تحليل السائل المنوي يجعل الغاية من الفحص الطبي قبل الزواج أكثر شمولا، ويساعد في التخطيط لمستقبل تكوين الاسرة، وهو يفي بمعظم شروط منظمة الصحة العالمية كفحص مسحي للمقبلين على الزواج.
قلة الخصوبة بعد الزواج
ويعتبر الانجاب من أهم ثمرات الزواج، وهو المقصد الثاني منه بعد السكن، إلا أنه وبكل أسف يوجد زوج واحد بين كل سبعة أزواج يعاني من العقم، والسبب يعود إلى الرجل في أكثر من ثلث هذه الحالات، كما أن الاحصائيات تشير إلى أنه وفي أي مجتمع سيعاني حوالي 5% من الشباب من قلة الخصوبة بعد الزواج، وتأتي هذه كمفاجأة بالكامل، إذ إن الغالبية العظمى منهم لا يشتكون من أية أعراض، كما أن تاريخهم المرضي يكون عادة خال من أية دلائل تشير إلى وجود ضعف في خصوبتهم.
تحليل السائل المنوي
وحيث ان القصد من الفحص قبل الزواج هو إجراء دراسة شاملة لكلا المقبلين على الزواج، وتقديم النصح لهما في حالة وجود أي خطر صحي على نتاج الزواج مستقبلاً فإن تحليل السائل المنوي للشاب يجب أن يكون من أول هذه الفحوصات، وذلك لأنه يفي بمعظم شروط منظمة الصحة العالمية للفحوصات المسحية، فهو لا يعرض حياة الشاب لأي مخاطر وغير مكلف، وتقنيته سهلة، كما أنه وإلى حد ما دقيق وحساس في إعطاء صورة معقولة عن الخصوبة مستقبلاً، ولا يتنافى مع العادات والتقاليد، حيث يشترط فيه السرية التامة، والأهم من هذا كله أنه قد يمنع ضرراً، فإذا ما أشار تحليل السائل إلى احتمال أن تكون خصوبة الشاب منقوصة فإنه قد يمكن علاج ذلك، وتقديم النصيحه بعدم محاولة تأجيل الحمل الذي هو قد لا يكون ممكناً أصلاً، مما يوفر عليه وعلى زوجته الوقت والمال، ويجنبهم مخاطر استعمال موانع الحمل التي قد لا يكون لها أية ضرورة اطلاقاً.
أمراض الدم الوراثية
الفحص الطبي قبل الزواج هو فحص مسحي يعمل لتفادي أمراض أو مشاكل مستقبلية قد تؤثر سلبا على العلاقة الزوجية وانشاء الاسرة مستقبلا، ولذا فإن تركه بطبيعة الحال لا يؤدي إلى أن يصاب الشاب أو الفتاة بمرض خطير، إلا أنه يفيد في إعطاء الشاب والفتاة الحقيقة ليقف كل مع نفسه ويتخذ القرار المناسب، فعلى سبيل المثال فإن حوالي ثلث سكان المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية يحملون جين الانيميا المنجلية، بينما الذين يعانون من هذا المرض وتظهر عليهم أعراضه هم أقل من 2% منهم، مما يعني أن جزءاً كبيراً من المقبلين على الزواج يحملون الجين المسبب للمرض دون علمهم، بل إن بعض الدراسات أشارت إلى أن نسبة انتشار أمراض الدم الوراثية بشكل عام في المملكة تصل الى 20%، والفحص الطبي يكتشف هذه الحالات ويقدم النصيحة لأصحابها. ورب قائل يقول إن اكتشاف مثل هذا الخلل قد يعني الانفصال وعدم إتمام الزواج، وهذا قد يكون صحيحاً في حالات قليلة فقط، لكنه في الكثير من الحالات يعني البداية السليمة لبناء الاسرة، وقد كان قرار المملكة حكيماً و رحيماً في هذا المضمار، بأن ترك الحرية للمقبلين على الزواج في الالتزام بنتائج الفحص من عدمه.
الفحوصات المخبرية
وقد يظن البعض أن الفحص الطبي قبل الزواج يعني فقط إجراء بعض التحاليل، وهذا ليس صحيحاً على الاطلاق، فهو يشمل أخذ تاريخ طبي متكامل، ليقوم الطبيب بإعطاء نصائح صحية «نفسية وجسدية» للشاب والفتاة لمساعدتهم على إنشاء أسرة سليمة صحياً واجتماعياً، ومن ثم إجراء الفحوصات المخبرية التي تضم فحوصات لاكتشاف بعض الامراض الوراثية والوبائية وأمراض الكبد والجهاز البولي وربما التناسلي، كما أنها تشمل فحوصات للتأكد من مناعة الفتاة لبعض الامراض الوبائية مثل الحصبة الالمانية، لأن عدم وجود هذه المناعة يعرض الجنين لتشوهات خلقية إذا أصيبت بها الأم وهي حامل، هذا علاوة على تحاليل للخصوبة، علماً بأن كمية الدم التي تلزم لكل هذه الفحوصات لا تزيد عن 10 مليليتر. وهنا أود الاشارة إلى أمرين، أولهما أن الغرض من الفحص الطبي قبل الزواج ليس لاكتشاف المشاكل الصحية فقط، بل إنه يتعدى ذلك إلى إيجاد الحلول لتلك المشاكل، وثانيهما أن سلامة الفحص الطبي قبل الزواج لا تعني بالضرورة ضمان حدوث أمراض وراثية على الاطلاق، إذ ان بعض هذه الأمراض تحدث حتى مع وجود أم وأب سليمين، وهذا يظهر أهمية استشارة ما قبل الحمل عند الرغبة في الانجاب، من أجل تقليل فرص حدوث مثل هذه المشاكل.
* استشاري أمراض النساء والولادة والعقم بالمركز |