دأب صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض سلمان بن عبدالعزيز على رعاية الخير ومستحقيه وفاعليه على السواء، ولذا عُهد إلى سموه زمام الكثير من الجمعيات والهيئات الخيرية.
وقد امتد القيام والإسهام بتلك الأعمال الخيرية من قبل أبناء سموه أيضاً وذلك تمشيا مع هدي التعاليم السمحة والقيم النبيلة التي حث عليها الإسلام، ومن جملة الأعمال الخيرية لآل سلمان تأسيس جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، وتهدف هذه الجمعية إلى الارتقاء بمستوى الرعاية التي يحتاجها مرضى الفشل الكلوي ومساعدتهم وتأمين كافة مستلزمات العلاج التي يحتاجونها والعمل على تطوير البحوث العلمية التي من شأنها النهوض بتلك الرعاية ودراسة السبل الكفيلة بتخفيف حدة هذا المرض والتقليل من نسب المصابين به، وذلك بوضع برامج التوعية والوقاية الخاصة بأمراض الكلى وزراعتها، كما تسعى الجمعية منذ إنشائها إلى تنظيم برامج التبرع بالأعضاء.
ومنذ تأسيسها وحتى الآن، استطاعت الجمعية ان تحقق أهدافها وفقاً لما رسم وخطط لها، ولم يقتصر عملها على مدينة الرياض، بل فاقت هذا النطاق، حيث وجه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان رئيس مجلس إدارة الجمعية بأن تشمل خدماتها كافة مناطق المملكة، مؤكداً سموه بذلك حرصه على خدمة المجتمع السعودي في مختلف أرجاء الوطن، وقد تشكلت اللجان الخاصة لتفعيل توجيه سموه، حيث بدأت تلك اللجان في إبراز مهام الجمعية المناطة بها على مستوى مناطق المملكة من مدن وقرى وهجر.
وقد حرص سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان على وضع الخطط المناسبة التي من شأنها تحقيق مسعى الجمعية في شمولية الخدمة لكافة الوطن.
وإدراكا من سموه للدور الكبير للأبحاث العلمية في مجال أمراض الفشل الكلوي وما يمكن ان تقوم به تلك الأبحاث في التخفيف من نسبة هذا المرض الذي وصل في تقديرات الجمعية الجديدة إلى (9%) كزيادة سنوية، فضلا على وجود (8500) مريض بالفشل الكلوي، كل ذلك جعل سمو الأمير عبدالعزيز يتخذ من الأبحاث عنصراً مهماً في تذليل الصعاب التي تواجه عمل الجمعية.
وعند استعراض الأنشطة المكثفة التي تقوم بها الجمعية يتضح لنا عظم المسؤولية التي تقع على سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان على الرغم من مهامه المتعددة بوزارة البترول والثروة المعدنية كون سموه وكيلا لشؤون البترول فيها، وإن تقدير سموه لهذا الدور وشعوره بالحق القائم علينا تجاه مرضى الفشل الكلوي هو ما يدفعه بصدق لرعاية هذه الجمعية والتخطي بها نحو النجاح الذي هو ضالتنا، وتحقيق المراد النبيل من تلك الجمعية.
وخير استدلال يمكن إيراده على ذلك هو ما قام به سموه مؤخرا من توقيع «اتفاقية بين جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية ووزارة الصحة» حيث جاءت تلك الاتفاقية مواكبة لأهداف الجمعية ووزارة الصحة معا، إضافة إلى ما تضمنته تلك الاتفاقية من تنظيم تلقي التبرعات ودعم مراكز الكلى بالمملكة.
لقد حرصت الجمعية على أن تعمل جنباً إلى جنب مع الجهات المختصة حتى يكون العمل المشترك أكثر فاعلية وأكثر جدوى لقد حرص الأمير عبدالعزيز بن سلمان على توحيد الجهود وتعاضد القدرات في مجال خدمة مرضى الفشل الكلوي، وقد أثمر هذا التوجه أخيراً عن توقيع تلك المذكرة والتي تضمنت إسهام الجمعية بما تملك من إمكانات للصرف على مراكز غسيل الكلى القائمة حالياً بمناطق المملكة من أجهزة ومعدات طبية وغيرها، في الأماكن الأكثر حاجة، وفقا للخطة العملية المقدمة من الجمعية.
وقد جاءت تلك المذكرة مؤكدة على أهمية التنسيق بين وزارة الصحة وبين المحسنين والراغبين في التبرع بإنشاء مراكز لغسيل الكلى، والتحقق ابتداء من دوام الانفاق المالي على تشغيل تلك المراكز واستمرار عملها الخيري، وذلك بحث المتبرع على تخصيص جزء من تبرعه أو تعيين وقف أو إيجاد متبرع آخر؛ للايفاء بنفقات التشغيل بعد ذلك، ولعل هذا البند من أهم البنود التي تعكس بعد نظر سمو الأمير عبدالعزيز حيث حرص سموه على تضمينها بالمذكرة، وبحكم دور الجمعية في رعاية فئة مرض الفشل الكلوي، فقد كان لزاما عليها أن تنظم هذا الشأن باتفاقية تحكم الأعمال المتعلقة بالتبرعات وما يتبعها من التزامات كانت تعد قبل هذه الاتفاقية معضلة أمام وزارة الصحة في ظل إمكانياتها المحدودة، ولذا رأى سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان وجوب ترشيد هذه التبرعات والاستفادة منها على الوجه الأمثل وتوفير الموارد المالية أو الفنية القادرة على تشغيل تلك المراكز المنشأة تبرعا من أهل الإحسان والبر، وأن توجه سموه في ذلك هو الامتثال للمهمة الموكلة للجمعية والنموذج الأمثل لتحقيق ما أُنشئت لأجله وهو الخدمة الأفضل لمرضى الفشل الكلوي وتقليص المصابين بذلك المرض وان ما دفع سموه إلى تضمين المذكرة لهذا البند هو قناعة سموه بأن القضية الأهم لا تتمثل في ايجاد تلك المراكز فحسب وإنما تتجاوز ذلك إلى تشغيل وصيانة تلك المراكز وهذا ما نعاني منه في الوقت الحاضر.
إضافة لذلك، تضمنت المذكرة تحديد أولوية المناطق الأكثر حاجة لإنشاء مراكز خيرية جديدة لغسيل الكلى بكافة مناطق المملكة، حيث تقوم الجمعية بهذا الدور بعد التنسيق مع وزارة الصحة، وهذا ما يقلل من العبء على وزارة الصحة، وما كان لهذه الخطوة ان تظفر بالنجاح لولا حرص سموه الموفق بعون الله. في وضع هذه المذكرة كخطة عمل واضحة يستشرف نجاحها من الآن، فهي ذات غرض إنساني رفيع، يجدر بنا ان نرعاه معا، وان نسعى يدا بيد للنهل من غاياته وأهدافه التي ستعود على المجتمع كافة بالفائدة المرجوة، ولا شك ان سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد وضعنا بهذه المذكرة أمام مسؤولية مشتركة في خدمتها على الدوام.
وإنني إذ أختم مقالي هذا بتهنئة سموه ووزارة الصحة على هذه الاتفاقية الطبية، فإنني أثني على كافة جهوده الخيرة، رغم التزاماته العملية المضيئة التي لم تثنه عن عمل الخير ومساعدة المرضى وذوي الحاجة، وهو نهج تشرَّبه سموه من سمو والده وسار عليه هو واخوانه، ولا نملك هنا أن نقول سوى: بقي الخير ما بقي آل سلمان، وما بقي أهله.
|