Monday 26th January,200411442العددالأثنين 4 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مدير مستشفى النقاهة بالرياض لـ«الجزيرة »: مدير مستشفى النقاهة بالرياض لـ«الجزيرة »:
حوادث المرور وراء كثير من الشباب المقعدين بالمستشفى
بعض النزلاء يمكثون سنوات طويلة.. وهنالك «فجوة اجتماعية» مع أقاربهم

* الرياض عوض مانع القحطاني:
في إطار حرص القيادة الرشيدة على الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية، فقد توسعت في إنشاء وتوسعة وتطوير كثير من المستشفيات العامة والتخصصية ومراكز الرعاية الصحية في كل بقعة من بقاع مملكتنا الحبيبة، حتى غطت تلك الخدمات كافة المدن والقرى والهجر.
ولأن هناك نوعاً من الخدمات الصحية ليس معروفاً لكثير من المواطنين رغم أهميته البالغة، فقد قررنا تسليط الضوء من خلال هذه المساحة على هذا النوع من الخدمات المتمثلة في «مستشفى النقاهة».
ففي البداية التقينا مع الأستاذ محمد العلي أبا الخيل مدير مستشفى النقاهة بالرياض، وسألنا عن الأهداف التي أنشئ من أجلها، فقال: مستشفى النقاهة بالرياض هو أحد مستشفيات وزارة الصحة ويرتبط إدارياً وفنيا بالمديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض ويعمل بطاقة استيعابية 120 سريرا منها 90 سريرا للرجال و30 للنساء.
أما الأهداف التي أنشئ من أجلها فهي خدمة فئة من المرضى تعرضوا لإصابات دماغية أو إصابات الحبل الشوكي نتيجة حوادث مرورية أو جلطات دماغية مما نتج عنها شلل نصفي شقي أيمن أو أيسر أو شلل نصفي سفلي، أو شلل رباعي لا يستطيع المريض معه خدمة نفسه أو التحكم في المعصرتين أو غيبوبة الزمته الفراش لفترات طويلة. بحيث يكون غذاؤه عن طريق انبوب انفي أو انبوب معدي عن طريق فتحة في البطن مباشرة يحقن من خلاله الغذاء الطبي «سائل» والدواء اللازم. وغالباً ما يتنفس هؤلاء المرضى عن طريق شق رغامي «حنجري».
وعن نوعية الخدمات الطبية والعلاجية في مستشفى النقاهة يقول أبا الخيل: نقدم كافة الخدمات الطبية والعلاجية النفسية والاجتماعية ومساعدة الواعين منهم للتكيف مع وضعه الصحي الجديد وغالبا يتعذر على هؤلاء المرضى خدمتهم في منازلهم لحاجتهم إلى رعاية طبية وتمريضية تتطلب وجود أكثر من شخص للقيام بها لأن هؤلاء المرضى يعتمدون اعتماداً كلياً بعد الله على التمريض في المأكل والمشرب والتنقل والنظافة الشخصية، هذا بالإضافة إلى دور التمريض الأساسي في اعطاء الأدوية ومتابعة حالة المريض الصحية حسبما يتلقاه من الأطباء المعالجين والقيام بتغيير وضع المريض كل ساعتين تقريباً حتى لا يصاب بتقرحات الفراش السريرية.
أما عن دور مستشفى النقاهة في حالة الإصابة بحادث مروري فيقول: يأتي دور العلاج الطبيعي بعد الخدمات الطبية التي يتلقاها المصاب بعد الحادث حيث يعتبر التحريك المبكر لجميع عضلات الجسم بتحريك العضلات ايجابيا هي اولى الخطوات لمنع حدوث القرح الفراشية وتيبس المفاصل، كما انها تساعد على زيادة قوة العضلات. ثم يتم تدريب المريض بعد ذلك على استغلال حركات عضلاته الممكنة وتسخيرها للقيام بالوظائف المتطلبة للحياة اليومية كالعناية بالنظافة الشخصية والاستحمام والطعام والشراب والاتصال بالآخرين.. وغيرها من النشاطات اليومية.. وأيضاً تدريب المثانة. وكيفية منع التهاب المجاري البولية وايضا القرح الفراشية بعدم الجلوس على جنب واحد على الكراسي ذات العجلات والأهم تدريبه على كيفية التأقلم مع الكراسي المتحركة نفسها ولابد من افهام ذلك لعائلة المريض نفسه حيث ان التفاعل الايجابي لأهل المريض بإصابات الحبل الشوكي غالبا ما يكون عظيم النتائج وذلك بالإضافة إلى العلاج النفسي.
وأخيراً يتم ما يعرف بالتأهيل الوظيفي وهو يقوم على كيفية استعمال العضلات التي تم تقويتها وتسخيرها بعد تدريبات عديدة وإرادة قوية وإيمان بالله تعالى وثقة بالنفس حتى يتم اندماج هؤلاء المرضى بالمجتمع اندماجا كاملاً وحتى يتغلبوا تماماً على اعاقتهم.
وعن أخطر الإصابات الناجمة عن الحوادث المرورية قال أبا الخيل: تعد الحوادث المرورية من أهم أسباب إصابات الحبل الشوكي وتتسبب أيضاً في زيادة معدلات الإعاقة والوفاة على مستوى العالم.
أنواع الإصابات
يصاب الحبل الشوكي بإصابات إما خارجية أو داخل النخاع والتي غالباً ما تكون نتيجة أورام. أما الإصابات الخارجية والتي تمثل الحوادث المرورية فيها النسبة الأكبر غالباً ما تنتج عن كسر في أحد أجزاء العمود الفقري نتيجة إصابة مباشرة والتي بدورها تؤدي إلى تمزق الحبل الشوكي والتي تؤثر بدورها على وظائف الإحساس والحركة للحبل الشوكي وطبقاً لمدى التلف الناتج عن الإصابة تكون خطورة المضاعفات والإعاقة.
أما الأعراض والعلامات الطبية الناتجة عن إصابة الحبل الشوكي فتعتمد أساساً على مستوى وموضع الإصابة ومدى التلف الذي حدث فيمر المصاب أولاً فيما يعرف بمرحلة الصدمة وهي تحدث مباشرة بعد الحادث حيث يفقد المصاب الاحساس والحركة تماما وكذلك التحكم بالمعصرتين وذلك تحت مستوى التمزق الحاصل. كما انه يعاني أيضاً من شلل رخوي وانعدام في المنعكسات الوترية وضعف في قوة العضلات وذلك على أثر اختلال الإشارات العصبية والتي لها علاقة بمستوى الإصابة وفي خلال ساعات، أو أيام وربما أسابيع تتخشب العضلات الرخوة وتزداد حدة المنعكسات الوترية مع تواجد علامات إصابة الأعصاب الحركية العليا.
ويعتبر مستوى الإصابة ذا أهمية كبرى بالنسبة لنوع الإعاقة التي يمكن ان تنتج وتكون الإصابة في أعلى العمود الفقري «بالتحديد الفقرات العنقية» هي أخطرها وأحرجها حيث إنها تؤدي إلى شلل في الأطراف الأربعة «شلل رباعي» حيث تفقد العضلات وظائفها تماماً بما فيها عضلات الحجاب الحاجز والعضلات التنفسية مما يعرض المصاب إلى فشل تنفسي ومن ثم الوفاة إذا لم يكن هناك تدخل طبي مناسب عن طريق معدات تساعد على التنفس. أما إذا كانت الإصابة في أسفل العمود الفقري فلا يستطيع حينها المصاب تحريك الطرفين العلويين بينما يعاني من شلل نصفي في حركة الطرفين السفليين.
وعن المنومين من المسنين يقول: بعض هؤلاء المسنين أيضاً من ضحايا الحوادث المرورية ولكن الغالبية العظمى بين إصابات ناجمة عن الجلطات الدماغية أو الخرف الشيخي «العته» والخرف الشيخي هو: التناقص المستديم للوظائف العقلية والتي تؤثر على الحياة الطبيعية والاجتماعية للمريض وتحدث غالباً للمسنين أو بعد أي مرض يسبب تلفاً في أجزاء المخ المتفرقة وكأمثلة لهذه الإصابات الدماغية الشديدة أو نقص التروية الدماغية للمخ الناتجة عن السكتة القلبية أو وجود أورام كبيرة بالمخ أو نزيف او الالتهابات الدماغية أو السحائية والتي تؤثر مباشرة على الجسم من الناحية العقلية والتي تمنع الجسم من استعادة الحالة الذكائية التي كانت متواجدة قبل الإصابة. ومع تقدم العمر الحاصل في هذه الأيام تزداد حدة المرض وربما أشهر أنواع الخرف الشيخي الناتج عن تقدم السن هو مرض الزهايمر والذي وحده يمثل 50% من حالات العته أما تصلب شرايين المخ فيأتي في المرتبة الثانية بنسبة 20% بينما تمثل الأورام وتعاطي الكحولات وبعض الأمراض الاستقلابية والغذائية وغيرها النسب المتبقية.
والخرف الشيخي الناتج عن الحوادث الدماغية الوعائية يعتبر ثاني أهم أسباب الخرف الشيخي بعد مرض الزهايمر وتبدأ الأعراض باضطرابات الناحية العقلية إثر جلطات متعددة في الشرايين المخية وغالبا ما يعاني المريض سابقا من داء السكري أو ارتفاع ضغط الدم.
ومرض الزهايمر من أشهر أسباب الخرف الشيخي وهو يصيب الذكور والإناث بنسب متساوية ويبدأ عادة في سن مبكرة وتزداد حدة المرض مع تقدم العمر، وسبب مرض الزهايمر لا يزال غير معروف ولكن هناك أسبابا وراثية في 25% من الحالات «صفات سائدة» كما انه لوحظ انتشار هذا المرض في المرضى الذين يعانون من متلازمة داون. وتبدأ أعراض المرض بفقدان الذاكرة للأحداث الجديدة ثم تبدأ أعراض تغيرات السلوك الانفعالية بالقلق والتوتر الشديدين، وتزداد الحالة سوءاً كلما تقدم السن ويفقد المريض الادراك تماما لما حوله من زمان ومكان وأشخاص حتى المقربين إليه.
* . صدق الله العظيم.
أما عن العلامات التي يمكن ان نلحظها على الشخص المريض بالخرف الشيخي فيقول: تبدأ العلامات بملاحظة التدهور العقلي المستديم والذي من الممكن ان يبدأ بالنسيان والذي يسبب مشاكل اجتماعية أو وظيفية ويبدأ بنسيان الأحداث الحاصلة حديثا ثم بتغيرات مزاجية تؤثر على الناحية الذهنية وبعض المرضى ربما يعانون من اللامبالاة أو الاكتئاب بينما البعض الآخر يعاني من التوتر والهياج العصبي ثم تزداد حدة ضعف الذاكرة للأحداث القريبة مما يجعل الشخص المصاب يعتمد على قائمة تذكيرية وسرعان ما ينسى حتى أين وضع هذه القائمة. ثم يبدأ بعدها الضعف في الادراك أولا بالأيام ثم بالسنين ثم بالشهور وأخيراً بالمكان ولا يحدث أبداً النسيان للنفس.
وتزداد حدة المرض فلا يستطيع المريض التحكم بالمعصرتين فيعاني من سلس السبيلين.
وعن الخدمات الأخرى التي يقدمها المستشفى قال أبا الخيل: يوجد لدينا قسم الخدمة النفسية والاجتماعية يقوم بإجراء البحوث النفسية والاجتماعية لتحديد وضع المريض النفسي والأسري ومعرفة مدى حاجته للأجهزة المساعدة ونوعيتها ومخاطبة الوزارات ذات الاختصاص ولجنة أصدقاء المرضى لتأمينها. بالإضافة إلى عقد لقاءات جماعية مع المرضى فيما يعرف بالعلاج الجماعي للتعرف على مشكلاتهم ومساعدتهم على ايجاد الحلول المناسبة لها، عمل الجلسات النفسية الانفرادية مع من تستدعي حالته ذلك حتى يتمكن المريض من التغلب على مشاكله واكتساب المهارة في معرفة حل ما قد يعترضه مستقبلا من مشكلات حسب إمكاناته ووضعه الصحي الحالي، التنسيق مع المستشفيات الأخرى بخصوص استقبال الحالات الجديدة، تحديد متابعة المواعيد المعطاة لمرضى النقاهة في المستشفيات الأخرى، وارسال المرضى حسب مواعيدهم، الإشراف على الرحلات التي يقوم بها المرضى واستقبال الزيارات الرسمية من طلاب المدارس، معرفة وضع المريض الأسري والمادي وذلك لتحديد مدى حاجته للمساعدات المالية، الإشراف على الطلبة المتدربين من قسم علم النفس بجامعة الملك سعود، المشاريع في الاجتماعات واللجان داخل المستشفى وخارجه، والمشاركة في المناسبات الصحية والعلمية والتوعية الصحية.
وعن سؤالنا هل هناك من يرقدون في المستشفى لأكثر من سنة وكم عدد حالات الغيبوبة التامة قال أبا الخيل: نعم هناك من يرقدون فيه لسنوات نسأل الله لهم العافية والسلامة، أما حالات الغيبوبة التامة فيقدر عددها بأكثر من 20 حالة.
وقد وضعنا في الحسبان ان مرضى مستشفى النقاهة تطول إقامتهم فيه ولهذا فقد أعددنا لهم ما يناسبهم من الأنشطة الدينية والثقافية والترفيهية، فهناك مجموعة من المرضى يداومون على حفظ كتاب الله الكريم في حلقات تحفيظ صباحية مستمرة، وبالإضافة إلى محاضرات ودروس دينية تعقد كل يوم ثلاثاء بعد صلاة العشاء وتستمر حتى الساعة الحادية عشرة ليلاً ويوجد مكتب للشؤون الدينية يشرف على الندوات الدينية للعاملين من الجنسيات غير العربية، كما يقوم بعض المرضى بالمساهمة في القاء المحاضرات على طلبة المدارس والمعاهد والكليات في أثناء زيارتهم للمستشفى للإشراف على تنظيم الأسابيع الدعوية التي تنعقد بالمستشفى وخصوصا خلال شهر رمضان المبارك.
وتقام المحاضرات والندوات التثقيفية الصحية للمرضى والعاملين مثل التدخين والعناية بمرضى السكر، التهاب الجهاز التنفسي، الدرن.. إلخ. كما تنظم زيارات للأماكن التاريخية مثل مركز الملك عبدالعزيز التاريخي ومركز الملك فهد الثقافي وبرج الفيصلية.. إلخ.
أما النشاط الترفيهي فنقوم برحلات ترفيهية دورية إلى بعض الحدائق العامة ومزارع الألبان.
ويضيف أبا الخيل: جميع المرضى لهم أقارب يزورونهم بين وقت وآخر، ولكن قد تتباعد المدة بين زيارة وأخرى، أما إذا انقطعت الزيارة عنهم لمدة طويلة فإن قسم الخدمة الاجتماعية والنفسية يقوم بالاتصال على الأسرة لمعرفة الأسباب ومحاولة تضييق مدة الانقطاع بين الزيارات لما لها من تأثير على نفسية المريض.
وعن الجهات التي تشارك في نفقات المستشفى قال أبا الخيل: كما ذكرت آنفا فإن هذا المستشفى يتبع وزارة الصحة وتحت الإشراف المباشر فنيا وإداريا للإدارة العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض، كما ان ميزانيته من وزارة الصحة، ولعلي لا أكون مبالغاً إذا قلت ان مستشفى النقاهة يحظى باهتمام بالغ من المسؤولين في وزارة الصحة وعلى رأسهم معالي وزير الصحة الدكتور حمد بن عبدالله المانع، وهم جميعا يدعمون المستشفى بكل وسائل الدعم، بل ان هذا المستشفى يلقى دعماً ومتابعة واهتماما شديدا من الإدارة العامة للشؤون الصحية بمنطقة الرياض وعلى رأسها سعادة الدكتور عبدالعزيز بن عبدالمحسن الدخيل المدير العام، ومع ذلك فنحن نرحب برغبات الجمعيات الخيرية وفاعلي الخير في المساهمة في تطوير المستشفى وتحديثه بما يعود على المرضى بالخير والنفع. وأود ان أضيف ان هذا التوجه للجمعيات الخيرية وأهل الخير في دعم المرضى بجميع المستشفيات في بلادنا هو أمر محمود ينبغي تشجيعه والترحيب به، بل هو ميزة يتميز بها ابناء هذا الوطن المعطاء، مقتدين في ذلك بقادة هذه البلاد في الإقبال غير المنقطع على فعل الخير، حفظهم الله ورعاهم وسدد على طريق الخير خطاهم..


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved