Saturday 24th January,200411440العددالسبت 2 ,ذو الحجة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المنشود المنشود
الجمال المنقوص
رقية الهويريني

ان التعليم، والثقافة، والتربية الاسرية والاجتماعية تؤلف في مجموعها منظومة في مفردات الوعي الذي يعد مسؤولية جماعية يتحملها الجميع، وغياب هذا الوعي يدل على ضعف في مقومات التكوين النفسي والاجتماعي، وما نلمسه او يشاهده غيرنا من انعدام الوعي لدى شريحة كبيرة من المسلمين يعكس الوضع المتدني الذي تعيشه الشعوب الاسلامية! ولا نعدو الحقيقة حين نقول ان ذلك من ضمن الامور التي ادت الى تشويه صورة الاسلام عند الغرب، وحري بالفرد المسلم ان يكون متمسكاً بالصورة المثالية للاسلام المتمثلة بالنظافة واتباع النظام في كل مكان وزمان، وحسن التعامل والادب والسلوك الحسن قولاً وعملاً وهذه الخصال من الامور التي حث عليها ديننا الحنيف وذكرت في مواضع عديدة في القرآن الكريم {يّا بّنٌي آدّمّ خٍذٍوا زٌينّتّكٍمً عٌندّ كٍلٌَ مّسًجٌدُ} كما ان السنّة المطهرة اكدت على ذلك الوعي فضلاً عن سيرة السلف الصالح من المسلمين في صدر الاسلام ومافيها من مواقف تشهد بأسبقية الاسلام لهذا الوعي الاسلامي المثالي.
ومن هيأ الله له الحج او العمرة يلحظ ويأسف ان الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة من اكثر المواقع التي يتجسد فيها انعدام الوعي حيث يشاهد الكثير من الصور والمواقف السلبية التي يمارسها بعض الحجاج فالحاج لايكاد يفرق بين قدسية هذا المكان وغيره وبالتالي يمارس تصرفات ويرتكب اخطاء سلوكية ويتفوه بكلمات بعيدة عن التهذيب تخالف السلوك الاسلامي المفترض في هذا المقام المبارك! ومن اشكال هذه المخالفات اعتياد البعض الاكل والقاء المخلفات وبقايا الاطعمة والبعض الآخر لم يبال بقدسية المكان فاحضروا اطفالهم الرضع وانشغلوا عن العبادة برعايتهم او اهملوهم لاجل اداء الركن، ناهيك عن التسابق ومضايقة الآخرين والازدحام المتعمد عند ابواب الحرم وفي الطواف والسعي، واثناء رمي الجمرات، وعدم مراعاة كبار السن والمعاقين الذين يتطلب وجودهم الرأفة والرحمة، فضلاً عن اتخاذ الحرم مسكناً واقامة بشكل غير مقبول حتى اصبح من المألوف ان تشاهد اشخاصا يفترشون الشوارع وينامون افرادا وجماعات داخل الحرم او بالمشاعر المقدسة ولاسيما قرب المكان المخصص لرمي الجمرات في مشاهد غير حضارية لاتليق بالمسلمين! مع تعريض انفسهم للخطر، وما تشكله ظاهرة الافتراش من مظهر سيىء حيث ذكرت الاحصائيات الصادرة من وزارة الحج ان نسبة كبيرة من حجاج الداخل من المواطنين والمقيمين افترشوا الارصفة والطرقات في هذه المشاعر المقدسة في موسم حج العام المنصرم نتيجة عدم وجود مخيمات خاصة بهم في اشارة الى ان هذه الاعداد غير النظامية من حجاج الداخل لم يتعاقدوا مع الشركات والمؤسسات المختصة بالحج، وعليه لابد من تكريس مفهوم النظافة في الحج كونها مطلبا شرعيا وصحيا، اضافة الى انها تعكس حضارة الامم وتتأكد الحاجة لها في ايام الحج، فينبغي الاهتمام بتوعية الحاج باهمية النظافة لما لعلاقة ذلك بالصحة والحماية من انتشار اية اوبئة او امراض قد تؤثر عليه ولا تمكنه من اداء حجه، وحماية بيئة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة من التلوث، كما لابد من قيام وزارة الحج بإلزام مؤسسات الطوافة بضرورة تقديم النصح للحجاج وتوعيتهم بمراعاة النظافة والحرص عليها، وعلى الوزارة مسؤولية التنسيق مع حكومات الدول الاسلامية وسفارات المملكة في الخارج بعمل ندوات ومحاضرات توعوية للحجاج في بلدانهم توضح فيها الطرق السليمة التي بها يؤدي الحاج مناسكه بكل يسر وسهولة، وبعد وصولهم للمملكة يحسن بالحملات ومؤسسات الطوافة توفير المناخ الملائم للعبادة وبث الوعي الديني والسلوكي داخل المشاعر والتنبيه للمخالفات الشرعية وحث الحجاج على استغلال الوقت لاداء الشعيرة، فأيام الحج قليلة وسريعة، وقد لاتتكرر في ايام العمر القادمة مرة اخرى، وكثير من الاخوة المسلمين عقد النية للحج والعمرة وتكبد مشقة السفر الى البلاد المقدسة ودفع مبالغ طائلة ولكنه في النهاية يجد نفسه وقد خدش حرمة المقدسات واساء الى اخوانه الحجاج بتصرفات سلبية وكلمات سيئة، وشوه المعالم الحضارية التي وفرتها له الدولة لتسهيل مهمة الحجاج واداء مناسكهم.
ولاشك ان مهمة التوعية الدينية والسلوكية وخاصة في هذه الاماكن المقدسة شاقة وكبيرة، بيد ان صعوبتها لا يعني استحالتها بل إنها فرصة سنوية لتقويم انحرافات، وتغيير منكرات، وتصويب مفاهيم شرعية، وسلوكيات خاطئة، تحقيقاً لقوله تعالى {كٍنتٍمً خّيًرّ أٍمَّةُ أٍخًرٌجّتً لٌلنَّاسٌ تّأًمٍرٍونّ بٌالًمّعًرٍوفٌ وّتّنًهّوًنّ عّنٌ پًمٍنكّرٌ} وهي مهمة جليلة يجدر ان نفخر بالقيام بها، وأكرم بها من مسؤولية!

ص.ب 260564 الرياض 11342


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved