Saturday 24th January,200411440العددالسبت 2 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الشهيدة عائشة عبسي..أهالي قرية قبية كانوا ينتظرونها طبيبة فعادت شهيدة الشهيدة عائشة عبسي..أهالي قرية قبية كانوا ينتظرونها طبيبة فعادت شهيدة

  * رام الله-نائل نخلة:
بالفعل هذا ما حدث مع الشهيدة عائشة علي حسن عبسي 18 عاما من قرية قبية إلى الغرب من مدينة رام الله، فقد عادت إلى قريتها شهيدة بعد أن كان من المقرر أن تسافر قبيل استشهادها إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإكمال دراستها الجامعية في مجال الطب وتصبح من أوائل الأطباء في القرية.
فقد منعها جنود حاجز عين عريك العسكري المقام على مدخل مدينة رام الله من الجهة الغربية من المرور والوصول إلى مدينة رام الله لإجراء غسيل الكلى، الذي كانت تحتاج إليه الشهيدة بشكل متكرر، كما ألقى الجنود قنبلة من الغاز السام داخل سيارة الأجرة التي كانت تنقلها وعائلتها إلى المدينة بعد أن رفضوا الرجوع، مما أسفر عن استشهادها على الفور.
معاناة وسط كابوس الحواجز.
يقول شقيق الشهيدة أمجد عبسي 25 عاما خرجنا في بداية الأسبوع في يوم السبت كان السابع عشر من أيار/ مايو، ففي تلك الأيام أعادت قوات الاحتلال اجتياح كامل مدن الضفة الغربية وكانت تفرض عليها حظرا للتجوال بشكل متكرر، وكانت تمنع الأهالي من القرى المحيطة من الوصول إلى رام الله.
كنا نعلم ذلك جيدا لكننا كنا مضطرين للخروج لإجراء غسيل الكلى الدوري الذي لا بد منه، أعادنا الجنود الحاقدون من على الحاجز لم يسمحوا لنا يوم السبت بالاقتراب من الحاجز بل أطلقوا قنابل الصوت والعيارات التحذيرية لدفعنا على العودة من حيث أتينا.قررنا عند ذلك العودة والعودة في اليوم التالي إلى نفس الحاجز ربما ترق قلوب المجرمين ويسمحوا للمرضى بالمرور ولكن دون جدوى، عندها أخبرنا السائق أنه يوجد طريق فرعي يمكن الوصول منه إلى مدينة القدس، عزمنا ونظرا لخطورة الحالة التي وصلت إليها شقيقتنا السير في هذه الطريق للوصول إلى مدينة القدس لإجراء غسيل الكلى، لكن حاجزا احتلاليا آخر تواجد بالقرب من قرية خربثا المصباح غرب مدينة رام الله منعنا من المرور، بحجة وجود «طوق أمني شامل مفروض على الضفة الغربية وقطاع غزة».
عدنا أدراجنا إلى البيت نجر أذيال خيبة الأمل والحيرة مما حدث معنا ولم نستطع فعل شيء لمعاناة أختي المستمرة منذ ثلاثة أيام، يوم الأربعاء قررنا التجربة ثانية عل جنود الاحتلال يسمحون لنا بالمرور هذه المرة، لكن حاجزا أقيم عند مدخل قرية كفر نعمة حال دون وصولنا إلى حاجز عين عريك الذي يفصل مدينة رام الله عن أكثر من 30 قرية فلسطينية تقع غربها.
شهيدة الحواجز: تفاقمت حالة عائشة، وأصبحت لا تقوى على الكلام، بدت عليها علامات الإرهاق والتعب، وصل الأهل مرحلة أحسوا أنهم سيفقدون ابنتهم إذا استمر الوضع على ما هو عليه، يجب نقلها على الفور للمستشفى فحالتها أصبحت خطيرة.
قرر الأهل الاتصال بسيارة إسعاف للحضور من رام الله لنقلها، ولكن جنود الاحتلال الذين تواجدوا على ذات الحاجز اللعين منعوا السيارة من الخروج من مدينة رام الله، فقام الأهل بالاتصال بإسعاف بلدة نعلين القرية لكنها لم تحضر أيضا.
عندها قرر الأهالي إحضار سيارة تقلها إلى المستشفى مهما كلفهم الأمر، نجحوا في الالتفاف حول حاجز كفر نعمة، عبر الذهاب إلى قرية صفا ومنها إلى قرية دير ابزيع التي يوجد على مدخلها الحاجز.فور وصولهم قام جنود الاحتلال بتوجيه أسلحتهم نحو السيارة وطلبوا منها العودة، لكن الأهالي حاولوا الحديث مع الجنود وطلبوا الاقتراب منهم لشرح الأمر لهم فرفضوا، استمرت المفاوضات ما يقارب الربع ساعة وهو ما أزعج جنود الاحتلال على ما يبدو.
فقاموا بإطلاق عيارات نارية في الهواء كي نفر من المكان، لكننا صممنا على المرور مهما كلفنا الأمر، فألقى جندي حاقد من جعبته قنبلة من الغاز السام اخترق السيارة من أحد فتحاتها، وأسفرت عن تفاقم حالة عائشة المرضية، وبالتالي استشهادها على الفور.
أهل القرية لا يعلمون هل هي شهيدة أم لا حضر طبيب القرية للكشف عليها، وأكد لهم أنها استشهدت بفعل الغاز السام الذي أطلقه جنود الاحتلال ولم تقو على تحمله.وعادت شهيدة بدلا من طبيبة؛ كان الجميع ينتظرون ليروا ما هو مستقبل هذه الشابة اليافعة المفعمة بالحيوية والحياة، كان ينتظرون عودتها من أمريكا قبل أن تسافر إليها، وذلك نظرا لاجتهادها في مدرستها وفي تحصيلها العلمي رغم مرضها.
تقول والدتها: كانت عائشة تحب النشاطات الاجتماعية التي تقام في القرية وكانت تشارك فيها بل كانت من أنشط فتيات القرية بها، كانت مليئة بالعطاء تحب أن تعطي كل ما تعلمه للناس.
بعد وفاتها افتقدها عشرات الطلاب والطالبات الصغار الذين كان يتلقون دروسا في اللغة الإنجليزية على يديها، حيث كانت بمثابة المعلم المثالي القادر على تعليمهم مادة من أكثر المواد التي يواجه فيها الطلبة صعوبات في الدراسة. كانت تحلم أن تعود إلى القرية طبيبة كبيرة تداوي المرضى والمصابين الذين غالبا ما يضطرون للذهاب للعلاج في القرى المجاورة بسبب عدم وجود مركز طبي في قريتهم.
تضيف الوالدة وهي تسترجع شريط ذكرياتها الأليمة حول ابنتها: كانت أكثر أولادي حنانا، وعكفت دوما على تقديم المساعدة للمسنين من القرية والحديث معهم خصوصا المسنات حيث تعلمت منهن فن التطريز وأتقنته. بموتها قتلوا حلم العائلة بأكملها الذين طالما انتظروا أن تصبح ابنتهم في الثانوية العامة وتجتازها بتفوق، وطالما حلموا أن تنتقل للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية لتعود إليهم طبيبة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved