قال الله تعالى في كتابه الكريم: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].
دعوة جليلة للعلم مع توقير العلماء وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم وإظهار مرتبتهم وهل هنالك أعظم من عمل المعلم الذي يحمل أسمى الرسالات والذي يدعو عمله إلى البحث والاستقصاء وطلب العلم دوماً.. ليكون جديراً بما أنيط على عاتقه؟!
ومما لا شك فيه أن العملية التربوية التعليمية هي في مقامها الأول عملية بناء والبنية الأساسية فيها هو المتعلم.
ويشكل المعلم الجزء المهم والمعطاء في هذه العملية فبقدر عطاء المعلم وإخلاصه وتفانيه في توصيل المعلومات لطلابه بمهارة ودقة وعلى حسب اختياره أيضاً الوسيلة التعليمية المناسبة يكون نتاج العملية التربوية.
ونرى الآن حركة التطور السريعة التي تشمل كافة ميادين العلم والمعرفة، مما أوجدنا أمام قضية هامة ألا وهي حسن إعداد المعلم الذي يساهم بإيجابية في مسايرة هذا التطور بفكره وعمله ومستوى أدائه.
وبالفعل فنحن لدينا الكثير من المعلمين الفاعلين الذين يديرون أعمالهم بجد وأمانة وإخلاص ويحققون النتائج المرجوة على المستوى المطلوب، ولكن هذا ليس كافياً فنحن نريد المزيد والمزيد من المعلمين المجدين في أداء رسالتهم التربوية العظيمة، أما عن أهم المعايير والشروط الواجب توافرها في المعلم والتي نحن في أمس الحاجة إليها فمنها:
* المعلم الجيد يكون لديه الدافع والوازع الديني الذي يحفزه داخلياً على العمل والبحث والاستقصاء للارتفاع بمستوى طلابه نحو الهدف المنشود فيعمل دوماً على غرس وتأكيد التعاليم الإسلامية القويمة في نفوس طلابه وهذه هي نقطة البداية التي تبنى عليها كافة المفاهيم العلمية والتربوية وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».
* على المعلم أن يكون قدوة وأسوة يقتدي بها الطلاب في عاداته وسلوكياته وأخلاقه؛ فالمعلم يحمل دوراً توجيهياً مؤثراً بأخلاقه وجميل صفاته مما يحبب الطلاب إليه لأن المعلم الناجح هو من وافق قوله عمله. ومن المعلوم أن الفعل دائماً يكون أقوى من الكلمة وليس معنى ذلك أننا نقلل من شأن النصح والتوجيه لكن ما أجمل أن يطابق قول المعلم فعله ليكون جديراً بالاحترام والتقدير.
* إلى جانب ذلك نحن أيضاً بحاجة للمعلم الذي يحسن معاملة طلابه فيعاملهم بالرفق والحلم ولين الجانب لأن ذلك من أهم صفات المعلم الجيد ولما في ذلك من تواصل وتآلف متبعاً في ذلك الأساليب التربوية السليمة في معاملة طلابه، ذلك أن طيب الكلام وطلاقة الوجه من صفات المعلم الناجح الواثق من أدائه.
* والمعلم الذي يخشى الله هو ذلك الذي يخلص في عمله فيراعي ما بين طلابه من فروق فردية فيستخدم الطريقة المناسبة بجانب الوسيلة التعليمية المناسبة ويعيد على طلابه شرح وتوضيح كل ما يصعب عليهم فهمه ضارباً في ذلك الأمثلة ومبسطاً ومحللاً.
ثم إن المعلم بشر والبشر يصيب ويخطئ فإن أخطأ المعلم أمام طلابه «فالحق أحق أن يتبع» فلا بأس أن يرشد طلابه إلى موضع الخطأ ويصوبه لهم إن هو عرفه بعد ذلك.
كل هذه الصفات الحميدة نستسقيها ونستخلصها من ديننا الحنيف الذي يحثنا دوماً على العمل وطلب العلم وإخلاص النية لله في كل ما نؤدي من أعمال.
|