إنني أجزم أن بعض من يقرؤني يتخيّل الكرة وهي تسكن الشباك معلنةً هدف المباراة الأول.. ولكن من سجل الهدف ومن سعى خلفه وكيف تحركت الكرة وتناقلتها الأقدام.. كل هذه الأطوار جاءت عن خطّة وتنظيم وتدريب.. وعن سعي حثيث نحو الفوز وتحقيق الهدف.. هذا النظام وهذا الركض «الحثيث» في الحياة الرياضية.. أين هو من الحياة الدراسية قد لا نجده عند بعض الطلاب بل عند بعض الناس في سير حياتهم العملية فالعشوائية والفوضوية تشكّل واقع البعض..
لذا أبعث هذه الكلمات وأطالب أحبائي الطلاب بالكلام الآتي:
* عندما تختار «تشكيلة» معينة ولباساً متناسقاً وتنزل إلى أرض الملعب لتركل الكرة وتحاور الخصم تجد أنك تتحرك بدقة وتتنقل بنظام وتسعى وتركض من أجل أن تسدد هدفاً لتحصل على نتيجة المباراة.. لكن لا نجد هذا التخطيط والاهتمام والتدقيق على أرض المدرسة وبين جنبات الفصل.. لا نجد هذا على أرض طموحك وتحقيق مستقبلك الدراسي والحياتي.
* عندما تبني بناية هل تقف أمام المهندس وتخطط المنزل بطريقة عشوائية أم تضع أمامه مخططاً كاملاً للبناية يسير عليه ويتحرك في البناء من خلاله وفي النهاية تحصل على النتيجة بناية متناسقة منتظمة.. وهكذا الحياة لا تسير بطريقة عشوائية فلابد من التخطيط والتنظيم وتمهيد الطريق حتى تصل إلى الهدف.
* نحن المسلمين لنا هدف سامٍ تفتقده جميع الحضارات ولا تجده سائر الأمم.. نحن المسلمين ما خلقنا عبثاً {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، )مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56 ـ 57] . فهدفنا هو العبادة الخالصة لله ثم { وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77].. عبادة الله هدف أخروي لكن نصيبك الدنيوي كيف تتعامل معه وتبحث عنه هدفك الدنيوي الحياتي كيف ترسمه وتسلك الطرق المستوية المتجهه نحوه والمركّزة عليه.
أحبائي الطلاب انتم الآن بين أسوار المدرسة وداخل قاعات الفصول إلى أين أنتم ذاهبون..؟ هل البعد المستقبلي عندكم لا يتجاوز حدود المدرسة.. والنجاح في مخيلتكم أن تحصل على معدل وتنتقل من فصل إلى آخر.. المدرسة ونجاحاتها جزء من الهدف وليست كل الهدف.
عزيزي الطالب سدِّد.. هدفاً.. واكتب هدفك المستقبلي من الان.. وعش عالمه وتخيلاته من الآن واحسب خطواتك باتجاهه من الآن مثلاً أنت الآن طالب في الأول الثانوي ما نوع التخصص الذي يغذي ميولك ويلبي احتياجات مجتمعك..؟ في أي كلية ستلتحق..؟
وعندما تسجل الهدف وتحدد الاتجاه فحاول أن تجزئ الهدف وتستلذ بما تحقق داخل المضمار من نجاحات ترقى بك إلى هدفك الكبير.. وفي الأخير لا تتصور أن الطريق مفروش بالحرير ومحفوف بالورود فقد يكون الطريق صعباً وعراً وقد يواجهك فيه بعض الفشل لكن هذا الفشل هو طعم ونكهة النجاح.
فأنشتاين صاحب «النسبية» طرد من المدرسة لأنه غبي كما يزعمون و«أديسون» مكتشف الكهرباء فشل خمسة آلاف مرّة والتاجر اليهودي «فورد» كان الناس يسخرون منه وهو يحاول صناعة السيارة حتى جاء بشركة «فورد» والنماذج كثيرة من قصص الناجحين في الحياة الذين تعبوا وفشلوا وكادوا أن يسقطوا ولكنهم في الأخير أناروا الدنيا كما فعل «أديسون».
|