Monday 26th January,200411442العددالأثنين 4 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الرئة الثالثة الرئة الثالثة
«قراءات» سعودية للحرب على العراق.. في كتاب جديد!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

أهْداني مشْكُوراً الصديقُ الدكتور فهد العرابي الحارثي، عضو مجلس الشورى، نسخةً من كتابٍ أصدرته «دار أسبار للدراسات والبحوث والإعلام»، بعنوان «اتجاهات الكُتَّاب السعوديين والمطبوعات السعودية نحو الحرب على العراق»، وقد اشْترك في إعْداد هذا الكتاب عددٌ من الإعلاميين الأَجِلاَّء في «أسبار»، يتقدَّمهم الدكتور فهد الحارثي.
***
* ولقد سُعِدْتُ بوجهٍ خاص أن يكون الملهمُ لهذه الدراسة والمحفِّرُ لها صاحبَ السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- فهو الإعلاميُّ الأول: ذائقةً ومتابعةً وحسّاً، وجَاءتْ الدراسةُ ترجمةً قيّمة لهذه الخصَائص مجتمعة!
***
* سُحْتُ بناظريّ عبرَ صَفحات الكتاب، وأعادتْ كلماتُه إلى ذهني ذكرى الأزمة الطاحنة التي حلّت بعرَاقِ الرافديْن، وما نجم عن ذلك من احتلال لأرضه وسيَادته، وكانت لاريبَ ذكرى مسكونةً بالفَجيعة والألم، لأنّ الحربَ التي رُزِئَ بها ذلك البلدُ العربيّ تجاوزَتْ هدفَها المزعومَ لإزالة «أسلحة الدمار الشامل» لتغْدُوَ هي: دماراً شاملاً للعراق، أرْضاً وبنيةً وأهلاً!
***
أعود إلى موضوع الكتاب فأقول:
أولاً: هناك أكثر من سبَب يدْعُوني إلى الإشادة بالجهد الكبير والمميّز الذي بُذِلَ في إنْجاز هذه الدراسة الجيّدة والجرَيئة وعَبْر مسَاحة زمنيّة قيإسيّة، تمكّن الباحثُون خلالها من رصْدِ وتحليل وجَدْولة مئَاتِ المقالات ممّا نَشَرتْه الصحف والدوريات السعودية ممّا له علاقةٌ بالحرب الأنْجلوُ- أمريكية على العراق، وكانت الدراسةُ بوجْه عَام موفقةً في تشْخيص مواقفِ الكتَّاب السعوديين الذين شَملتْهم العينة، سَلْباً أو إيجاباً أو حيَاداً، حيال الرموز المتعلّقةِ بالحرب، دُولاً ومنظَّمَات وأفْراداً، وهي مبادرة إعلامية غير مسبوقة في هذا المجال ممّا يمنحُها ما هي أهلٌ له من احْتفَاء واهتمَام.
ثانياً: أودُّ التأكيدَ على الأهميةِ العلمية للكتاب، فدراسةٌ استطلاعية وتحليلية كهذه توظّف لغةَ الأرقام بدرجة عالية، تجعَلُ متابعتَها من لدن إنسان غير متخصّص في الشأن الإعلامي، من أمثالي، أمراً شبه عسير، ولذا أتمنى أن تحظى هذه الدراسةُ القيّمة من لدن آخرين من المتخصّصين بما هي أهلٌ له، قراءةً وتحليلاً ونقداً.
***
ثالثاً: رغْم إعجَابي المعلنِ بهذا المنْجَز الثقافي، إلاّ أنّ لي ملاحظاتٍ يسيرةً، أصْطفي بالذكر بعْضاً منها على النحو التالي:
(1) كيف يمكنُ تفسير النَّهج السَّلبي في مواقف عَدد من الكتّاب السعوديين ممّنْ شملتْهم عيّنةُ الدراسة تجَاه كل من الرئيس العراقي السابق صدام حسين والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا مجْتمعِين، مع أنّ لغةَ الحرْب عبّرتْ قوْلاً وعَمَلاً بجلاء أن صدام ومحورَ التحالفِ ضدّه نهايتَان لا تَلتقيَان؟! صحيحٌ أنّ القارئَ الفطنَ يستطيعُ أن يُخضِعَ مثلَ هذا السُّؤال للبحث والتأمل، لكنني رغم هذا، تمنيتُ لو أنّ الدراسة لبّتْ هذه الحاجة، فَطَرحت شيئاً من التفصيل عنه، تحليلاً واستنتاجاً.
***
(2) هناكَ من القُرّاء مَنْ قد يلمسُ بين بعض سطور الدراسة خَلْطاً في المواقف بين الكتّاب وبعض الأوعية الإعلامية التي نَشَرتْ إنتاجَهم، فالدراسةُ في موقع تَتَحدّثُ تصْريحاً عن موقف هذا الكاتب أو ذاك سَلباً أو إيجاباً أو حياداً حيَال أحد أو بعض لاعبي أدوار الحرب.. لكنها تأتي في موقع آخر، لتَتَحدّثَ عن مواقفَ منسوبةٍ إلى الصحف والدوريات، وكأنَّ تلك المواقف صادرةٌ عنها، في حين أنّ مقالات الكُتَّاب لا تعبّر في الغَالب عن مواقف المطبوعات التي تحمل إنتَاجهم حيال هذا الحدث أو ذاك، وإذا صَحّتْ هذه الملاحظة، فأعتقد أنها قد تشَكل مأْخذاً علمياً على الدراسة، وأرجُو أن تكونَ هذه الملاحظةُ مجرّد انْطباع، رغْم تكرّرها في أكْثَر من صفحة عبر الدراسة.
***
(3) أتمنَّى لو خُتِمت الدراسةُ بفَصْل يتَحدّثُ عن أبْرز ملامحها والاسْتنتاجَات العامة المشْتقّة من التحليل المضْمُوني لمادتها، والتوجُّهات التي أفْرزها ذلك التحليلُ ممثلةً في رصْد ملاَمحِ «رأي عام» حول قضية الحرب ولاعبي الأدوار فيها، متسَائلاً في الوقت نفسه أنّه إذا لم تكنْ عينةُ الكتَّابِ الذين شملتْهم الدراسةُ بحجمها وتنوعها اللاّفتيْن لا تمثّل «رأياً عاماً» في المملكة، فمَنْ يمثّله إذن؟!
***
وبعد،
فقد أحسَنتْ صُنْعاً مؤسسة «أسبار للدراسات والبحوث والإعلام»، ممثلةً في رئيس مجلس إدارتها، الدكتور فهد العرابي الحارثي، وزملائه الكرام، بتنفيذ هذه الدراسة القيّمة، وإخْراجِها في كتَاب يقْرأُه الجميع، وكان توقيتُه موفّقاً، بعد أن وضَعت الحربُ على العراق أوْزارَها، وانتهت إلى ما انتهت إليه من نَتائجَ تُنذِرُ بما قد يكون أعْظَم من الحرب نفسها بشاعةً، وأشدّ إيلاماً، وأقْسى أثراً، فَها هُو عراقُ الأمس تَتَمزّق أطرافُه أشْلاء، وتَتَناثَر جمَاعَاتُه شِيعاً وأحزاباً، لا تعرف إحْداها ما تُضْمِرُه الأُخْرى لها، وليسَ لأَحدِها «أجندا» من الأمل مُعْلَنة يمكن أنْ تُشْعِلَ شمعةً في نهاية النفق الطويل الذي بَدأَ من خلاله مشوار البأسَاء والضّرّاء لأولئك الأشقاء، ونرجُو الله أن يُزيلَ عنهم ما حلَّ بهم، وأن يَهَبهم من بعد عُسْرهم يُسْراً!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved