إعداد وحوار: خالد الحمود -المنسق الإعلامي في المركز
ينصح أطباء العيون بفحص العينين بطريقة دورية وبشكل مستمر، ويؤكدون على ذلك في حال الإصابة بداء السكري لتأثيره السلبي والخطير على العين، وتعتبر شبكية العين من أهم الأجزاء الداخلية التي تتأثر بمثل هذه الأمراض، وتصاب بما يسمى «بالاعتلال الشبكي»، فكلما كان اعتلال الشبكية متقدماً أصبح من الضروري زيارة الطبيب المختص في طب وجراحة العيون والمؤهل لعلاج مثل هذه الأمراض باستخدام التقنيات والأجهزة الحديثة.
ولحساسية هذا الموضوع التقينا بسعادة الدكتور زكريا الفيصل استشاري طب وجراحة العيون بالمركز ورئيس قسم جراحة العيون بمستشفى قوى الأمن سابقاً للحديث حول علاج الشبكية من خلال الليزر والتقنية الحديثة المستخدمة في ذلك وعلاقة شبكية العين بداء السكري وغير ذلك من المحاور المهمة في هذا الموضوع.
أشعة الليزر تحسن النظر
* نسمع كثيراً عن «أشعة الليزر»، فما هي بوجه عام؟
- الليزر هي أشعة من غاز خامل، ولكنها تحطم الصخر وتذوب الحديد وتزيل الحواجز، وأيضاً تشفي المرضى وتحسن النظر، خصوصاً مرضى السكر وما يصاحبهم من نزيف في الشبكية، أو إنفصال شبكي، وهكذا وكل يوم هنالك إكتشاف جديد وفائدة أكثر لبني الإنسان، وأشعة الليزر قد تكون ضارة وقد تكون مفيدة.
طبقات الشبكية العشرة
* وبماذا تختص أو تتميز الأشعة؟
- الأشعة تمر في جميع الأوساط وتنكسر وتنعكس بنسبة مختلفة، ولا يكون لها أي تأثير إلا إذا امتصت في أحد المستقبلات. وبالنسبة للعين فتمر الأشعة بجميع طبقات العين ولا تشعر بها إلا آخر طبقة من طبقات الشبكية العشرة التي يوجد فيها مستقبلات الضوء التي تحتوي على الصبغة التي تمتص الضوء، ويحوله إلى ذبذبات كهربائية تنتقل إلى العصب البصري ومن ثم إلى المخ، ثم تتم الرؤيا.
الأشعة المباشرة
* ومتى كان اكتشافها؟ وكيف؟
- يحكى أن في زمن الإغريق كان الفيلسوف المشهور أرسطو، الذي كان يقول: «إذا أردت أن تنظر إلى الشمس، فانظر إليها من وراء حجاب، سواء كان ماء أو زجاجا أو أي مادة تحمي العين»، ولقد وجد أن النظر المباشر في عين الشمس خصوصاً عند الكسوف تؤدي إلى حروق في الشبكية عند بعض الناس، مثل الحروق التي تحدث على الجلد عند التعرض للشمس لفترة طويلة في وقت قصير، وهناك مرض معروف يسمى «العمى الناتج عن الكسوف»، ومن هنا بدأ التفكير في الأشعة المباشرة التي تحرق أو تكوي الشبكية. وأخذ أحد العلماء يفكر في كيفية تحضير حزمة ضوئية مباشرة واستعمالها في كي العين، مثلها في ذلك مثل الورقة التي كنا نشعلها ونحن أطفال بالعدسة، واستعمال أشعة الشمس كمادة حارقة، وأخذ هذا العالم بتحضير عدسة معينة تستطيع أن تجمع حزمة ضوئية، وبدأ يجربها على الأرانب ويأخذ عيونها ليفحصها تحت الميكروسكوب، ووجد أن لها تأثيراً عجيباً، ثم فكر في استعمالها على أحد المتطوعين، فذهب إلى أحد المحكومين بالإعدام ثم عمل التجربة، فسلط على عينه الأشعة مباشرة، وبعد إعدامه حصل على عينيه وفحصها تحت الميكروسكوب وخرج بنتيجة مباشرة تبين آثار كي الشبكية من الداخل كأنها جهاز كهربائي، ثم أخذ تغير الليل والنهار يعانده، ففكر بالاستعاضة عن أشعة الشمس باستعمال مصدر ضوء مباشر مثل الفانوس، وبدأ يستعمله ويجربه، ولكن كانت المشكلة هي ظهور الكربون.
التحكم بالأشعة
* وما هو «الغاز الخامل»؟
- اكتشف الغاز الخامل، مثل الزيتون-الكربتون-الهليوم «يستعمل في المنطاد» النيون «ويستعمل في اللمبات» الأرجون - الروبي عندما أحضر صندوق «علبة مغلقة» ووضع بها مرآتان، الأولى تعكس 100% والأخرى تعكس 60%، أي تمرر 40% فقط، ووجها اتجاه مباشر للعين، بعد أن تتحرك الأشعة في ذهاب واياب، وتتضاعف قوتها إلى أن تصل إلى قوة شديدة، وتمر عبر المرآة عن طريق أنبوب ذو ألياف خاصة، ويتم التحكم بالأشعة بثلاث أشياء: الزمن- القوة - مقياس الأشعة، بمعنى آخر لو أردنا أن نحرق ورقة صغيرة «نحيفة ملونة» نعرضها للأشعة لفترة قصيرة، وبحجم معين وبقوة معينة، ولو أردنا فتح جدار أو قطع حديد لاحتجنا إلى فترة أطول وقوة أكبر وحجم النقطة الضوئية أكبر.
نقص الأوكسجين عن الشبكية
* وكيف أمكن توظيف هذه الخطوات والاستكشافات في علاج شبكية العين؟
- إذا أردنا كي الارتشاحات والتغيرات الحاصلة بالشبكية، نتيجة مرض السكر، وهي عبارة عن أوعية جديدة هشة تتكون نتيجة نقص الأوكسجين عن الشبكية، وقد وجد أن هذه الأوعية الهشة تتآكل مع الوقت وتنزف، وهذا النزف المتكرر يفقد العين وظيفتها، ويقل الإبصار مع مرور الوقت، وفي النهاية يؤدي إلى تليف وانفصال الشبكية، ولذلك أستعملت أشعة الليزر لكي «كوي» هذه الشعيرات الدموية الجديدة، وتزيد من التصاقها مع المشيمة، وبالتالي تمنع تكون الشعيرات من جديد، أو بمعنى آخر تقضي على الجزء الطرفي للشبكية، حتى تحافظ على الجزء المركزي مكتفياً بالكمية البسيطة من الأوكسجين.
الطبقة العصبية التي تبطن العين
* وما هو التعريف الطبي لشبكية العين؟
- الشبكية هي الطبقة العصبية التي تبطن العين من الداخل، وتتألف من نهايات عصبية تتلقى الاشعة الضوئية والأجسام المرئية وترسلها الى الدماغ، حيث تتم الرؤية. ونظرا لغزارة الشبكية بالأوعية الدموية فإن تعرض الشبكية إلى انسداد تدريجي بالأوعية يؤدي بالتالي لفقدها وظيفتها الفسيولوجية «الرؤيا».
داء السكري وفقدان البصر
* وما هي علاقة داء السكري بالعين؟
- داء السكري من الامراض التي تصيب الاوعية الدموية في جسم الانسان، مما يؤدي إلى انسدادها التدريجي أحياناً والكامل، وقد تكون الاصابة به في سن مبكر نتيجة خلل في افراز الانسولين من خلايا البنكرياس، أو غالبا في سن متقدم نتيجة ضعف في افراز الانسولين بكميات لازمة للمحافظة على نسبة سكر الدم في المعدل الطبيعي.
وتعتبر المضاعفات العينية لداء السكري ثالث سبب لفقد البصر عند مرضى السكري ما بين 25 إلى 50 سنة من العمر، كما يقدر عدد المرضى المصابين بداء السكري والذين يصابون بالساد «الماء الابيض» في سن مبكرة أكثر من 4 إلى 6 مرات من المرضى غيرالمصابين بداء السكري. والذين يصابون بمرض ارتفاع ضغط العين «الماء الازرق» أكثر بمرتين من مرضى غير المصابين بداء السكري. أي بمعنى آخر أن داء السكري يزيد من نسبة الأمراض العينية الأخرى.
الشلل المؤقت في أعصاب عضلات العين
* وما هي المضاعفات التي تحدث للعين نتيجة تأثرها بداء السكري؟
- من أهم هذه المضاعفات حدوث التهاب طرف الاجفان والرموش المتكرر، والإصابة بشلل مؤقت في أعصاب عضلات العين، وضعف غشاء القرنية الطلائي وتعرضه للخدوش والإصابات، وإصابة قزحية العين بأوعية غير طبيعية قد تؤدي إلى الإصابة بالماء الازرق، واعتلال البؤبؤ الحدقي، وازدياد الاصابة بالماء الابيض، واعتلال الشبكية والمركز البصري، وكأنها تمر على كل طبقات العين.
مراحل تأثر شبكية العين
* وكيف يمكن أن يكون تأثير داء السكري على شبكية العين؟
- يمكن القول بأن هناك ثلاث مراحل لتأثير داء السكري على شبكية العين، فالمرحلة الأولى تكون من خلال اعتلال شبكي بسيط «مبدئي»، وتتميز هذه المرحلة بوجود عقد دموية صغيرة مع ندب نزفيه في طبقات الشبكية، وغالبا لا تؤدي هذه المرحلة إلى ضعف البصر إلا إذا صاحبها رشح في مركز البصر.
والمرحلة الثانية فهي من خلال اعتلال المركز البصري، وذلك نتيجة ترسبات دهنية صلبة أو ناعمة تميل إلى اللون الاصفر نتيجة ترشيحات غير طبيعية من جدران الأوعية الشبكية المتعددة، وهذه المرحلة تؤدي إلى ضعف في البصر.أما المرحلة الثالثة فتكون من خلال اعتلال الشبكية الوعائي «المتأخر»، ويمثل هذا مرحلة متأخرة من مراحل الاعتلال الشبكي السكري، ويتميز بظهور أوعية دموية غير طبيعية في رأس العصب البصري أو في أماكن أخرى على سطح الشبكية أو في القزحية، وقد تنمو داخل الجسم الزجاجي الشفاف، وهذه الاوعية قابلة للنزيف مما يؤدي إلى انعدام الرؤية و أيضاً تؤدي إلى انفصال الشبكية بسبب التليف.
الخطوط السوداء الطائرة
* وما هي الاعراض التي قد يلاحظها المريض وفي نفس الوقت تشير إلى إصابة شبكية العين؟
- قد تمر فترة زمنية طويلة دون أن يلاحظ المريض أي أعراض، ولكن يعتبر حدوث تشويش في الرؤية من الأعراض الدالة على إصابة شبكة العين، وكذلك حدوث بقع أو خطوط سوداء طائرة.
ضبط نسبة السكر
* وما هي أفضل الطرق الوقائية وكذلك العلاجية؟
- داء السكري من الامراض المزمنة التي تؤثر على معظم وظائف الجسم، ومن ضمنها العين، وعلاجه بالدرجة الاولى يعتمد على ضبط نسبة السكر ومعدلاته في الدم.
وهناك الكثير من النصائح والإرشادات العامة والخاصة التي يجب اتباعها لمعالجة اعتلال الشبكية ومضاعفاتها لتجنب الاصابة بفقدان البصر«العمى»، ومن أهمها الفحص الدوري لمرضى السكر والذي يشمل تحليل نسبة السكر ومدى انضباطها، التحكم في نسبة السكر بالدم إما عن طريق الحمية الغذائية، أو الأدوية المنشطة لخلايا البنكرياس، أو حقن الانسولين حسب الحالة.
وقد أثبتت البحوث والدراسات العلمية أن ضبط نسبة السكر في الدم بمعدله الطبيعي أو ما يقاربه يؤدي إلى تخفيف وتأخير نسبة حدوث الاعتلال الشبكي على المدى البعيد.
بالإضافة إلى علاج الامراض الاخرى التي قد تصاحب مرض السكر، مثل ضغط الدم، فقر الدم، ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم. كذلك ممارسة الرياضة وتخفيف الوزن.
علاج الشبكية بالليزر
* وكيف يمكن علاج الشبكية بالليزر؟
- علاج الشبكية بالليزر ينقسم إلى قسمين، القسم الأول من خلال علاج مركز البصر، وذلك لتخفيف نسبة الترشيحات في المركز البصري لمنع تدهور الرؤية والمحافظة على مستوى النظر.
والقسم الثاني من خلال العلاج التام للشبكية، ويستخدم خارج المركز البصري، ويحتاج إلى وقت أطول في العلاج، وقد يصاحبه ألم.
تقليص الاوعية غير الطبيعية
* وما هو الهدف من العلاج بالليزر؟
- الهدف من العلاج بالليزر هو تقليص وتضمير الاوعية غير الطبيعية، وزيادة فعالية الاوكسجين داخل طبقات الشبكية، وتقليل نسبة النزيف داخل الجسم الزجاجي، أو تكوين الالياف غير الطبيعية التي قد تؤدي إلى انفصال الشبكية. وقد يضطر الطبيب إلى إعادة المعالجة أكثر من مرة عند الضرورة. ويخضع المريض قبل الليزر لعدة فحوصات من ضمنها توسع حدقة العين، وتصوير الشبكية بصبغة الفلوراسين لتحديد الاماكن التي تحتاج إلى العلاج بالليزر خصوصا المركز البصري.
تليف في الشبكية
* ومتى يمكن اللجؤ إلى التدخل الجراحي؟
- يمكن اللجؤ إلى التدخل الجراحي في حالة وجود نزيف بالسائل الزجاجي، اذا استمر وجوده لأكثر من ثلاثة أشهر، أو استكشاف أوعية دموية غير طبيعية في مقدمة العين. والهدف من العملية ازالة الدم للتمكن من علاج الشبكية بالليزر في آن واحد.
كذلك في حالة وجود تليف بالشبكية، إذا هدد مركز البصر بالانفصال، والعملية عبارة عن إزالة الأغشية المسببة للتليف لوضع الشبكية، وبالأخص المركز البصري في وضعه الطبيعي. أيضاً عند إزالة الماء الأبيض إذا حجبت الرؤيا أثناء المعالجة بالليزر.
|