باتت شوارعنا تتباهى ب «ثقافة الجسد» فقد ازدحمت أعناقها بمحلات العناية به، التي تفنن اصحابها في طريقة العرض لمزيد من «الجذب» لشريحة الشباب، ليصبح الجسد «قوياً» و«حيوياً» و«جذاباً» و«آسراً» لبعض العيون، فهذا «محل» يزعم تقوية «العضلات» وآخر يهدف إلى «التخسيس» سعياً إلى «الكمال» واللوحات الدالة على هذه «المحلات» خير شاهد على هرولة شبابنا نحو السيدة «رشاقة» ومطاردتها ليل نهار ولكن في ظل هذ الظاهرة التي أعادت مصطلح «فتوة» زمان إلى شوارعنا، هل فكرنا يوماً ما في وضع خطة شاملة لتأهيل «العقل» ولنبدأ بالطفل منذ نشأته حتى يعبر دوائر المجتمع ومؤسساته إلى ميدان العطاء بتقلباته، فلا شك أن «العقل» هو رحم المصائب التي حلت وستحل بنا ولو بعد حين، فلو كان «العقل» لدى الشاب يتمتع بقدر من السلامة واللياقة لا أقول «القوة» لا ستطاع مواصلة السير والمواجهة مع الافكار الدخيلة التي مازالت تمطرنا بين الفينة والأخرى عبر وسائل الإعلام في ظل عولمة الاتصال الذي تجاوز مرحلة التواصل الى مرحلة «الاختراق» بمعناه السياسي والأمني، ولكن للأسف، كل «الحوادث» التي مرت بنا تمنحنا رقماً قياسياً في «عجز» العقل عن المشاركة الفاعلة، ولا أقول «المواجهة» الحضارية التي تحتمها المرحلة الحرجة التي نمر بها على مختلف المستويات، والسؤال المر: ما مساحة حضور «العقل» في معركتنا مع «التغيرات»؟! عفواً أقصد «المصائب» التي تمطرنا سحبها دون برق أو رعد في ظل المواجهة القادمة؟ التي تعتبر- بلا شك- مرحلة دقيقة واختباراً حقيقياً للياقتنا الحضارية وليست الجسدية على مختلف مستويات المؤسسات المدنية والرسمية، وعلى رأسها مؤسسة «العقل» الفاعل طبعاً حتى توازن بين ثقافتي الجسد والعقل من أجل حل المعادلة الحضارية لمرحلتنا القادمة أو سيبقى العقل مظلوماً في واقعنا تحت وشاح الجسد الظالم طبعاً والبركة في السيدة «رشاقة» والفتى «كمال»..!!
|