* مكة المكرمة - عمار الجبيري:
برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود افتتح صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة مساء أمس مؤتمر مكة المكرمة الرابع الذي تنظمه رابطة العالم الاسلامي بعنوان (الأمة الاسلامية في مواجهة التحديات) وذلك بمقر الامانة العامة لرابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة.
وقد بدأ الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة بآي من الذكر الحكيم ثم ألقى المنسق العام للمؤتمر الدكتور أحمد المورعي أكد فيها ان الامة تعيش حالة من الوهن والضعف وهي تمر بمنعطف تاريخي لم يسبق أن مرت بمثله مشيراً إلى ان الأمة الاسلامية على مفترق طريقين أما ان تضعف وتعجز وبالتالي تضمحل وتذوب بين الثقافات الاخرى ومن ثم تصبح أثراً بعد عين أو تصمد بأصالتها وثوابتها وتنافس غيرها من الثقافات المعاصرة.
اثر ذلك القيت كلمة الوفود المشاركة في المؤتمر القاها كامل الشريف نوه فيها بدعم المملكة العربية السعودية لرابطة العالم الاسلامي مشيراً الى ان سياسة المملكة القائمة على الوعي والالتزام بالاسلام أولا ثم مد اليد للصداقة والمحبة للانسان حيث يكون وهي تعكس هذه الرسالة التي أرادها الله لهذه الامة وتعهد بحفظها على أساسها.
عقب ذلك ألقى معالي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي كلمة رحب فيها بصاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز على حضوره وافتتاحه لأعمال هذا المؤتمر مشيراً معاليه الى ان الرابطة حرصت على اختيار موضوع هذا المؤتمر التحديات التي تواجه الأمة الاسلامية لضرورة مواجهتها ومعالجة اثارها حيث ان الامة المسلمة تمر في منعطف تاريخي لم يسبق لها الدخول فيه.
ودعا معالي الامين العام لرابطة العالم الاسلامي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن التركي الباحثين والمشاركين في أعمال المؤتمر ان يكونوا أول الناس بما يقال ويعرض فيه وذلك من أجل التقدم بخطوات نحو العمل الجاد المتعاون.
بعد ذلك القى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الاسلامي كلمة أكد فيها انه يجب على أمة الاسلام ولا سيما رجال الفكر والرأي والسياسة نحو هذه التحديات ان ينهضوا بمسؤوليتهم وان يعرضوا دين الله بمحاسنه وفضائله وان يوضحوا للعالم اجمع هذه الشريعة بصورتها الحية التي دل عليها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم ألقيت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ألقاها نيابة عنه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز وفيما يلي نص الكلمة:الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد الذي بعثه ربه بالهدى ودين الحق وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الاخوة الكرام..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد..فيسعدنا أن نرحب بكم حيث تجتمعون اليوم في مهد الرسالة الإسلامية لمناقشة أوضاع أمتنا الإسلامية.شأن الرسالات السماوية واجهت رسالة الإسلام منذ انطلاق نورها من أم القرى التي تجتمعون اليوم في رحابها محاولات شتى لوأد الدعوة وصرف الناس عنها وتفريق المسلمين وتشتيت صفهم ولكن هذا المرام كان صعب المنال فقد أكمل الله دينه وأتم نوره قال تعالى {يٍرٌيدٍونّ أّن يٍطًفٌئٍوا نٍورّ اللَّهٌ بٌأّفًوّاهٌهٌمً ويّأًبّى اللَّهٍ إلاَّ أّن يٍتٌمَّ نٍورّهٍ }.وخلال التاريخ الإسلامي لم تتوقف المحاولات التي من هذا القبيل إلا أن الأمة الإسلامية صمدت بإسلامها الذي ثبتت عليه ووحدة الكيان التي عرفت بها وإن معالجة أوضاع المسلمين المعاصرة تعتمد على قدرة الأمة على تبني منهج شامل للإصلاح إصلاح الذات واصلاح العلاقة مع الله واصلاح العلاقة مع الناس استجابة لأمره تعالى الذي قرن الاصلاح بالإنسان إذ قال سبحانه {ومّا نٍرًسٌلٍ المٍرًسّلٌينّ إلاَّ مٍبّشٌَرٌينّ ومٍنذٌرٌينّ فّمّنً آمّنّ وأّصًلّحّ فّلا خّوًفِ عّلّيًهٌمً ولا هٍمً يّحًزّنٍونّ } .
إن صلاح الذات هو أساس الإصلاح لذلك فلا مناص من معالجة الذات أولاً واصلاح ذات البين في الصف الإسلامي قال تعالى{ فّاتَّقٍوا اللَّهّ وأّصًلٌحٍوا ذّاتّ بّيًنٌكٍمً } واصلاح العلاقة مع الناس ومنع ظلم بعضهم بعضاً ودفع الأذى عنهم والعزم على اصلاح كل مفسدة في حياة الناس قال عز وجل {ومّا كّانّ رّبٍَكّ لٌيٍهًلٌكّ القٍرّى" بٌظٍلًمُ وأّهًلٍهّا مٍصًلٌحٍونّ }.
أيها الإخوة الكرام..
ثمة قضايا يحتاج واقع الأمة الإسلامية الآن إلى التنبيه عليها منها:
القضية الأولى:
عدم فهم الإسلام على حقيقته عند بعض شباب المسلمين وعدم قدرتهم على التعامل مع نصوصه التعامل الصحيح ووقوعهم في إحدى حالتين إما الافراط أو التفريط بينما هو دين اليسر والهدى والرحمة قال تعالى {ونّزَّلًنّا عّلّيًكّ الكٌتّابّ تٌبًيّانْا لٌَكٍلٌَ شّيًءُ وهٍدْى ورّحًمّةْ وبٍشًرّى" لٌلًمٍسًلٌمٌينّ }.
وهذا البيان الواضح هو الذي يعصم المسلمين من الضلال والمروق والغلو وأن عدم فهم الإسلام وفق هذا الارشاد الوسطي الواضح أوجد توجهاً خطيراً لدى البعض وأبعدهم عن سلوك طريق الحكمة والمرفة والتواصل مع الناس وحال بينهم وبين انتهاج سبل الاصلاح بالمعروف قال تعالى {لا خّيًرّ فٌي كّثٌيرُ مٌَن نَّجًوّاهٍمً إلاَّ مّنً أّمّرّ بٌصّدّقّةُ أّوً مّعًرٍوفُ أّوً إصًلاحُ بّيًنّ النَّاسٌ ومّن يّفًعّلً ذّلٌكّ البًتٌغّاءّ مّرًضّاتٌ اللَّهٌ فّسّوًفّ نٍؤًتٌيهٌ أّجًرْا عّظٌيمْا} .
القضية الثانية..
البعد عن النهج الذي اختاره الله للناس فقد شرف الله المسلمين برسالة الإسلام وبين أيدينا ولله الحمد كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم وخير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي رسوله صلى الله عليه وسلم يقول سبحانه وتعالى{ومّا آتّاكٍمٍ الرَّسٍولٍ فّخٍذٍوهٍ ومّا نّهّاكٍمً عّنًهٍ فّانتّهٍوا} ويقول صلى الله عليه وسلم «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي» ولا شك أن العزوف عن تطبيق أحكام الإسلام أضعف المسلمين بينما كفل الله للمسلمين التمكين إذا أطاعوه ووعدهم بالاستخلاف والأمن وذلك بقوله سبحانه وتعالى {وعّدّ اللَّهٍ الذٌينّ آمّنٍوا مٌنكٍمً وعّمٌلٍوا الصَّالٌحّاتٌ لّيّسًتّخًلٌفّنَّهٍمً فٌي الأّرًضٌ كّمّا السًتّخًلّفّ الذٌينّ مٌن قّبًلٌهٌمً ولّيٍمّكٌَنّنَّ لّهٍمً دٌينّهٍمٍ الذٌي الرًتّضّى" لّهٍمً ولّيٍبّدٌَلّنَّهٍم مٌَنً بّعًدٌ خّوًفٌهٌمً أّمًنْا يّعًبٍدٍونّنٌي لا يٍشًرٌكٍونّ بٌي شّيًئْا ومّن كّفّرّ بّعًدّ ذّلٌكّ فّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ الفّاسٌقٍونّ }.
القضية الثالثة
*ر92ر*} وقد ذم الله سبحانه وتعالى المفرقين بقوله تعالى{إنَّ الذٌينّ فّرَّقٍوا دٌينّهٍمً وكّانٍوا شٌيّعْا لَّسًتّ مٌنًهٍمً فٌي شّيًءُ إنَّمّا أّمًرٍهٍمً إلّى اللَّهٌ ثٍمَّ يٍنّبٌَئٍهٍم بٌمّا كّانٍوا يّفًعّلٍونّ }.
أيها الإخوة الأكرام..
إن القضايا التي تواجه الأمة الإسلامية كثيرة ولا سبيل لمعالجتها إلا بالصلاح وبيان الحق للناس وإذ نشكر لرابطة العالم الإسلامية تبنيها هذا الاجتماع لمناقشة قضايا الأمة الإسلامية وطرح الحلول المناسبة لها فإن الأمل في علماء المسلمين الذين اجتمعوا في رابطة العالم الإسلامي أن يتأملوا في واقع الشعوب المسلمة وأن يدققوا في مواضع الخلل في حياتها ووسائل إصلاح هذا الخلل.
وتعلمون أيها الإخوة أنه لن يصلح حال هذه الأمة إلا بما صلح به أولها نسأل المولى عز وجل أن يصلح حال المسلمين ويزيدهم عزاً وتمكيناً وأن يسدد على طريق الحق خطانا وما نقصد من وراء ذلك إلا الخير والإصلاح قال عز وجل {قّالّ يّا قّوًمٌ أّرّأّيًتٍمً إن كٍنتٍ عّلّى" بّيٌَنّةُ مٌَن رَّبٌَي ورّزّقّنٌي مٌنًهٍ رٌزًقْا حّسّنْا ومّا أٍرٌيدٍ أّنً أٍخّالٌفّكٍمً إلّى" مّا أّنًهّاكٍمً عّنًهٍ إنً أٍرٌيدٍ إلاَّ الإصًلاحّ مّا السًتّطّعًتٍ ومّا تّوًفٌيقٌي إلاَّ بٌاللَّهٌ عّلّيًهٌ تّوّكَّلًتٍ وإلّيًهٌ أٍنٌيبٍ} .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
بعد ذلك اختتتمت الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر على أن يواصل جلساته صباح اليوم.
|