة كشفت بشكل فوري مدى الاختراق الذي يمكن أن يحاصرنا.. ومدى الخطر الذي قد يجعلنا وجها لوجه أمام العاصفة!!
بداية الفكرة
لم تكن نتائج الحوار الذي دار على صفحات الصحف المحلية حول مدى التزام محلات تفصيل وخياطة وتجهيز الملابس العسكرية الرسمية بكل أصنافها ورتبها بالتعليمات، لم تكن تلك النتائج المتباينة في الآراء مقنعة لي بأن أميل لأي الفريقين إذ يرى أحدهما أن تلك المحلات تتقيد بالتعليمات الصريحة الصادرة عن وزارة الداخلية بضرورة التثبت من هوية كل مَنْ يطلب تفصيل بدلة عسكرية، فيما رأى الآخر أنها لا تتقيد ولا تُلقي بالاً لذلك، وبفضول صحفي عنت لي فكرة الوقوف بنفسي على تلك المحلات والاطلاع عن قرب على كيفية ممارستها لعملها من حيث الإجراء الأمني الاحترازي.
آلية التنفيذ
كان لابد من عمل ما لتمرير وإكمال حلقات التحقيق الصحفي داخل سوق الملابس العسكرية، ذلك أن من يطلب تفصيل بدلة رتبة صغيرة وهو بمثل سني قد لا يجد صعوبة كبيرة، غير أن طلب بدلة رتبة عالية قد يلفت انتباه العاملين بالمحلات، حيث إن الأمر يتطلب التنقل بين عدد من تلك المحلات وطلب عدة درجات من الرتب العسكرية المختلفة ورصد ردود أفعال القائمين على الاستقبال والتفصيل بالمحلات..
فوجدت أن التمويه والتخفي قد يكون مجدياً وفعالاً في مثل هذه الحالة، فكان للماكياج والاكسسوارات دور فعال ساعد في إنجاز المهمة بمستوى معقول.
عمالة وافدة
خلال الجولة كان الملفت الأول
للنظر كون جميع مَنْ يعمل في هذه المحلات سواء في إدارتها أو محاسبتها أو منفذي تفصيل وخياطة الملابس العسكرية كلهم دون استثناء من الوافدين، الأمر الذي يولد أسئلة واستفهامات متعددة، فلا غرابة بتواجد العمال الوافدين في أي موقع يقبل ويستوعب تشغيلهم، ولكن السؤال هو: أين شباب الوطن الباحثين عن فرص العمل؟!
هنا في هذه المحلات مجال رحب لاستيعاب عشرات الشباب المحب للعمل الصادق مع نفسه في انتشالها من هَمِّ البطالة، ليتكسب رزقاً حلالاً وفيراً ويخدم بلده، خاصة وأن المؤشرات تميل أحياناً إلى أن بعض الوافدين من جنسيات غير محددة قد تغريهم المادة للتعاون مع إرهابيين أو عابثين أو منتحلي شخصيات رجال الأمن، فالشواهد الملموسة أكدت أن الإرهابيين لبسوا ملابس أمنية عسكرية وطَلَوا بعض السيارات بشعارات القطاعات الأمنية. وهذا تم على أيديهم أو بالتعاون مع جهات مأجورة.
جولة بين المحلات
دخلنا نحن «فريق العمل» أحد تلك المحلات فاستقبلنا أحد العاملين و هو من الأخوة العرب فرحب بنا، وأفهمته أنني أرغب في تفصيل بدلة عسكرية، فحيَّانا مرة أخرى معقباً بالسؤال: هل تريدها دفاع مدني أم مجاهدين أم أمن عام؟ فكل الأزياء متوافرة، فأجبت محدداً: قطاع الأمن العام لكن كم التكلفة ومدة الإنجاز؟ فأجاب 240 ريالاً والتسليم بعد غد، ولكنه لم يسأل عن الهوية أو الاسم، فحاولت حينها ألا أضيع فرصة التحدث لنفر من طلاب الكليات العسكرية كانوا في المحل وقبل أن يَهُمَّ بعضهم بالخروج سألتهم عن مدى تقيد هذه المحلات بالتعليمات الصريحة الصادرة بشأن التأكد من هوية راغب التفصيل فكانت إجابة بعضهم كالتالي: حسين القحطاني من قطاع الأمن العام قال: إن أكثر المحلات لا تطلب إثبات الهوية، ولم يسبق أن طلب منه أي موظف بهذه المحلات بطاقته أو تعريف نفسه، مؤكداً خطورة إهمال هذا الجانب، وأشار إلى أن المحل يهتم بالدخل المادي إلا أنه لا يقدِّر العواقب.
مقرن المرواني طالب بكلية الملك خالد العسكرية: أكد أنه فصَّل البدلة العسكرية واشترى جميع لوازمها دون أن يطلب منه المحل الاطلاع على بطاقته أو ما يثبت هويته، وقال: هذا تصرف يؤدي إلى مضار ومخاطر أمنية، ودعا أصحاب المحلات الى التعاون لمصلحة الجميع ودرء العواقب الوخيمة.
وفي محل آخر كان يعرض عدداً من الرتب العسكرية والمعاطف المختلفة وعددا كبيرا من أنواع الأقمشة العسكرية المموَّهة والرسمية وأقمشة الميدان وغيرها وكان العاملون فيه من غير السعوديين فطلبت تفصيل بدلة «مجاهدين».
فبدأ المختص في أخذ المقاسات فوراً دون سؤال أو تردد، وكتب المسؤول عن المحل فاتورة بالمواصفات والأسعار دون طلب إثبات الهوية، الأمر الذي يدل على أن مثل هذه المحلات والعاملين فيها غير مكترثين بمضامين التعليمات الصادرة بشأن الاحتراز عند تقديم مثل هذه الخدمة لأي شخص كان.
وفي اليوم التالي وفي محل ثالث وبشخصية مختلفة دخلت وطلبت رتبة نقيب خاصة بالميدان، فسألني المختص بالمحل: هل تريد الرتبة مطبوعة أم مطرزة؟ فحددت له طلبي ودفعت المبلغ على أن أستلم المطلوب في مساء اليوم التالي وهو ما تم فعلاً وسلمني الرتبة دون أن يكلف نفسه عناء السؤال عن هويتي أو بطاقتي أواسمي.وخلاصة الجولة أن جميع محلات تفصيل الملابس العسكرية التي زارتها «الجزيرة» لا تشغِّل إلا عمالة وافدة ولا يهمها إلا الكسب المادي دون التقيد بالتعليمات الحاثة على توخي الحذر والحرص على التثبت من هوية الزبائن حفظاً لأمن المواطن والمقيم على حد سواء وكذلك الصالح العام.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved